«بوينغ» و«إيرباص» تطويان النزاع الأطول في «منظمة التجارة»

أميركا وأوروبا تعلّقان الرسوم العقابية المتبادلة 5 سنوات

أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن هدنة لمدة 5 سنوات في تسوية للخلاف القديم المتعلق بشركتي «إيرباص» و«بوينغ» (رويترز)
أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن هدنة لمدة 5 سنوات في تسوية للخلاف القديم المتعلق بشركتي «إيرباص» و«بوينغ» (رويترز)
TT

«بوينغ» و«إيرباص» تطويان النزاع الأطول في «منظمة التجارة»

أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن هدنة لمدة 5 سنوات في تسوية للخلاف القديم المتعلق بشركتي «إيرباص» و«بوينغ» (رويترز)
أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن هدنة لمدة 5 سنوات في تسوية للخلاف القديم المتعلق بشركتي «إيرباص» و«بوينغ» (رويترز)

أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الثلاثاء، عن هدنة لمدة 5 سنوات في تسوية الخلاف القديم المتعلق بشركتي «إيرباص» و«بوينغ» الذي كان يسمم علاقتهما، في مؤشر على تهدئة بين الطرفين بعد سنوات من التوتر في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وأكد مسؤولون أوروبيون وأميركيون، الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لحل خلافهما القديم حول الإعانات غير القانونية الممنوحة لشركتي «إيرباص» و«بوينغ» لصناعة الطيران.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بعد وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بروكسل لعقد قمة بين الاتحاد والولايات المتحدة هي الأولى منذ 2017: «بدأ الاجتماع بإحراز تقدم بشأن الطائرات. كنا قد قررنا معاً حل هذا الخلاف. اليوم أوفينا بوعدنا». وأضافت: «هذا الاتفاق يفتح فصلاً جديداً في علاقاتنا؛ لأننا ننتقل من خلاف إلى تعاون في مجال الطيران بعد نزاع استمر 17 عاماً»، وهو النزاع الأطول أمداً في أروقة منظمة التجارة العالمية.
ووافق الطرفان على تعليق الرسوم الجمركية العقابية المتبادلة المفروضة في إطار هذا الخلاف، لمدة 5 سنوات، كما قالت الممثلة الأميركية للتجارة كاثرين تاي للصحافيين. وتحاول الولايات المتحدة كسب تأييد الاتحاد الأوروبي في صراع القوة الذي تخوضه مع الصين وتريد الاستفادة من هذه القمة لتهدئة العلاقات بين جانبي الأطلسي التي شهدت توتراً شديداً خلال عهد ترمب. وقالت تاي: «بدلاً من محاربة أحد أقرب حلفائنا، نلتقي أخيراً معاً في مواجهة تهديد مشترك»، مؤكدة تمديد فترة التهدئة التي تقررت في هذا الملف في مارس (آذار)، وكان يفترض أن تنتهي في يوليو (تموز) المقبل. وأضافت أنه «مثال على كيفية مواجهة تحديات أخرى مثل التحدي الذي تمثله الصين».
وقال بايدن إن «أميركا عائدة. من المصلحة المطلقة للولايات المتحدة أن تكون لديها علاقة عظيمة مع حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي» فيما كانت تستقبله فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال. ويتيح الاتفاق لبايدن عشية قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يثبت أن «الولايات المتحدة وأوروبا متماسكتان». ويتواجه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2004 أمام منظمة التجارة العالمية حول المساعدات العامة التي تدفع إلى مجموعتي صناعة الطيران بوصفها غير قانونية.
وفي ظل إدارة ترمب، سُمح لواشنطن في أكتوبر 2019 بفرض رسوم على ما قيمته نحو 7.5 مليار دولار (6.8 مليار يورو) من البضائع والخدمات الأوروبية المستوردة كل سنة، بنسبة 25 في المائة على النبيذ والمشروبات الروحية، و15 في المائة لطائرات «إيرباص». وفي قرار مماثل بعد عام، سمحت منظمة التجارة العالمية لبروكسل بفرض ضرائب على المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين يفرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية على ما قيمته 4 مليارات دولار من الصادرات الأميركية. ورحب وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير بـ«اتفاق جيد»، ودعا إلى إغلاق هذا الملف «بشكل نهائي».
من جهته، قال وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرنك ريستر: «إنه نبأ ممتاز للشركات الفرنسية والأوروبية». وذكرت تاي بأن قطاع الطيران يمثل أكثر من 500 ألف وظيفة مباشرة في الولايات المتحدة.
ورحبت «إيرباص»، الثلاثاء، بقرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تمديد تعليق الرسوم الجمركية العقابية. وقال ناطق باسم «إيرباص» في تصريح وصل إلى وكالة الصحافة الفرنسية إن هذا الاتفاق «يتيح خلق ظروف منافسة عادلة كما كنا ندعو منذ بداية الخلاف، وتجنب فرض رسوم جمركية تسيء للجميع ولا تؤدي سوى إلى إضافة تحديات جديدة إلى تلك التي تواجهها صناعتنا أساساً».
من جهته، عدّ النائب الأوروبي المحافظ كريستوف هانسن الناطق باسم كتلته بشأن التجارة الدولية أن هذه العقوبات التجارية «لم تؤد سوى إلى خاسرين. أخيراً انقشعت الأجواء. إنه نبأ ممتاز لآلاف الأوروبيين والشركات الأميركية الذين كانوا رهينة هذا الخلاف».
كما أشاع نبأ الاتفاق ارتياحاً لدى مصدري النبيذ والمشروبات الروحية الفرنسيين. وقال نيكولا أوزانام، المندوب العام لـ«اتحاد مصدري النبيذ والمشروبات الروحية»، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن مرتاحون لأن هذا يعطي الشركات إمكانية معرفة مسارها».
وإلى جانب النزاع بشأن «إيرباص» و«بوينغ»، هناك خلافات بين الطرفين حول صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية، ويرغب الاتحاد بتسوية هذه المسألة بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويرى إريك موريس، من «معهد شومان»، أن بايدن يعتزم «تسوية الخلاف للتركيز على أولويته، وهي الصين».
في المقابل، سيسعى الأوروبيون «لمعرفة ما هو هامش المناورة المتاح لهم ضمن هذا التحالف ضد بكين. هناك توافق بينهم على عدم الاصطفاف تماماً لأسباب جيوسياسية من الجانب الفرنسي، واقتصادية من الجانب الألماني».
وإن كانت أوروبا تجهد لحماية سوقها الواسعة من المنافسة غير النزيهة التي تمارسها الشركات الصينية، فيتحتم عليها في الوقت نفسه مراعاة قوة باتت شريكها التجاري الأول. ولم تتخلّ «بروكسل» عن الاتفاق موضع الجدل الذي أبرمته في ديسمبر مع بكين بهدف السماح للمستثمرين الأوروبيين بالدخول إلى قطاعات كانت مغلقة في وجوههم أو كان نشاطهم مقيّداً فيها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.