عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> عبد الله بن سعود العنزي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان، استقبل أول من أمس، الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني. وجرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث الودية، والتطرق إلى عدد من الموضوعات المهمة المشتركة والمتعلقة بالمستجدات الراهنة في المنطقة، إلى جانب بحث سبل تعزيز التعاون المشترك تجاه القضايا الإقليمية والدولية بما يخدم تطلعات البلدين الشقيقين.
> نبيل مصاروة، وزير البيئة الأردني، التقى أول من أمس، في مبنى وزارة البيئة، السفيرة السويدية لدى الأردن ألكسندرا ريدمارك. وجرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول القضايا البيئية ذات الاهتمام المشترك، وأهمها التغير المناخي والرؤى القادمة في العالم وحالة الطوارئ الدولية من أجل تنفيذ مشاريع تعنى بالتغير المناخي، وتبادل الخبرات في مجال التغير المناخي، ووضع الخطط الرامية إلى الحد من هذه الظاهرة، وتم التأكيد على رغبة الطرفين في زيادة أطر التعاون والتنسيق من أجل تطوير برامج تنموية مشتركة.
> الدكتور ناصر محمد البلوشي، سفير مملكة البحرين في روما، اجتمع أول من أمس، مع السيناتور أليساندرو أَلفييري من الحزب الديمقراطي الإيطالي، حيث أكد البلوشي أن مملكة البحرين تعتبر نموذجاً للتعايش بين كافة الأديان الذي يرتكز على مبادئ التسامح واحترام حقوق وكرامة الإنسان، ورفض التطرف بكافة صوره وأشكاله، فلا فرق بين مسلم أو مسيحي أو يهودي في مجتمع يقبل الآخر بكل مودة واحترام متبادل. من جانبه، أعرب أَلفييري عن تطلع بلاده الدائم لتعزيز علاقات الصداقة والتعاون الوثيقة القائمة مع المملكة.
> المختار ولد داهي، وزير الثقافة والشباب والرياضة الموريتاني، زار أول من أمس، بعض المصالح التابعة لقطاعه في مدينة أنواذيبو، شملت المندوبية الجهوية للثقافة والعلاقات مع البرلمان والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة والملعب البلدي ودار الشباب الجديدة في حي الترحيل، واستمع الوزير خلال مختلف محطات الزيارة، لعروض قدمها القائمون على هذه المؤسسات، تناولت طبيعة عملها وأهدافها، وأبرز التحديات التي تواجهها والسبل الكفيلة بتذليل الصعاب أمامها من أجل رفع مستوى وجودة الخدمات التي تقدمها.
> حسن كريم الكعبي، النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، استقبل أول من أمس، سفير المملكة الأردنية الهاشمية في بغداد منتصر العقلة الزعبي، ومستشاره نضال الشرايري. وأكد نائب رئيس المجلس خلال اللقاء على مدى التقارب والمشتركات الكبيرة بين العراق والمملكة الهاشمية، منها النسيج الاجتماعي والامتداد العشائري، فضلاً عن اللغة والدين والمصير الواحد، يأتي بعدها حجم التعاون بين البلدين في الميادين العلمية والاقتصادية والتجارية ومواجهة الإرهاب والاتفاقيات المشتركة التي تصب في مصلحة الشعبين.
> نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية رئيسة جامعة زايد، ترأست أول من أمس، اجتماع مجلس الجامعة الثالث لعام 2021 الذي عقد في مركز المؤتمرات بحرم الجامعة في دبي. واستعرض جملة من المواضيع المدرجة على جدول أعماله. ورحبت الوزيرة بأعضاء مجلس الجامعة، مشيدة بالجهود المخلصة التي يقومون بها ومساعيهم الدؤوبة ومتابعتهم المتواصلة لمسيرة الجامعة. وتناول المجلس خلال اجتماعه عدداً من الموضوعات. وأقر تنفيذ عدد من التوصيات الإدارية والأكاديمية بهدف الارتقاء بمستوى التعليم والبحث العلمي لتلبية تطلعات القيادة الرشيدة.
> أيمن بن توفيق المؤيد، وزير شؤون الشباب والرياضة البحريني، استقبل أول من أمس، سفير اليابان لدى مملكة البحرين مياموتو ماسايوكي، بمناسبة تعيينه سفيراً جديداً لبلاده في مملكة البحرين، وفي بداية اللقاء رحب الوزير بالسفير الياباني، متمنياً له دوام التوفيق والنجاح في مهام عمله الرامي إلى تطوير وترسيخ علاقات التعاون والصداقة التي تجمع بين البلدين، وما وصلت إليه من مستوى متقدم في جميع المجالات وبخاصة الجانب الشبابي والرياضي والذي شهد تعاونا كبيرا في السنوات الماضية.
> غلين مايلز، سفير أستراليا لدى جمهورية مصر العربية، التقى أول من أمس، محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، لبحث سبل دعم وتعزيز التعاون بين مصر وأستراليا في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة. وقال الوزير إن اللقاء يعكس حرص الوزارة على تعزيز سبل التعاون بين مصر وأستراليا خلال الفترة القادمة، والاستفادة من الخبرات المتطورة لأستراليا في مجال الطاقات المتجددة، واستعرض الطرفان مستقبل التعاون بين البلدين والمساهمة في مشروعات قطاع الكهرباء المتجددة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)