سجال واتهامات متبادلة بين دياب و«القوات»

على خلفية مسؤولية الحكومة عن مراقبة الإنفاق وصلاحيات «تصريف الأعمال»

TT

سجال واتهامات متبادلة بين دياب و«القوات»

دفعت الدعوات لحكومة تصريف الأعمال للقيام بواجبها، إلى اشتباك بين رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب وحزب «القوات اللبنانية» الذي اعتبر أن الحكومة «حين كانت فاعلة ويجب أن تمارس مهمتها لم تمارسها»؛ ما دفع رئاسة الحكومة للرد في بيان قائلة، إنها «لن تسكت عن التزوير الذي يحاول رمي المسؤوليات وتحميل هذه الحكومة عبء الممارسات السياسية والكيدية والشخصية والميليشياوية التي تسببت أو ساهمت بهذا الانهيار».
وبدأ السجال يوم الأحد الماضي حين طالب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الحكومة المستقيلة بالقيام بواجباتها؛ ما دفعها للرد رافضة «تفعيلها» أو «تعويمها»، كما جاء في بيانها الأحد. وتجدد السجال حين اعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان (عضو كتلة القوات) أن رد رئاسة الحكومة «معيب»؛ ما دفع رئاسة الحكومة أمس للرد مرة أخرى.
وقال المكتب الإعلامي في رئاسة الحكومة أمس «فعلاً، من المعيب أن تنقلب المعايير وأن تتغير المفاهيم وأن تطمس الحقائق. وإذا كنا نعمل بصمت، ونحرص على عدم الدخول في سجالات مع أحد، وخصوصاً في ظل الأزمة الحادة التي يمر بها الوطن؛ فذلك لا يعني أن نسكت عن التزوير الذي يحاول رمي المسؤوليات وتحميل هذه الحكومة عبء الممارسات السياسية والكيدية والشخصية والميليشياوية التي تسببت أو ساهمت بهذا الانهيار الذي يدفع اللبنانيون ثمنه اليوم».
وقال مكتب دياب في بيانه «قامت هذه الحكومة بواجباتها كاملة قبل استقالتها، ووضعت الخطط العلمية التي عرقلتها الحسابات والمصالح، على الرغم من تأكيد الجهات المالية الدولية أهميتها وموضوعيتها وصوابيتها، وكان يمكن لها أن تضع لبنان على سكة الإنقاذ. كما أن هذه الحكومة تواصل عملها بجهد وهي في حالة تصريف الأعمال التي يفترض المنطق ألا يستمر تصريف الأعمال ما يقارب 11 شهراً».
وتابعت «كنا نتمنى على المتشدقين المنظرين أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية، لكن الطبع يغلب التطبع في الممارسة السياسية التي لا تزال أفكار الماضي تتحكم بها». وأكد البيان «أن الحكومة، قبل الاستقالة وبعدها، تلملم الركام الذي تركته السياسات المالية التي شاركتم فيها لسنوات طويلة، ولا يشفع لكم أنكم تحاولون التبرؤ منها بعد أن كنتم جزءاً منها».
وكان عدوان قال في تصريح نقلته «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أمس، إن «المجلس النيابي بدل أن يعطي الحكومة صلاحيات استثنائية، أُجبر بسبب تهرب الحكومة، ولو حكومة تصريف أعمال، من ممارسة مسؤولياتها، أن يأخذ هو على عاتقه أن يقوم بأمور كان من المفترض أن تقوم بها السلطة التنفيذية، وأكبر مثال على ذلك هو موضوع ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية».
وأضاف عدوان «ما صدر بالأمس عن رئاسة الحكومة المستقيلة معيب ولا يمكن أن نسكت عنه؛ فالحكومة التي حين كانت فاعلة ويجب أن تمارس مهمتها لم تمارسها، ولا أحد منا اليوم يطلب تفعيل الحكومة ولا إحياءها ولا إعطاءها صلاحيات أخرى، بل نطلب منها أن تقوم بواجباتها كحكومة تصريف أعمال». وتوجه إلى رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بالقول «لم تقم بواجباتك لا بحكومة عادية ولا بحكومة تصريف أعمال وتركت الدولة تنهار تدريجياً، وكان هناك 17 ملياراً، إضافة على الاحتياط الإلزامي صرفوا، فماذا فعلت لمراقبة صرفهم؟ وكيف ساهمت بصرفهم؟ ماذا فعلت لضبط الحدود؟ ماذا فعلت لتخفف من ذل المواطنين ووجعهم؟ كم اجتماع جمعت فيه وزراء حكومتك للبحث في الخطة المالية والنقدية؟».
وتابع عدوان «هنا لا نخفف من الدور الإيجابي لبعض الوزراء في الحكومة... ولكن نحن اليوم لا نريد أن نفعّل حكومتك ولا نطلب منك أن تقوم بأمور ليست من واجباتك، ولكن نحن اليوم نحملك مسؤولية أنك لم تقم بواجباتك ولم تقم بما كان يجب أن تقوم به... لا يمكن أن نستمر بهذا البلد من دون أي محاسبة. حصل إهمال في الحكومة، ويجب أن نعرف من المسؤول عنه، سواء كانت حكومة فعلية أم حكومة تصريف أعمال؛ لأنه حتى في تصريف الأعمال هناك مسؤوليات تترتب على الحكومة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.