نشرة طقس «إل بي سي آي» تيتّمت بعد استبعاد مقدمتَيها إليز باسيل وفاديا دقماق

بيار الضاهر: قررنا اعتماد الحرفية لعرض حالة الطقس لأن الشكل الجميل لا يكفي

مذيعة نشرة الطقس المستبعدة فاديا دقماق
مذيعة نشرة الطقس المستبعدة فاديا دقماق
TT

نشرة طقس «إل بي سي آي» تيتّمت بعد استبعاد مقدمتَيها إليز باسيل وفاديا دقماق

مذيعة نشرة الطقس المستبعدة فاديا دقماق
مذيعة نشرة الطقس المستبعدة فاديا دقماق

لطالما اتخذت نشرات الطقس ضمن نشرات الأخبار في لبنان اهتماما كبيرا من قبل مشاهدي التلفزيون. فبعض إدارات تلك القنوات رأت فيها خير مقدمة أو خاتمة لشريط أخبار مثقل بأخبار السياسة والحروب والسرقة، وما إلى ذلك من مواضيع تحمل كثيرا من العنف والقسوة، فيشبهونها بطبق الحلويات الذي ينهون أو يبدأون به تناول وجبة دسمة. ولعلّ القرار الأخير الذي اتخذته قناة «إل بي سي آي» باستبعاد مقدمتَي نشرة الطقس لديها إليز فرح باسيل وفاديا دقماق شكّل بحدّ ذاته حديث الناس في لبنان، بعد أن افتقدوا مشاهدة المقدمتين المذكورتين لأيام متتالية وحلّ مكانهما مذيع نشرة الأخبار يزبك وهبي.
ورغم أن إدارة «إل بي سي آي» بشخص رئيس مجلس إدارتها بيار الضاهر قد برر الأمر بأنه ناتج عن إعادة النظر في التركيبة الكاملة لهذه النشرة، فإن البعض ربطها ربطا مباشرا بالأخطاء المتكررة التي ارتكبتها كل من المذيعتين المسؤولتين عن إعدادها، والتي تفاقمت في الأيام الأخيرة.
وكان أحدث الأخطاء تلك التي ظهرت في نشرة الطقس التي قدّمتها إليز فرح باسيل منذ أيام قليلة، والتي راحت تعدّد خلالها درجات الحرارة المنتظرة في 29 و30 فبراير (شباط) الماضي، رغم أن هذا الشهر تنتهي أيامه في الـ28 منه. فلم تتمتع المقدّمة بسرعة البديهة الكافية لتصليح الخطأ في ساعته، بل ختمت النشرة وكأنّ شيئا لم يكن.
وما قامت به إليز فرح باسيل يعدّه البعض خطأ شائعا يمكن أن يحصل في أي نشرة طقس عالمية، كما أن ما ارتكبته زميلتها فاديا دقماق من نوبات ضحك تارة ونسيان وهذيان تارة أخرى في نشرات طقس سابقة لا يمكن أن يشكّل الذريعة المقنعة لاستبعادهما.
ويقول رئيس مجلس إدارة تلفزيون «إل بي سي آي» بيار الضاهر في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كنا من أوائل التلفزيونات التي استحدثت نشرات الطقس في نشرتها الإخبارية في التسعينات، ونحن نعتبرها إحدى أهم الفقرات التلفزيونية لنسبة المشاهدة العالية التي تحصدها، بحيث تحتل المركز الأول أو الثاني بين البرامج التي تلقى متابعة دائمة من قبل المشاهد. هذا الأمر دفع بنا إلى التفكير أكثر من مرة في كيفية تطويرها بحيث تصبح أكثر احترافية ولا ترتكز فقط على الشكل الجميل الذي عادة ما تتميّز به مقدماتها». وأضاف: «ليست الأخطاء التي ارتكبتها مقدمتا النشرة عندنا هي التي تقف وراء استبعادهما واللجوء إلى خطوة أكثر احترافية، فإن أي اختصاصي طقس يمكن أن يرتكب أخطاء، إلا أنه دون شك سيعرف كيف يصلّحه مباشرة على الهواء بفضل وعيه وسرعة بديهته وحرفيته». وعندما استوضحناه عن مدى تأثّر المشاهد في افتقاد وجه محبب إلى قلبه اعتاد رؤيته يوميا، لا سيما أن قنوات تلفزيونية عالمية كـ(TF1) الفرنسية مثلا ما زالت تتمسك بمقدمة نشرة الطقس لديها (كاترين لابورد 66 عاما) منذ أكثر من 20 عاما، أجاب: «هذا صحيح، فالمشاهد يعتاد وجه المقدّم الذي يصبح ضيفا ينتظر إطلالته يوميا، ولكن الغرب سبقنا في هذا الإطار وثبّت وجوها محترفة كلّ منها في مكانه. ولا أستبعد أن نصل نحن أيضا إلى هذا المستوى ويصبح لدينا أشخاص محترفون، يدرّسون بدورهم هذه المادة غير المتوفّرة في جامعاتنا فنفتح آفاق العمل أمام جيل بأكمله».
وتقول فاديا دقماق تعليقا على استبعادها هذا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «من المؤكد أن العناصر التي راح البعض يروّج لها ويعتبرها السبب الرئيسي لاتخاذ (إل بي سي آي) هذه الخطوة ليست دقيقة، فلقد سبق وبدأت في التقليل من إطلالاتي في هذه النشرة، وفقا لطلبي، كوني صرت لا أملك الوقت الكافي للالتزام بها في خضم الأعمال الخاصة التي أديرها، والتي تدور في فلك إكسسوارات الموضة. كما أن إدارة (إل بي سي آي) كانت تستعد لهذا التغيير منذ فترة. وأعتقد أن كل ما في الأمر هو أن التوقيت الذي اتبع لترجمة هذا التغيير على الأرض لم يكن مناسبا، مما فتح باب الأقاويل واسعا وبأننا استُبعدنا بسبب أخطاء ارتكبناها». وأضافت: «هذه الأخطاء التي يتحدثّون عنها قد تحدث في أي نشرة طقس على أي محطة تلفزيونية أخرى، ولو كانت المعنية بذلك (سي إن إن) أو (فوكس تي في) أو غيرهما، لذلك يمكنني أن أؤكد أنها ليست السبب المباشر لاعتماد هذا القرار». وعما ستقوم به في مجال التلفزيون بعد استبعادها عن «إل بي سي آي» أجابت: «قد ترونني من جديد مقدّمة نشرة طقس أو برنامج تلفزيوني يدور حول الموضة، ولكني أستبعد الأمر حاليا لأن وقتي مأخوذ في تسيير عملي التجاري الخاص بي».
وفتحت «إل بي سي آي»، وبمبادرة جديدة من قبلها، الباب أمام أي شخص محترف واختصاصي في هذا المجال أن يتقدّم بطلب من إدارتها لتقديم نشرة الطقس. وكان أول الغيث مع جوزف القارح الذي تبيّن للإدارة في ما بعد بأنه خبير في علم الطقس، وقد سبق ودرّب المذيع يزبك وهبي (هاوٍ كبير لهذا العلم) لـ10 سنوات متتالية رغم أنه يعمل كمدير في أحد المصارف.
ويختم بيار الضاهر كلامه قائلا: «سنبقى جاهزين ومنفتحين لأي خبرات بشرية جديدة في هذا الإطار، وعندما نصل إلى الشخص المطلوب رجلا كان أم امرأة كبيرا في السنّ أو شابا، فإننا سنثبّته في نشرة الطقس عندنا، شرط أن يملك الخبرة والعلم الضروريين في هذه المهنة».
وبذلك تكون قناة «إل بي سي آي» أول محطة تلفزيونية لبنانية ستستغني عن دخول مجال المنافسة مع القنوات الأخرى، في إطار اعتماد الشكل الجميل لمذيعات نشرات الطقس، واللاتي شكّلن أحيانا كثيرة بإطلالتهن تقلّبات في الطقس السائد في العلاقات ما بين المتزوجين والأحباء. وبعد هذه الخطوة سيصبح الطقس جيّدا بين الأزواج، فلا رياح عاصفة ولا إمكانية لتساقط الثلوج على رؤوس الرجال، بسبب الدلال الزائد لهذه المذيعة أو القامة الجميلة والجذّابة لتلك.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».