حكايات العائلة تسيطر على جوائز «الإسماعيلية»

غياب الأفلام المصرية عن المنافسة في الدورة الـ22

حفل ختام مهرجان الإسماعيلية (إدارة المهرجان)
حفل ختام مهرجان الإسماعيلية (إدارة المهرجان)
TT

حكايات العائلة تسيطر على جوائز «الإسماعيلية»

حفل ختام مهرجان الإسماعيلية (إدارة المهرجان)
حفل ختام مهرجان الإسماعيلية (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة مساء أول من أمس، دورته الـ22 وذلك في حفل مفتوح أُقيم على شاطئ قناة السويس (شرق القاهرة)، وقد تمكنت كل من سوريا والسودان والعراق من اقتناص الجوائز الأفضل، بينما حصلت أفلام من المغرب وفلسطين على تنويهات خاصة، فيما غابت السينما المصرية عن مسابقات المهرجان المتنوعة، لتعكس تراجعاً إنتاجياً طال أيضاً الأفلام الوثائقية والقصيرة، حسب نقاد.
الإنتاج المشترك
وسيطرت ظاهرة الإنتاج المشترك على أفلام المهرجان الذي تقيمه وزارة الثقافة المصرية ويرأسه الناقد عصام زكريا، حيث عُرضت أفلام شاركت في إنتاجها عدة دول، ومنها الفيلم الوثائقي الطويل «خريطة أحلام أميركا اللاتينية» الذي شاركت في إنتاجه كل من الأرجنتين والمكسيك والنرويج وإسبانيا والبرتغال، وفيلم «السلوك المثالي» الذي أنتجته كل من ليتوانيا وسلوفينيا وبلغاريا وإيطاليا وفرنسا، ما يؤكد ارتفاع ميزانيات الأفلام الوثائقية بشكل كبير، كما سيطرت أيضاً أفلام العائلة التي تروي وقائع عائلية تخص صناعها على غرار الفيلم السوري «قفص السكر» للمخرجة زينة قهوجي، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم، الذي يوثّق الحياة اليومية لوالدَي المخرجة المسنَّيْن خلال ثماني سنوات من الحرب، حيث يعيشان حالة من العزلة والقلق والترقب، في ظل انفجارات متتالية ويعانيان من انقطاع الكهرباء المستمر، ولكنهما يتمسكان بالحب الذي يجمعهما، لتعكس من خلاله كيف تمضي الحياة بالسوريين المقيمين في بلادهم في ظل هذه الأوضاع، ويعد هو الفيلم الوثائقي الطويل الأول للمخرجة الشابة بعد أن أخرجت عدداً من الأفلام القصيرة، وعبّرت الناقدة السورية د.لمى طيارة التي تسلمت جائزة الفيلم لظروف سفر المخرجة إلى بلجيكا عن سعادتها بهذا الفوز، مؤكدة أن «الفيلم يعبر بصدق عن حال السوريين تحت وطأة الحرب».
فيما ذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم «خريطة أحلام أميركا اللاتينية» للمخرج مارتن ويبر الذي طلب من البعض كتابة أحلامهم بالطباشير على سبورة صغيرة وصوّرهم بعد عقود، ويتساءل ويبر عمّا إذا كانت هذه الأحلام قد تحققت أم لا، وقدمت لجنة التحكيم تنويهاً للفيلم العراقي «القصة الخامسة»، والفيلم الفلسطيني «قفزة أخرى».
وفاز فيلم «عمي تودور» الذي شاركت في إنتاجه كل من المجر والبرتغال ورومانيا وروسيا على جائزة أفضل فيلم تسجيلي قصير، وفيه تعود مخرجة الفيلم أولغا لوكوفينكوفا لبيت جدها حيث مرت بأحداث مؤلمة تركت بصمة عميقة في ذاكرتها، وفاز الفيلم البرازيلي «كشك الجنة للصحف والمجلات» بجائزة لجنة التحكيم الذي يستعرض مخرجوه حاضر البرازيل من خلال بائع الصحف الذي يحلم بتغيير الحياة عن طريق اليانصيب.
فوز سوداني
وفي مجال الأفلام الروائية القصيرة والتحريك التي ترأّسها الفنان التشيلي توماس ويلز، وضمّت السيناريست تامر حبيب، والناقد المغربي عبد الإله الجوهري، والمخرج بنيامين كورتيشي (من مقدونيا)، والروسية إيلينا كورزيفا، فاز الفيلم السوداني «الست» بجائزة أفضل فيلم، ويروي قصة الفتاة السودانية «نفيسة» التي يخطط الجميع لتزويجها ولا يعبأ أحد بما تخططه هي لمستقبلها. كما حصل الفيلم الفلسطيني «إجرين مارادونا» على المركز الثاني ودارت أحداثه خلال كأس العالم عام 1990 حيث يبحث صبيان فلسطينيان عن أرجل مارادونا من أجل استكمال ألبوم كأس العالم والفوز بلعبة الأتاري.
وفي مجال الرسوم المتحركة فاز الفيلم البلجيكي «كاروسيل» في المركز الأول، والفيلم البريطاني «اضغط على هذا الزر إذا شعرت بالهلع» على المركز الثاني، والفيلم الجزائري «ذكريات» على المركز الثالث.
نجوم في أفلام قصيرة
وشهدت هذه الدورة تقليداً جديداً وهو تكريم بعض نجوم السينما المصرية الذين شاركوا بالتمثيل في أفلام روائية قصيرة، حيث كُرمت النجمة صفية العمري عن فيلمها «كان لك معايا»، والفنان أحمد بدير وسلوى محمد علي، وبسمة، وأحمد وفيق، وصبري فواز وأحمد كمال، حيث عُرضت أحدث أفلامهم القصيرة، وأُقيمت حوارات ثرية معهم على مدى أيام المهرجان.
ويقول الناقد د.وليد سيف لـ«الشرق الأوسط» إن الجوائز ذهبت لأفلام تستحق، ومن بينها الأفلام العربية التي شكّلت ظاهرة إيجابية في هذه الدورة، غير أن كثرة تنويهات لجان التحكيم إلى أفلام لم تفز تُضعف من قيمة الجوائز»، مشيراً إلى أن «الدورة بشكل عام جاءت متميزة في مستوى أفلامها رغم الجائحة التي تسببت في قلة الإنتاج، كما أن مسابقات المهرجان ضمّت أفلاماً مهمة، وأضفى تكريم نجوم التمثيل روحاً جديدة على المهرجان».
وأصدر المهرجان خلال دورته الـ22 ستة كتب تعد إضافة للمكتبة السينمائية وهي: «تاريخ السينما المصرية» للناقد محمود قاسم، و«وجوه الحقيقة» عن اتجاهات وتجارب في السينما التسجيلية المصرية للناقدة صفاء الليثي، و«سينما الواقع – إطلالة على حداثة السينما الوثائقية المعاصرة» للناقد صلاح هاشم، و«يوسف إدريس بين الأدب والسينما» للمؤلف عاطف بشاي، و«أعمدة السينما التسجيلية المصرية في القرن العشرين» للمخرج هاشم النحاس، إضافةً إلى كتاب تكريم الناقد الكبير كمال رمزي «صاحب الرؤية» من تأليف د.حسين عبد اللطيف.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».