عودة لافتة لـ «حزبيّ السلطة» في انتخابات البرلمان الجزائري

في مقابل نكسة «المستقلين»... وتراجع «الإسلاميين»

من عملية إحصاء أوراق التصويت بعد إغلاق مكاتب الاقتراع مساء السبت في العاصمة الجزائرية (أ.ب)
من عملية إحصاء أوراق التصويت بعد إغلاق مكاتب الاقتراع مساء السبت في العاصمة الجزائرية (أ.ب)
TT

عودة لافتة لـ «حزبيّ السلطة» في انتخابات البرلمان الجزائري

من عملية إحصاء أوراق التصويت بعد إغلاق مكاتب الاقتراع مساء السبت في العاصمة الجزائرية (أ.ب)
من عملية إحصاء أوراق التصويت بعد إغلاق مكاتب الاقتراع مساء السبت في العاصمة الجزائرية (أ.ب)

أظهرت النتائج غير النهائية للانتخابات التشريعية الجزائرية، التي جرت السبت الماضي، عودة لافتة لحزبي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» إلى البرلمان، بعد أن توقع غالبية المراقبين «تصويتاً عقابياً» بحكم ارتباطهما بتفشي الفساد، وسوء التسيير خلال 20 سنة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وجاء في التقارير الجزئية لـ«السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات»، في المحافظات الـ58، أن «حزبي السلطة»، كما درجت وسائل الإعلام على تسميتهما، حصلا على عدد كبير من المقاعد 407 التي يضمها «المجلس الشعبي الوطني». لكن من دون أن يكون لهما الغالبية الساحقة كما كان الحال في انتخابات 1997 و2002 و2012 و2017. كما لوحظ فوز الحزبين بمقاعد كثيرة في الولايات ذات الكثافة السكانية العالية، مثل سطيف وقسنطينة بالشرق، ووهران بالغرب.
ومن مفارقات هذه الانتخابات أن «جبهة التحرير» فازت بثمانية مقاعد من تسعة بولاية بجاية في منطقة القبائل، رغم أن التصويت بها لم يصل إلى نسبة واحد في المائة، وذلك بسبب نتيجة المقاطعة الواسعة للانتخاب بهذه الولاية، المعروفة بحدة معارضتها للنظام وللأحزاب الموالية له. وقال سعيد مرسل، أحد أبرز الناشطين السياسيين ببجاية، إن المقعد التاسع عاد إلى مترشح مستقل بـ38 صوتاً فقط.
وفي تفاصيل النتائج، التي حصل عليها الحزبان، يلاحظ أنهما حققا فوزاً عريضاً في الولايات، حيث يملكان الغالبية من المنتخبين بالمجالس الشعبية البلدية. وعادة ما يكون منتخبوهما المحليون، وهم بالآلاف في أكثر من 500 بلدية، سندا قويا لحشد الناخبين لصالح مرشحيهما للبرلمان. غير أن ذلك كان دائما سببا في اتهامهما بالتزوير في كل المواعيد الانتخابية السابقة.
كما أن نتائج الحزبين كانت إيجابية لهما بالمناطق، حيث العلاقات العشائرية قوية، وأفرادها ينتخبون دائماً لصالح «جبهة التحرير الوطني»، التي تعد بالنسبة لهم رمزاً تاريخياً مرتبطاً بثورة الاستقلال.
يشار إلى أن أمين عام «جبهة التحرير»، جمال ولد عباس، أدانه القضاء بالسجن بتهم فساد، تعود إلى فترة توليه وزارة التضامن. كما يوجد في السجن العديد من قيادييه، بينهم رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال (11 سنة سجناً)، ووزراء ورجال أعمال. كما أدان القضاء أمين عام «التجمع الوطني»، أحمد أويحي، وهو رئيس حكومة سابق، بالسجن 12 سنة مع التنفيذ.
وتبقى محافظة الجزائر العاصمة، التي تضم العدد الأكبر من المقاعد (37 مقعداً)، تثير الترقب بعد مرور أكثر من 48 ساعة عن الاقتراع، إذ لا يعرف نسب فوز الأحزاب والمستقلين. فيما قال مسؤولون بمحافظة الجزائر الإدارية إن «جبهة التحرير» تتصدر النتائج.
وبحسب النتائج الجزئية، حلت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة في المركز الثالث، في انتظار تثبيت موقعها بصدور النتائج النهائية، التي ستعلن على الأرجح اليوم، من طرف محمد شرفي، رئيس «سلطة الانتخابات». وكان رئيس الحزب عبد الرزاق مقري أكد، أول من أمس، أنه حقق الريادة في أغلب الولايات. مبرزاً أن هناك «محاولات» لحرمانه منها.
وأفرزت النتائج مراتب متدنية للحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني»، وحزب «جيل جديد»، بعدما أشارت توقعات بحصولهما على عدد كبير من المقاعد. وقال بن قرينة، رئيس «البناء» لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «عزوف الناخبين عن التصويت كان في مصلحة الأحزاب القديمة»، وتحاشى الخوض طويلاً في الموضوع. كما ظهر من النتائج أن «جبهة العدالة والتنمية»، للشيخ عبد الله جاب الله، هي الخاسر الأكبر ضمن كتلة الإسلاميين.
وكانت «سلطة الانتخابات» قد أعلنت أول من أمس أن نسبة التصويت بلغت 30.20 في المائة، وقالت إنها نسبة «مؤقتة».
وعبرت غالبية الأحزاب الـ27، التي خاضت المعترك، عن ارتياحها للظروف التي جرت فيها الانتخابات، رغم المواجهات التي وقعت في كثير من مكاتب الانتخاب بمنطقة القبائل، حيث تم إغلاق بعضها من طرف ناشطين رافضين للانتخابات.
من جهته، أفاد «حزب العمال»، الذي قاطع الاستحقاق التشريعي لأول مرة، في بيان أمس، أن «الأغلبية الساحقة ترسم ضرورة رحيل النظام السائد منذ 1962، وذلك بالامتناع عن التصويت. فقد كانت مقاطعة الانتخاب رسالة مفادها: انتخاباتكم لا تعنينا لأنها لن تحل المشاكل المتراكمة، بل ستزيدها تعقيداً».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».