«مفاعل غشائي» لإزالة هورمونات المياه بأشعة الشمس

إدخال غشاء التحفيز الضوئي في المفاعل
إدخال غشاء التحفيز الضوئي في المفاعل
TT

«مفاعل غشائي» لإزالة هورمونات المياه بأشعة الشمس

إدخال غشاء التحفيز الضوئي في المفاعل
إدخال غشاء التحفيز الضوئي في المفاعل

الملوثات العضوية مثل المستحضرات الصيدلانية ومبيدات الآفات والهورمونات، حتى في التركيزات النانوية، تتسبب في تلوث مياه الشرب بطريقة تشكل مخاطر كبيرة على الإنسان والحيوان والبيئة.
وعلى وجه الخصوص، يمكن أن تسبب هورمونات الستيرويد مثل الإسترون والاستراديول والبروجسترون والتستوستيرون، أضرارًا بيولوجية للإنسان والحياة البرية، لذلك وضع الاتحاد الأوروبي حدًا أدنى صارما من معايير الجودة لمياه الشرب الآمنة، والتي يجب أيضا أخذها في الاعتبار عند تطوير تقنيات جديدة لمعالجة المياه.
يقول أندريا إيريس شيفر، رئيس معهد تكنولوجيا الأغشية المتقدمة بألمانيا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد يوم 21 مايو (أيار) الماضي، «التحدي الذي يواجه العلم هو تطوير طرق أكثر حساسية لاستهداف جزيئات الهورمون، وتكمن المشكلة الرئيسية في صعوبة اكتشاف هورمونات الستيرويد في الماء، وهناك جزيء هورمون واحد لكل كوينتيليون، أي (1018) جزيء ماء، وهذا تركيز منخفض للغاية».
وباستخدام تقنيات معالجة المياه التقليدية، لا تستطيع محطات معالجة مياه الصرف الصحي العثور على الملوثات الدقيقة وإزالتها، لذلك عمل الباحثون في معهد تكنولوجيا الأغشية المتقدمة ومعهد كارلسروه للتكنولوجيا بألمانيا، على طرق جديدة ليس فقط لاكتشاف وقياس الملوثات الدقيقة، لكن إزالتها، تم الإعلان عنها في دراسة نشرها الموقع الإلكتروني لدورية الحفز التطبيقي «Applied Catalysis» في 20 مايو (أيار) الماضي، وتنشرها الدورية في عدد المطبوع في أغسطس (آب) 2021.
وأثبتت عملية التحفيز الضوئي الجديدة أنها واعدة في هذا الإطار، حيث قام العلماء بتغليف غشاء بوليمر ذي مسام كبيرة متوفر تجارياً بـ(البورفيرين)، وهو جزيء حساس للضوء يحتوي على البلاديوم يمكنه امتصاص الإشعاع المرئي، ويؤدي التعرض للإشعاع بأشعة الشمس إلى بدء عملية كيميائية تنتج ما يسمى بالأكسجين المفرد، وهو نوع من الأكسجين شديد التفاعل، ويهاجم الأكسجين المفرد على وجه التحديد جزيئات الهورمون ويحولها إلى منتجات أكسدة آمنة.
ويوضح رومان ليوبيمينكو، العالم في معهد تكنولوجيا الأغشية المتقدمة بألمانيا: «من الأهمية بمكان أن نغطي سطح كل مسام بجزيء المحسس الضوئي، مما يزيد من مساحة سطح الهجوم». ويمكن تحقيق التحلل الكيميائي لهورمونات الستيرويد وترشيح الملوثات الدقيقة الأخرى في المفاعل الغشائي الذي أعده الباحثون، وبهذه العملية، يمكن تصفية 60 إلى 600 لتر من الماء لكل متر مربع من الغشاء في ساعة واحدة.
وتمكن العلماء من تقليل تركيز هورمون الاستراديول، وهو هورمون الستيرويد الأكثر نشاطًا بيولوجيًا، بنسبة 98 في المائة من 100 إلى 2 نانوغرام لكل لتر، وهذا يعني الاقتراب من القيمة المستهدفة للاتحاد الأوروبي وهي نانوغرام واحد لكل لتر، كما يؤكد شيفر.
الهدف التالي لفريق البحث هو زيادة تحسين عملية التحفيز الضوئي ونقلها إلى نطاق أوسع، والتحدي المهم هي معرفة مقدار شدة الضوء ومقدار البورفيرين المطلوب وما إذا كان يمكن استبدال البلاديوم المكلف من مجموعة البلاتين من المعادن بمعادن أخرى.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»