مايا دياب في «إكس ـ بلور»: معركة ضد اليأس

أطلقت جديدها «أحلى كلام» وأطلّت بابتكار مع «سوبر مايا»

TT

مايا دياب في «إكس ـ بلور»: معركة ضد اليأس

قد يسجّل المُتابع ملاحظات تتعلّق ببعض تصريحات مايا دياب وخياراتها الفنية، لكن لا غبار على رغبتها في التجديد وحماستها على المسرح. مسألة أخرى مستوى بعض الأغنيات ومدى احتضان الناس لها، وعمرها في الذاكرة. الأكيد أنّها في الحفلات فنانة استعراض تسعى خلف الدهشة. إنتاج ضخم، هو حفل «إكس - بلور» المعروض عبر «شاهد VIP»، حيث الغناء يتخطّى المألوف. قد يجوز الفصل بين رأي بالفنانة يتعلّق بيومياتها على «السوشيال ميديا»، ومقابلاتها وأجواء بعض ما تُقدّم، وهذه الروعة التي تفرض الاعتراف بها والتصفيق لها. عالم ساحر من الضوء واللون، على طريقة أضخم العروض العالمية، حيث الفنانة هنا في الغيم. الحقيقة (اللبنانية تحديداً)، فيها من الآلام ما يناقض هذا الجمال، ويتعارك معه. يتّخذ الحفل شكلاً مذهلاً، كأنّ كلّ شيء في الخارج كذبة كبرى.
هي لعبة في نهايتها تعود «سوبر مايا» إلى موقعها الطبيعي: الخيال وشلالاته. «Game Over» على طريقة التحكّم بالمجريات والقبض على الزمام. وهكذا هي مايا دياب في حفلات من هذا النوع: سيطرة تامة، وتدخّل في التفاصيل. أزياء... وأزياء... وأزياء، وبريق يطال حتى الكمامات. هي «لعبة» الشكل أيضاً. إطلالات الفنانة ومكياجها، والغلامور على مدّ الكادر في كلّ أغنية، حتى لتتنافس الأغنيات مع بعضها، وتتبارى في فتح صناديق المفاجآت. تبذل المخرجة شيرين خوري جهداً في رفع المستوى البصري إلى الذروة. صورتها تُخرج الـ«واو» من الفم الملآن. فالشكل بطل الحفل، جنباً إلى جنب مع النجمة. هو ظلُّها وخيالها، أكان فستاناً أم إكسسوارات، أم فخامة الديكور. الشكل عصبُ السهرة.
لا يُستهان بالتعب من أجل بلوغ الهدف. يقف فريق عمل من نحو 80 محترفاً ومحترفة، خلف أقل من ساعة استعراضية، تضيف إلى «شاهد» نقطة في سجل مباهج الحياة. كان ليل الخميس، التاسعة بتوقيت السعودية، موعداً لإقفال الباب أمام لعنات الخارج، وسدّ النوافذ أمام اللهيب المتدفّق إلى المنازل. نحن في لبنان عاجزون عن الفرح، فنتمسّك بقشة. يأتي الحفل على هيئة استراحة من النار وهي تلتهمنا من دون شفقة. ليس القصد «لبننة» الكتابة، لكن سلخ الذات عن جذورها عذاب. فنانة لبنانية «تُعيّشنا» ليالي السهر حين كانت ممكنة من دون إحساس بالذنب. تدخلنا في الأجواء وتسدل الستارة على المرارة. MAYA بالحرف الكبير، بحجم الحاجة إلى نَفَس.
الجمال غير تقليدي، لاستجابته الفورية للفكرة الخلّاقة. تغنّي مايا دياب «أكبر من كلّ الكلمات، حبك يا حبيبي بالذات»، مرتدية جلد النمر، والأضواء من حولها تتراقص. ما تعريف الترفيه؟ أن يمسسك شيء مختلف يلوّن أيامك البائسة، وأن تأخذك الصورة إلى حيث تريد، من دون اعتراض منك أو رغبة في المغادرة. والترفيه هو الانفصال عن الهَمّ ومخاصمة الزعل. ليست أغنيات مايا دياب تحفاً فنية، فبعضها يُغنّى ويُنسى. «إكس - بلور» لا يترك مجالاً لإنكار الجهد أو التقليل من حجمه؛ فالفن أيضاً صورة وذهول. بدرٌ معلّق في السماء، يكاد يكون قريباً، ودياب تغنّي «أنا والله بحبو كتير». كلّ أغنية مفاجأة. مرّة بالريش الأبيض، ومرّة بحلبة المصارعة مع «سوبر مايا»، وبالسيارة وقناع العينين. تسلَّ أيها المشترك في «شاهد VIP» ودع الوقت يمرّ. «بعملّوا شو ما بدّو متل الطفل بداريه».
«وبلاش السكّة دي معايا/ أنا زي القطط يا ابني بسبعة أرواح»، تغنّي مع التمايل. رسالة الحفل: افرح! سلّم نفسك للأغنية بأشكالها وألوانها. بارتفاعها و«طراطيقها». المهم أن تُواصل البحث عن هواء. أكان لافحاً ومنعشاً، أم حارقاً كهبّات صيفية. «خدني نروح يلا نروح مطرح ما أنت بتريد». كلّ الغناء أفضل من الضجر.
استغرقت التحضيرات نحو شهر، وصُوِّر الحفل على امتداد 26 ساعة داخل استوديو مجهّز في بيروت. «خدني بعيد» تقول في الأغنية، وأنواع هذه السهرات تأخذ المزاج بعيداً، «ويا صباح الروقان»! تُكمل مايا دياب الوصلات الاستعراضية من تصميم هادي عواضة. ومع الاستراحة الأولى، تظهر الاستعدادات: فريق بكمامات تصدّ الوباء، يخطط وينفّذ. ثم «3. 2. 1. أكشن»، «I’m back»، فتعود إلى الغناء. كانت فرصة لإطلاق جديدها، «أحلى كلام» بالمصرية، من كلمات ناصر الجيل، ألحان محمود الخيامي، وتوزيع هادي شرارة، «ووياه بحسّ كلّ لأنا حسّاه»، و«يا إمّا هو يا إمّا بلاه». وفرصة لإطلاق «سوبر مايا»، من «السوشيال ميديا» إلى المسرح. تقول إنّ دورها «لن يقتصر على الحفل فحسب»، مُبشّرة بـ«مفاجآت في المستقبل». على الأقل، مايا دياب لا تقف في مكان واحد حيث الروتين والرتابة. صحيح أنّ الفن ليس إعداد أغنيات، ولا إصدارات جديدة فيما القديمة لم تنتشر. لكنّه أولاً إرادة بقاء، ومعركة نبيلة ضدّ اليأس. وهو تأكيد على عظمة التمسّك بالأمل على مركب يغرق.
كانوا ثلاثة مكوّنات ناجحة: مايا دياب، الصورة، وتطبيق «شاهد». الأولى تتطلّع إلى البعيد، الثانية في أعلى مستويات، والثالث رفيق هذه الأيام القاحلة؛ يوزّع باقات الزهر ويداوي يباس الروح بعطورها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».