قدمت دار «ديور» تشكيلتها من خط «الكروز» لعام 2022، أول من أمس. الجديد في الخبر ليس أنها قدمته في أثينا باليونان على خلفية البانثيون، ولا أنها قدمت تشكيلة تستحضر أميرات الأساطير من جهة ومصارعي اليونان من جهة أخرى، بل الجديد أن العرض كان رسالة بعودة الموضة إلى سابق عهدها. صحيح أنها خطوة صغيرة بعدد محدود من الحضور مقارنةً بالماضي، إلا أنها تبقى ذات رسالة مهمة تُبشر بالحرية وبأن عام 2022 سيكون نهاية عامين من العُزلة والقلق النفسي. منذ أيام ومطار أثينا يستقبل ضيوفاً قادمين من كل أنحاء العالم، دعتهم «ديور» للاحتفال معها بالحرفية والجمال وبقرب عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل 2020.
تجدر الإشارة إلى أنه قبل «ديور» كانت هناك محاولات في ميلانو من طرف كلٍّ من «دولتشي آند غابانا» و«جيورجيو أرماني» و«إيترو» لإغلاق صفحة «عزل كورونا»، لكنها كانت جد حذرة إلى حد القول إنها كانت مجرد جس نبض لا أقل ولا أكثر. فما لا يختلف عليه اثنان أن العروض الافتراضية عبر الفيديوهات أصابت الكل بالملل والإحباط. فرغم كل مؤثراتها السينمائية المبهرة وحبكاتها التشويقية، لم تنجح في التعويض عمّا تثيره العروض التقليدية من حماس وعواطف جياشة. وهذا ما أكده عرض «ديور» في أثينا أول من أمس، والذي تابعه الملايين على «إنستغرام»، لا سيما أن الصور التي كان ينشرها الضيوف وتسجل مناظر خلابة للمدينة اليونانية وكل دقيقة قبل العرض وبعده، كانت مثيرة للفضول أكثر من الأزياء نفسها.
لكن هذا لا يمنع من القول إنها كانت بتصاميم تعبق بالشاعرية والعملية. وكما كان متوقعاً، لعبت على صورة أميرات الأساطير من خلال فساتين حالمة باللون الأبيض يتخللها الذهبي. وحتى لا تقع المصممة ماريا غراتسيا تشيوري في مطب الكليشيهات، ضخّتها بجرعة رياضية قوية حسبما صرحت به لموقع «فوغ» فإن فترة العزل الصحي شجعت معظم الناس على ممارسة الرياضة، «فالرياضة حركة وحرية في الوقت ذاته. في فترة العزل كان الواحد منّا يمشي، أحياناً حول المبنى الذي يعيش فيه، فقط للشعور بأنه حي يتحرك». ترجمتها لهذا المفهوم تجسّدت في أزياء هي مزيج بين حرفية الـ«هوت كوتور» وانطلاق وخفة الأزياء الجاهزة. وكانت النتيجة أنها فاضت بشاعرية تليق بأميرة حالمة، كما تتمتع بتفاصيل «سبور» تجعلها عز الطلب لمصارعي اليونان القدامى.
فما يُحسب لماريا غراتسيا تشيوري منذ التحاقها بدار ديور» أنها تعرف أن جيل الشباب، وهن أكثر من تتوجه إليهن بهذا الخط، ليس له صبر طويل ولا يقوى على التعقيدات، وفي الوقت ذاته لا رغبة لهن في التنازل عن الأناقة حتى وهنّ يتنزهن في الحدائق أو يمارسن أبسط الواجبات اليومية. وهذا ما كان واضحاً في هذه التشكيلة. لكن يبقى السؤال ما إذا كانت المصممة قد تجنبت فعلاً مطب الوقوع في الكليشيهات القديمة للمكان الذي اختارته لعرض تشكيلتها لعام 2022؟ والجواب حسبما تجيب عنه الصور أن الامتحان كان صعباً لولا أنها احتمت بالتاريخ، بربط كثير من التصاميم برموز قديمة للدار، مثل صور وجدتها في أرشيف الدار من خط الأزياء الراقية، لفساتين أبدعها السيّد «ديور» Dior في عام 1951، وتمّ التقاطها بالقرب من البارثينون. وهذا بحد ذاته كان خيطاً مهماً لربط الماضي بالحاضر.
أكثر التصاميم قوة أيضاً كانت تلك التي لعبت فيها على تباين صامت بين الضوء والظلّ والألوان المستوحاة من المرمر والرخام إضافةً إلى اللون الأزرق الإغريقي. ينتهي العرض، وتتبدد كل الصور الحالمة، ليبقى إحساس غامر بأن العرض أُقيم خارج فرنسا، مقر «ديور»، وبعدد لا يستهان به من الضيوف، الأمر الذي يعني أن المجال الجوي فتح أجواءه للسفر وفرصة التلاقي في أماكن بعيدة. الصور التي التقطتها كاميرات الحضور وتم تداولها عل وسائل التواصل، كانت أيضاً دعوة سياحية صريحة لزيارة اليونان في القريب العاجل.
عرض «ديور» 2022 إيذان بعودة الموضة إلى سابق عهدها
خطوة صغيرة تُعطي آمالاً كبيرة
عرض «ديور» 2022 إيذان بعودة الموضة إلى سابق عهدها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة