دمشق تصعِّد ضد القوات الأميركية في قاعدة التنف

النيابة العسكرية اتهمت واشنطن بتدريب «إرهابيين»

مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)
مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)
TT

دمشق تصعِّد ضد القوات الأميركية في قاعدة التنف

مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)
مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)

اتهمت دمشق واشنطن بالضلوع في تدريب «إرهابيين» في سوريا، وقالت إن كل من تورطوا مع الاحتلال ستطالهم الملاحقة.
وفي بيان بثته قنوات الإعلام الرسمي، كشفت النيابة العسكرية السورية عن حيازتها «براهين» و«أدلة قاطعة على جرائم ارتكبها إرهابيون يتبعون جماعات مسلحة تتلقى دعماً أميركياً، ما سيتيح توجيه اتهامات مثبتة ضد الولايات المتحدة الأميركية حول دورها في تحضير وتنفيذ عمليات إرهابية على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة». وتوعدت النيابة العسكرية السورية بملاحقة ومحاسبة السوريين المتعاونين مع «الاحتلال» الأميركي، وقال المتحدث باسم النيابة إن التحقيق ما زال جارياً لديها «لمعرفة مدى تورط الأجهزة الخاصة في الولايات المتحدة بشكل مباشر في إدارة مثل تلك الهجمات على الأرض»، وأوضح أن تلك الهجمات والاغتيالات طالت ضباطاً وجنوداً سوريين وروسيين.
كانت مصادر سورية وروسية إعلامية قد تحدثت الشهر الماضي عن زيارات وتنسيق عالي الوتيرة للقوات البريطانية ومدربين أميركيين لـ«جيش مغاوير الثورة» في التنف، وإدخال دعم جديد أو شحنات من الأسلحة ومنظومة «هيمارس» الصاروخية إلى الموقع وأجهزة رصد ومراقبة. كما ذكرت مصادر إعلامية أن القوات الأميركية في قاعدة «التنف» أبلغت «جيش مغاوير الثورة» بالاستعداد لمرحلة جديدة من التدريب المكثف لرفع قدرات مقاتليه. بهدف فرض «الاستقرار الميداني على مستوى سوريا» لتمهيد الأجواء للحل السياسي الشامل على أساس قرار مجلس الأمن 2254.
في المقابل، ذكرت مصادر متقاطعة أن القيادة العسكرية الروسية في قاعدة «حميميم» كلفت الشهر الماضي شركة «فاغنر» الأمنية بضبط الملف الأمني في ثلاث محافظات سورية: الرقة، وحلب، وحماة، وتنظيم الدوريات العسكرية لضبط الأمن، وقيادة العمليات العسكرية، بالتعاون مع «لواء القدس» الفلسطيني في سوريا.
وجاء بيان النيابة العسكرية السورية أمس وسط أنباء عن إنشاء ميليشيات «حركة النجباء» العراقية المدعومة من «الحرس الثوري» الإيراني، مركز مالية ومكتب انتساب جديدين لها في بلدة التبني غربي دير الزور. كما أنهت الميليشيات إنشاء مقر عسكري ومهجع خاص بها في محيط البلدة من الجهة الشرقية بالقرب من طريق دير الزور - الرقة الدولي، وفرزت له 40 عنصراً من عناصرها. حسب مصادر محلية قالت إن «حركة النجباء» تسعى إلى تحويل مناطق ريف دير الزور الغربي من معدان عتيق وصولاً إلى التبني وباديتها إلى معقل رئيسي لها، لتكون قاعدة رئيسية لها في سوريا، كما تسعى لإطلاق جناحها العسكري المحلي الذي سيحمل اسم «حركة النجباء السورية».
وأرفقت النيابة العسكرية السورية بيانها بصور لأشخاص قالت إنهم «إرهابيون» يدرّبهم أميركي على طريقة استخدام «صواريخ تاو الأميركية الصنع، ومدافع هاون عيار 82» وصور لدورية مشتركة ينفذها «الإرهابيون» جنباً إلى جنب مع الجنود الأميركيين في منطقة التنف وصور لما وصفته بتدريبات «ليلية مشتركة بين إرهابيين وقوات أميركية على استخدام مناظير ليلية ووسائل الاستطلاع الحديثة».
وعرضت النيابة العسكرية السورية مع بيانها اعترافات متلفزة لبعض مَن وصفتهم بـ«متزعمين ميدانيين وإرهابيين» يُقرون فيها بتلقي «الإرهابيين» تدريبات من القوات الأميركية، لا سيما العميد مهند طلاع قائد الفصيل السوري المعارض «جيش مغاوير الثور». وحسب البيان، لجأت الولايات المتحدة الأميركية «بمساعدة وتمويل من دول غربية وإقليمية إلى استخدام وكلاء على الأرض» بعضهم من السوريين والبعض الآخر أجانب وقامت بتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم ليشنوا اعتداءاتهم على العسكريين السوريين والروس وغيرهم من خبراء الدول الحليفة ممن دعتهم دمشق «للمشاركة في الدفاع عن سيادتها واستقلالها». وأضافت النيابة العسكرية السورية في بيانها أن الولايات المتحدة تقوم بـ«انتقاء أعداد كبيرة من الإرهابيين بعضهم من إرهابيي (داعش) الموقوفين في سجون جماعات موالية لها ونقلهم إلى القاعدة العسكرية الأميركية في التنف ومواقع أميركية مشابهة»، حيث يتلقون هناك تدريبات عسكرية مكثفة تمتد عادةً إلى ثلاثة أسابيع بإشراف مدربين أميركيين وتحت غطاء تدريب ما يسمى «جيش مغاوير الثورة» بغية تمكينهم من تنفيذ اعتداءات تخريبية وإرهابية واستخدام معدات ووسائل استطلاع حديثة.
وتدعم قاعدة التنف العسكرية الأميركية «جيش مغاوير الثورة» والذي هو أحد الفصائل السورية المسلحة المعارضة لمواجهة تنظيم «داعش» وحماية منطقة الـ(55 كم) في التنف داخل الأراضي السورية. وشهد مطلع العام الجاري قيام (جيش مغاوير الثورة) بمناورات عسكرية ليلية بالذخيرة الحية بالاشتراك مع قوات التحالف الدولي. وقال المتحدث باسم التحالف الدولي لقتال «داعش» إن أولوياتهم في 2021 القضاء على «داعش».
وسبق وجرت مناورات عسكرية مشتركة لقوات التحالف مع «مغاوير الثورة» داخل منطقة الـ(55 كم) قرب قاعدة التنف، أولها في 2018 حين نفّذت ضربات جوية تدريبية في مناورات بالذخيرة الحية وأسس إسعاف الإصابات الحربية لإثبات قدرتها على حماية المنطقة من أي تهديد.
وفي تصريحات سابقة لقائد «جيش مغاوير الثورة» العميد مهند طلاع، أكد تلقّي فصيله الدعم والتدريب من قوات التحالف الدولي بوصفهم «شركاء» في «مواجهة أي هجمات محتملة من الإيرانيين على القواعد وشركاء التحالف، وحماية المنطقة وأهالي مخيم الركبان».
وسبق واستهدفت قوات التحالف الدولي مرات عدة مواقع وأرتالاً لقوات النظام في محيط قاعدة «التنف» على خلفية اقترابها من المنطقة المحظورة.
واتهمت النيابة العامة السورية الولايات المتحدة باحتلال «أجزاء واسعة من الأراضي السورية وإنشاء قواعد عسكرية ومطارات حربية» بما يتنافى مع القانون الدولي، إذ تم دون موافقة الحكومة السورية ودون تفويض من مجلس الأمن الدولي، وبما يناقض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974. ولفت البيان إلى ما كشف مؤخراً عن نية الرئيس الأميركي جو بايدن وقف نشاط شركة «دلتا كريس إنرجي» في مجال نقل النفط المستخرج من الأراضي السورية بوصفه «دليلاً قاطعاً» على انتهاك «العلاقات الدولية»، معتبراً أن الولايات المتحدة الأميركية «تسرق» الثروات السورية من نفط وغاز وقمح وتنقلها إلى خارج الحدود في «سابقة» لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وتنتشر القواعد العسكرية الأميركية في مناطق شمال وشرق سوريا، ففي ريف حلب الشمالي هناك قاعدة عين العرب «كوباني» قرب الحدود التركية. وفي محافظة دير الزور قاعدة في محيط حقل العمر النفطي بريف المحافظة، وتعد من كبرى القواعد الأميركية في سوريا، وكذلك القاعدة التي تقع قرب حقل التنك النفطي في ريف دير الزور. ثم قاعدة الرويشد، وهي قاعدة إمداد برية في منطقة مثلث البادية، وتربط محافظات دير الزور والحسكة والرقة. إضافة قاعدة الباغوز بريف دير الزور، بالإضافة إلى تسع قواعد عسكرية أميركية في الشمال الشرقي أهمها قاعدة الرميلان في الحسكة تليها قاعدة المالكية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وقاعدة تل بيدر القريبة من طريق «إم فور» الاستراتيجي، وتتكامل هذه القاعدة مع قاعدتي «لايف ستون» و«قسرك» شرقي بلدة تل تمر على طريق «إم فور»، ويستخدمها التحالف الدولي.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».