بعد حوادث مرورية والتعرض لبايدن... حشرات الـ«زيز» تنهي غزو أميركا

مجموعة من حشرات الـ«زيز» عُثر عليها بحديقة منزل في كولومبيا بولاية ميريلاند الأميركية (أ.ب)
مجموعة من حشرات الـ«زيز» عُثر عليها بحديقة منزل في كولومبيا بولاية ميريلاند الأميركية (أ.ب)
TT

بعد حوادث مرورية والتعرض لبايدن... حشرات الـ«زيز» تنهي غزو أميركا

مجموعة من حشرات الـ«زيز» عُثر عليها بحديقة منزل في كولومبيا بولاية ميريلاند الأميركية (أ.ب)
مجموعة من حشرات الـ«زيز» عُثر عليها بحديقة منزل في كولومبيا بولاية ميريلاند الأميركية (أ.ب)

بعدما تسببت في حوادث مرورية، وتجرأت حتى على التعرض لرئيس أكبر قوة عالمية، أنهت حشرات الـ«زيز» غزوها هذا العام، بعدما اجتاحت بالمليارات مناطق شاسعة في الولايات المتحدة، في حدث لا يتكرر سوى مرة كل 17 سنة؛ وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقد خرجت جحافل الـ«زيز» بين أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضي في ولايات عدة بالشرق الأميركي، مثل ميريلاند وأوهايو، إضافة إلى العاصمة الفيدرالية واشنطن.
وعلى مدى أسابيع، عاشت هذه الحشرات كأسلافها قبلها؛ إذ خرجت من الرمل وهي يرقات بعد التنقل داخل أنفاق حفرتها بعناية، ومنذ بدء درجات الحرارة في الارتفاع تحوّلت وتزاوجت ووضعت بيوضها للحفاظ على جنسها، ثم فارقت الحياة.
لكن خلال هذه الفترة، تنقلت حشرات الـ«زيز» بين الأشجار وتصادمت مع البشر أو حتى تحوّلت لمكوّن غذائي في أطباقهم.
وقد تكون اللحظة الأبرز خلال غزوة هذا العام في 9 يونيو (حزيران) الحالي يوم مغادرة الرئيس الأميركي جو بايدن في أول رحلة رئاسية له إلى الخارج، وقد ظهر بايدن يطرد حشرة «زيز» كانت جريئة بما يكفي لتحط على عنقه، قبل أن يطرحها أرضاً، ومازح بايدن الصحافيين قائلاً: «انتبهوا من حشرات الـ(زيز). لقد تعرضت لهجوم من إحداها. هي تمكنت مني».
وعشية ذلك، هاجم سرب من هذه الحشرات، التي كانت تتنقل بأعداد كبيرة لدرجة أنها ظهرت على رادارات الأرصاد الجوية، محركات الطائرة التي كانت ستقل عشرات المراسلين المرافقين للرئيس الأميركي في جولته، مما أرغمها على البقاء ساعات عدة على المدرج، قبل الاستعانة بطائرة أخرى في نهاية المطاف.
ورغم أن حشرات الـ«زيز» غير مؤذية إجمالاً، خلافاً للجراد، فإنها قد تسبب مشكلات، كما حدث في سينسيناتي بولاية أوهايو.
وكتبت شرطة المدينة في 7 يونيو الحالي على «فيسبوك»: «تاريخياً؛ يترافق كل ظهور (لحشرات الزيز) مع حوادث مرورية عدة تُنسب لها. وقد حدث الأمر عينه هذا العام».
وأضافت: «مساء اليوم؛ صادف شاب سرباً ضخماً من الـ(زيز) خلال قيادته السيارة. ودخلت إحداها إلى السيارة من نافذة مفتوحة واصطدمت بوجهه؛ مما أفقده التركيز لبرهة من الوقت. وقد اصطدم بعدها بعمود كهرباء».
ودعت قوات الأمن السكان إلى «التنبه وإبقاء النوافذ مغلقة إلى أن ترحل هذه الصديقات الصغيرات ذوات الأعين الحمراء».
وقد دقت ساعة رحيل هذه الحشرات فعلاً في مناطق عدة؛ حيث لم يعد يُسمع أي صوت لها، وبات يمكن رؤية حشرات نافقة على الأرصفة في كل مكان. وبات نفوق باقي هذه الحشرات مسألة وقت.
وحان الوقت للبدء في تقييم هذا الموسم؛ بحسب علماء الحشرات.
ويوضح جون كولي، من قسم «علم الأحياء التطوري والبيئة» في جامعة كونيتيكت في هارفارد، وهو صاحب مشروع لوضع خريطة لهذه الحشرات: «يبدو أنها وسعت حضورها في بعض المواقع، فيما انحسر وجودها في مواضع أخرى. كما أن مراجعة البيانات المتوفرة بشأنها ستستغرق بعض الوقت».
ويقول مايكل راوب، من قسم علم الحشرات في جامعة ميريلاند: «حيث اقتُلعت الأشجار وحلت محلها مساحات مبنية، ذهبت حشرات الـ(زيز) من دون عودة. في المقابل، حيث عادت الأراضي الزراعية لتصبح حدائق أو مواقع سكنية، وحيث زُرعت أشجار، ثمة مزيد من هذه الحشرات».
أما التغير المناخي «فسيؤثر عليها بلا شك، لكن لا نعلم بأي طريقة تحديداً»، بحسب كولي.
ويشير راوب إلى أن ارتفاع درجات الحرارة «سيتيح لحشرات الـ(زيز) توسيع حضورها أكثر شمالاً» وقد تشاهَد «في وقت أبكر خلال السنة»، ويقول إن بعض هذه الحشرات قد يظهر بوتيرة مرة كل 13 سنة بدل 17 سنة.
وقد غذى وجود الـ«زيز» هذا الربيع أسئلة وجودية في ظل وباء «كوفيد19» وجهود التطعيم للسيطرة عليه؛ إذ لم يتوان البعض عن التساؤل عما سيكون عليه وضع البشرية خلال الغزو المقبل لهذه الحشرات. وللحصول على الإجابة، يتعين الانتظار حتى سنة 2038؛ وربما قبل ذلك.


مقالات ذات صلة

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

بيئة جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

تشكل الفكرة القائلة إنّ «المناطق الزرقاء» المشهورة في العالم بطول عمر سكانها وارتفاع نسبة المعمرين فيها، مجرد خدعة تستند إلى بيانات غير صحيحة؟

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثّلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (باريس)

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.