«الفنانات المتألقات» اللاتي فتنّ العالم العربي في معرض باريسي

TT

«الفنانات المتألقات» اللاتي فتنّ العالم العربي في معرض باريسي

تغني المطربة للحب والعاطفة اللامتناهية. وهي ترتدي ثوباً من ثياب السهرة بلون قرمزي وشعر مرفوع للأعلى، وتنادي على حبيبها بعاطفة متقدة، في ليلة من ليالي الشوق الذي لا يزول، وتتوسل إلى الشمس ألا تشرق في الصباح.
كانت المطربة في الفيديو الذي يرجع إلى عام 1969 هي السيدة أم كلثوم: أفضل مطربات القرن العشرين في العالم العربي، وربما أفضل امرأة مصرية معروفة منذ الملكة كليوباترا، وهي نجمة معرض «الفنانات المتألقات» في معهد العالم العربي في باريس.
ويعد هذا المعرض، الذي يستمر حتى 26 سبتمبر (أيلول) المقبل، بمثابة عودة مصورة وسريعة إلى الفترة ما بين عشرينيات وسبعينيات القرن العشرين. وهو يصور نساء غير متحجبات، بعاطفة متقدة وصريحة، يؤدين فنونهن الجميلة على خشبة المسرح وشاشة العرض من دون خوف من الرقابة، أو الإدانات، مع أنصار حقوق المرأة، والنشطاء السياسيين، ورواد الفنون الذين يواجهون سطوة النظام الأبوي القسرية.
وإلى جانب الأزياء، والمجوهرات، وجوازات السفر، والملصقات، وأغطية الألبومات، والأحذية ذات الكعب العالي، يشاهد الزوار أيضاً لقطات لفنانات ومؤديات شهيرات يتمايلن في حركات فاتنة، ويظهرن على الشاطئ في ملابس رائعة. ثم تتناقض الصورة العامة بشكل حاد مع التصورات الغربية الحالية عن العالم العربي باعتباره مكاناً ترتدي فيه النساء الحجاب من أعلى الرأس وحتى أخمص القدمين، ويخضعن في سكون كامل لسطوة أصحاب النفوذ عليهن من الرجال.
تقول السيدة إيلودي بوفار، الأمينة المشاركة للمعرض: «ينأى المعرض بنفسه عن عدد لا بأس به من التصورات الراسخة والأفكار المسبقة عن هذا الجزء من العالم. في واقع الأمر، تحتل النساء مركز الصدارة هناك، وتجسد الحداثة، ولم تكن أبداً غائبة عن مجريات التاريخ. لقد غنوا، ومثلوا، وجعلوا الناس يبكون، وفتنوا قلوب الجماهير، وعاشوا حياتهم بحرية كاملة، تماماً كما فعلت الممثلات الغربيات في ذلك الوقت».
وأضافت السيدة بوفار تقول: «لا تزال هذه الصور حاضرة للغاية في أذهان الأجيال الأصغر سناً، إذ أنها لا تمثل الماضي فحسب».
وذكر جاك لانغ، رئيس المعهد، والذي كان وزير الثقافة الفرنسي في ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي، في مقابلة أجريت معه: أنه عندما كان صبياً يزور القاهرة، تسلل إلى مسرح كانت أم كلثوم تغني فيه، وأصيب بالذهول والتأثر التام مما رأى. وسمع في وقت لاحق عن مطربة عربية أخرى، كانت فيروز (الفنانة الكبيرة الأخرى ضمن فعاليات المعرض)، أثناء تجوالها في لبنان كممثلة شابة. ثم منحها ميدالية كوزير للثقافة في عام 1988، كما قال بعد ذلك.
وأشار لانغ إلى أن هؤلاء النساء لم يكن مجرد مطربات استثنائيات: البعض منهن شارك في نضال بلاده من أجل الاستقلال عن القوى الاستعمارية الكبرى آنذاك، بريطانيا وفرنسا، وانضممن إلى موجة قومية عارمة عمت العالم العربي وقتها. وقال السيد لانغ: «جاء ظهور هؤلاء الفنانات المتألقات في وقت تزامن تقريباً مع حالة التحرر الجماعي التي كانت سارية في تلك الأيام، وكانت الأغاني والموسيقى التي ترنموا بها تعبيراً استثنائياً عن الحرية».
يفتح المعرض فعالياته على القاهرة فيما قبل الحرب العالمية الثانية، وكانت المركز الفني والفكري للعالم العربي، حيث انتشرت قاعات الحفلات والمسارح الفنية، وكان العديد منها مؤسساً من قبل النساء، حسبما قالت المنسقة المشاركة للمعرض السيدة هانا بوغانم. والتي أضافت أن للمرأة أيضاً دوراً هاماً في صناعة السينما، حيث عملت «كمخرجة، ومنتجة، وممثلة، وصانعة ملابس، وباحثة عن المواهب الجديدة».
وجاءت العديد من هؤلاء النساء من خلفيات اجتماعية متواضعة للغاية، بما في ذلك السيدة أم كلثوم، التي تظهر ضمن حاوية مخملية مؤمنة في المعرض. ولأنها مولودة في قرية من قرى دلتا النيل، فقد قدمت أولى أغانيها وهي متنكرة في زي صبي، وغنت أغاني دينية أثارت عواطف الجماهير. وفي نهاية المطاف، ظهرت بصورتها الحقيقية، كامرأة وكصوت، وأصبحت مشهورة بأسلوبها الغنائي الارتجالي. وكانت أغانيها تستمر أحياناً لأكثر من ساعة كاملة.
ويروي المعرض قصتها من خلال الصور الفوتوغرافية، وأغطية الألبومات، وأغلفة المجلات، ومقاطع الفيديو، والأزياء الملونة البراقة التي تم إنتاجها للفيلم الوثائقي بعنوان «البحث عن أم كلثوم» في عام 2017. والذي أخرجته الفنانة والمخرجة الإيرانية الأصل «شيرين نيشات».
وقال أمناء المتحف إنه لا توجد إسهامات من متحف أم كلثوم في القاهرة، إذ كانت الأمور معقدة ومكلفة للغاية من حيث التنظيم. كما لا توجد إسهامات من السيدة فيروز، التي لا تزال على قيد الحياة، رغم الطلبات التي تقدم بها المعرض من خلال العائلة ومعارف الفنانة الكبيرة. ويحتوي قسمها على الملصقات، وأغلفة الألبومات، والمجلات، والصور الفوتوغرافية، وغير ذلك من الحاجيات المتنوعة، بعض منها جمعها أحد المعجبين الشغوفين بالسيدة فيروز.
وعلى النقيض من هذا، فإن القسم المخصص للفنانة «وردة» نصف الجزائرية ونصف اللبنانية، مليء بممتلكاتها الشخصية: النظارات الشمسية، والميداليات، والأقراط، وجوازات السفر، وآلة العود، وحقيبة الجلد بنية اللون، ورواية للكاتبة أجاثا كريستي. ولدت السيدة وردة في إحدى ضواحي باريس، وكان أول ظهورها الفني وهي طفلة صغيرة في المسرح الفني المملوك لوالدها في الحي اللاتيني بالمدينة، ثم أصبحت فنانة ناجحة للتسجيلات الغنائية، قبل انتقالها إلى الجزائر في العام 1962. وهو العام الذي نالت فيه بلادها استقلالها عن فرنسا. وتزوجت هناك من ضابط في الجيش منعها من الغناء. ثم انتقلت إلى مصر بعد عقد من الزمن.
ويزداد المعرض تسارعاً مع بلوغ ذروته عند الموجة الأخيرة من الفنانات العربيات المتألقات في القرن العشرين، بما في ذلك الفنانة داليدا مصرية المولد، التي أصبحت نجمة شهيرة في فرنسا. وتتداخل شاشات الفيديو في المعرض والتي تظهر امرأة فاتنة تغني من حوض استحمام ساخن، ثم صفوف من الراقصات اللاتي يرفعن سيقانهن في عروض رائعة بملابس لامعة تستحق العرض والمشاهدة في أرقى مسارح الفنون الفرنسية من شاكلة «فولي بيرجير».
في العقود التي تلت ذلك، تغير واقع المطربات والفنانات في الدول العربية. وقد دفعت الحركات الإسلاموية والهجرات من المناطق الريفية أجزاء من المجتمع لاتخاذ توجهات أكثر تحفظاً بشأن ملابس المرأة وسلوكها العام. ولقد أدى هذا إلى افتراضات في الغرب بأن النساء العربيات يخضعن للحجاب والقيود القسرية في العصر الحاضر، في مقابل عقود من الزمان عندما كانت الفنانات المتألقات ملء السمع والبصر.
بالنسبة إلى الكاتبة كولين هوسيس، مؤلفة كتاب «موسيقى العالم العربي: مختارات من 100 فنانة»، كانت التصورات التي سادت في الماضي مقابل الحاضر، والتي جازف المعرض بتشجيعها، أكثر تضليلاً مما يبدو.
وفي مقابلة معها قالت السيدة هوسيس: «هناك رؤيتان للعالم العربي. الأولى: أنهم همجيون، وإسلاميون. والرؤية الأخرى تفيد بأن كل شيء كان جيداً جداً في الماضي، لقد كان عصراً ذهبياً في كل شيء».
وقالت أيضاً: «إن تطور العالم العربي يخضع للقياس بمعايير غربية متطرفة، مثل: هل المرأة العربية تدخن أم لا، أو ما إذا كانت ترتدي التنانير القصيرة من عدمه. لكن هناك عوامل أكثر أهمية تتعلق بالمساواة: عدد النساء العاملات، والحقوق المدنية للمرأة، وما إلى ذلك».
ورغم تفشي وباء فيروس كورونا، فإن المعرض نال استحساناً كبيراً لدى رواد المتاحف في باريس، وبدا أن زوار المعرض يؤيدون وجهة نظر السيدة هوسيس. في ظهيرة أحد الأيام، بدا المتفرجون مفتونين بقصة نجمات الأمس، الذين خالفوا الصورة النمطية المعاصرة المتخذة عن النساء المسلمات في فرنسا.
تقول كاميل هوريل (23 سنة)، وهي إحدى زوار المعرض: «إنه لمن المثير للاهتمام حقاً أن نكتشف تحرر المرأة في هذه المجتمعات، ونرى التناقض مع ما يحدث اليوم، حتى فيما يتعلق بتصفيف الشعر. كانت هذه الشخصيات القوية مشهورة ومعروفة في كافة أنحاء العالم».
ثم أضافت قائلة: «في الوقت الحاضر، أشعر أنه لا توجد حرية للتعبير بنفس المستوى».
تقول السيدة هوسيس: «إن العالم العربي اليوم مليء بأشخاص تحت سن 30 عاماً، وهو جيل غارق في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنفتح تماماً على العالم، ويقود ثوراته الخاصة ضد أسرهم ومجتمعاتهم».
- خدمة «نيويورك تايمز»



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.