عملية استخباراتية سعودية تحرر الدبلوماسي الخالدي من «القاعدة» بعد 3 سنوات من اختطافه

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: العملية بدأت منذ فترة طويلة جدًا وانتهت بوصوله إلى شرورة صباح أمس

الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي يصافح عبد الله الخالدي بعد وصوله إلى الرياض (تصوير: سعد العنزي)
الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي يصافح عبد الله الخالدي بعد وصوله إلى الرياض (تصوير: سعد العنزي)
TT

عملية استخباراتية سعودية تحرر الدبلوماسي الخالدي من «القاعدة» بعد 3 سنوات من اختطافه

الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي يصافح عبد الله الخالدي بعد وصوله إلى الرياض (تصوير: سعد العنزي)
الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي يصافح عبد الله الخالدي بعد وصوله إلى الرياض (تصوير: سعد العنزي)

حررت السلطات السعودية، أمس، الدبلوماسي عبد الله الخالدي، القنصل السعودي في عدن، الذي اختطفه تنظيم القاعدة باليمن في 28 مارس (آذار) 2012 من أمام منزله في محافظة عدن اليمنية، ووصل الخالدي صباح أمس إلى محافظة شرورة (جنوب غربي المملكة)، ثم انتقل إلى الرياض عبر طائرة خاصة، وقال الخالدي عقب لقائه بأسرته: «إن حياته كانت متعبة طوال فترة احتجازه، حيث كان يقضي جل وقته في مكان منعزل في بيوت شعبية».
وكان الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، في استقبال عبد الله الخالدي عقب وصوله بطائرة خاصة إلى الصالة الملكية في مطار الملك خالد الدولي بالرياض.
من جانبه، أوضح الأمير عبد العزيز بن عبد الله نائب وزير الخارجية، أن القيادة السعودية سعت جاهدة منذ اختطاف القنصل الخالدي حتى عودته إلى أرض الوطن، وهو بحمد الله سالمًا معافى، وقدم شكره الخاص إلى الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والقوات الأمنية التي سعت إلى وصوله إلى أرض الوطن.
وقال نائب وزير الخارجية «إن استعادة الدبلوماسي عبد الله الخالدي إلى أرض الوطن، هي رسالة واضحة إلى كل المنظمات الإرهابية التي تسعى في اختطاف الدبلوماسيين السعوديين واستهدافهم، بأن قيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، لن تألو جهدًا بأي أحد يحاول المساس بخطف أو استهداف الوطن أو أمن الوطن أو المواطن».
وأكد نائب وزير الخارجية، أن العملية التي نجحت في تحرير نائب القنصل السعودي في عدن، كانت سعودية من دون أن يشير في تصريحاته إلى أي مشاركة دولة أجنبية في العملية.
وكان مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، أوضح أنه نتيجة للجهود المكثفة التي بذلتها رئاسة الاستخبارات العامة، وصل إلى أرض الوطن بسلامة الله القنصل السعودي في عدن، عبد الله محمد خليفة الخالدي، الذي سبق أن اختطف من أمام منزله بحي المنصورة في عدن، وهو في طريقه إلى مكتبه صباح الأربعاء 28 مارس 2012، ليتم تسليمه بعد ذلك في صفقة مشبوهة إلى عناصر الفئة الضالة.
وقال المصدر، إن عناصر الفئة الضالة التي احتجزت القنصل الخالدي، احتجزته قسرًا في مخالفة صارخة للمبادئ والأخلاق الإسلامية والعربية فضلاً عن أحكام العهود والمواثيق الإنسانية التي تحكم وتصون حقوقه كدبلوماسي، عمله ينحصر في تيسير أمور مواطني الدولة المضيفة من الحصول على تأشيرات دخول المملكة للحج والعمرة والعمل وزيارة الأهل والأقارب وغيرها.
وأكد المصدر، أن «العائد الخالدي سوف يخضع للفحوصات الطبية، ويجمع شمله بأسرته، ووزارة الداخلية إذ تعلن ذلك لتؤكد على أن الدولة أعزها الله لن تألو جهدا في المحافظة على مواطنيها والحرص على سلامتهم أينما كانوا».
فيما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الدبلوماسي عبد الله الخالدي، وصل صباح اليوم (أمس) إلى محافظة شرورة (جنوب غربي السعودية) عن طريق البر، حيث نجحت القوات الأمنية السعودية ممثلة في وزارة الداخلية ورئاسة الاستخبارات العامة، في تقصي وجمع المعلومات منذ فترة طويلة جدًا، وتحديد المواقع التي يتوقع أن يتواجد فيها عبد الله الخالدي، حتى يتم تحريره.
ووصفت المصادر العملية بـ«الضخمة جدًا»، وكانت تحت متابعة مباشرة من الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد وزير الداخلية السعودي، والتي جرى التمكن من تحرير القنصل السعودي في عدن، من دون أن يتعرض إلى أي أذى، حتى يصل إلى أرض الوطن بسلام.
وذكرت المصادر، أن المطالب التي أعلن عنها تنظيم القاعدة باليمن خلال اتصال مشعل الشدوخي أحد عناصر التنظيم مع السفير علي الحمدان، السفير السعودي لدى اليمن سابقا، ومقايضته بسجناء ونساء وفدية، قدرت بنحو 10 ملايين دولار، لم ينظر إليها، رغم التأكيد أن السعودية لا يمكنها أن تدخل في مفاوضات أو أي مساومات مع «القاعدة».
فيما أشار الدبلوماسي عبد الله الخالدي إلى حياته منذ فترة اختطافه في مارس 2012، أنها كانت متعبة جدًا، ويعيش في مكان منعزل طوال ثلاث سنوات، وينقل بين البيوت الشعبية.
وأكد الخالدي، أن المناشدات المرئية التي نشرتها مؤسسة الملاحم (الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة باليمن)، وظهر فيها القنصل السعودي في عدن، كان مجبرًا عليها بالقوة الجبرية، وقال: «أعتذر عن كل شخص ذكرت اسمه في المقاطع المرئية التي نشرت على مواقع الإنترنت، أو أي شخص أسأت له».
إلى ذلك، كشف إبراهيم الخالدي شقيق الدبلوماسي عبد الله، أنه تلقى اتصالا ظهر أمس، من الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد وزير الداخلية، أبلغه بأن شقيقه عبد الله يتواجد حاليًا - خلال لحظة الاتصال - داخل الأراضي السعودية، وهو بصحة وعافية، وسيصل إلى الرياض بعد ساعات.
وقال إبراهيم الخالدي، إن خبر وصول عبد الله إلى السعودية، كان متوقعًا سواء بعد ثلاث سنوات أو أكثر، وذلك لثقة أسرة الخالدي في القيادة السعودية والأمن، في استعادة ابنهم، مشيرًا إلى أن هناك حالات إغماء وقعت بين أفراد أسرته لحظة تلقيهم نبأ تحرير عبد الله من عناصر التنظيمات الإرهابية، وأضاف: «زوجته أغمي عليها بعد تلقيها الخبر، وكذلك شقيقته التي كانت لحظتها في المدرسة كونها تعمل مدرسة هناك».
وذكر محمد خليفة الخالدي، والد الدبلوماسي المحرر: «لم أفقد الأمل طوال الثلاث سنوات الماضية، وتلقيت اتصالا بالتهنئة على وصول ابني عبد الله إلى أرض الوطن من الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي».
وتبنّى فرع «القاعدة» في اليمن عملية اختطاف الدبلوماسي عبد الله الخالدي، القنصل السعودي في عدن، والتي خطط لها سعيد الشهري، نائب زعيم «القاعدة» في اليمن (قتل في قصف جوي بطائرة من دون طيار)، وذلك بعد اختطافه أثناء خروجه من منزله في عدن في 2012.
...المزيد
خادم الحرمين الشريفين يوجه بتأمين منزل للقنصل الخالدي
السعودية تحبط ابتزاز «القاعدة» بتحرير قنصلها الخالدي في عملية استخباراتية نوعية
شهر مارس القاسم بين اختفائه ووصوله إلى السعودية
«القاعدة» قابلت الإحسان بالإساءة لنائب القنصل السعودي باليمن



«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
TT

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية، وحاجياتهم الحيوية الملموسة»، متهماً «التصورات المتطرفة» بالمراهنة على تطلعات آيديولوجية تبرر التضحية بطموحات الشعوب في سبيل مشروعات ترى التدمير إنجازاً والتنمية تهمة.

وأشار «اعتدال»، الذي يتّخذ من الرياض مقرّاً له، في تقرير نشر عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، الأربعاء، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الفكر المتطرّف إلى مهاجمة الدول المستقرة، لافتاً إلى اعتبارات متطرّفة عدة مقابل ما يقدّمه الاستقرار للتنمية والأمن والمستقبل.

الأزمات «لحظات عابرة»

الدول المستقرّة، وفقاً للتقرير، تعدّ كل أزمة «لحظةً عابرة» ينبغي تجاوزها للعودة إلى مهامها الأساسية القائمة على العناية بجودة الحياة وضمان الأمن، بينما تُعدّ الأزمات «جزءاً من عقيدة التطرف بمختلف مشاربه»، وبيّن أن الاستقرار «محك واقعي لمدى صدق الوعود والعهود التي يطلقها المتطرفون عبر خطابهم الترويجي والاستقطابي»، وللاستدلال على أن «المتطرّفين» لا يملكون أي مشروع حقيقي غير الدعوة إلى التدمير والصراع، أوضح «اعتدال» أن خُلُو العالم من الأزمات، وشيوع الاستقرار بين الدول، «سيحرمهم لا محالة من الوضع المعلق الذي تخلقه الصراعات».

وضمن الأسباب التي تدفع الفكر المتطرف إلى مهاجمة الدول المستقرة، يرى التقرير أن «الاستقرار يُمَتَّنُ حالة الولاء بين المجتمعات وبين الدول»، عادّاً أن ذلك يحول دون «تنامي المشاعر السلبية والانفعالات المريضة والحاقدة بين الناس، مما يُعدّ حرماناً للمتطرفين من مادتهم الأساسية».

ويعتقد يوسف الرميح، وهو مستشار أمني سعودي، أن الفكر المتطرّف «يحاول استهداف الدول المستقرة والدول المضطربة على حدٍّ سواء».

دوافع واختلافات

ويرى الرميح أن «الدول المستقرة ليس لديها هامش للأفكار المضطربة، مما يدفع بالمتطرفين إلى محاولة الاصطياد في الماء العكر واختراق المجتمعات عبر استهداف مواطنين، خصوصاً الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العامة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف خلخلة هذا النظام العام في المجتمع».

يذكر أن «اعتدال» يضطلع بمهام رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف، وحجب منافذه بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر تغذيتها. وقد دُشّن من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من قادة الدول خلال في مايو (أيار) عام 2017 بالرياض.