دمشق تصعِّد ضد القوات الأميركية في قاعدة التنف

النيابة العسكرية اتهمت واشنطن بتدريب «إرهابيين»

مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)
مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)
TT

دمشق تصعِّد ضد القوات الأميركية في قاعدة التنف

مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)
مقاتلون من «مغاوير الثورة» الذين تدعمهم أميركا في قاعدة التنف شرق سوريا (مغاوير الثورة)

اتهمت دمشق واشنطن بالضلوع في تدريب «إرهابيين» في سوريا، وقالت إن كل من تورطوا مع الاحتلال ستطالهم الملاحقة.
وفي بيان بثته قنوات الإعلام الرسمي، كشفت النيابة العسكرية السورية عن حيازتها «براهين» و«أدلة قاطعة على جرائم ارتكبها إرهابيون يتبعون جماعات مسلحة تتلقى دعماً أميركياً، ما سيتيح توجيه اتهامات مثبتة ضد الولايات المتحدة الأميركية حول دورها في تحضير وتنفيذ عمليات إرهابية على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة». وتوعدت النيابة العسكرية السورية بملاحقة ومحاسبة السوريين المتعاونين مع «الاحتلال» الأميركي، وقال المتحدث باسم النيابة إن التحقيق ما زال جارياً لديها «لمعرفة مدى تورط الأجهزة الخاصة في الولايات المتحدة بشكل مباشر في إدارة مثل تلك الهجمات على الأرض»، وأوضح أن تلك الهجمات والاغتيالات طالت ضباطاً وجنوداً سوريين وروسيين.
كانت مصادر سورية وروسية إعلامية قد تحدثت الشهر الماضي عن زيارات وتنسيق عالي الوتيرة للقوات البريطانية ومدربين أميركيين لـ«جيش مغاوير الثورة» في التنف، وإدخال دعم جديد أو شحنات من الأسلحة ومنظومة «هيمارس» الصاروخية إلى الموقع وأجهزة رصد ومراقبة. كما ذكرت مصادر إعلامية أن القوات الأميركية في قاعدة «التنف» أبلغت «جيش مغاوير الثورة» بالاستعداد لمرحلة جديدة من التدريب المكثف لرفع قدرات مقاتليه. بهدف فرض «الاستقرار الميداني على مستوى سوريا» لتمهيد الأجواء للحل السياسي الشامل على أساس قرار مجلس الأمن 2254.
في المقابل، ذكرت مصادر متقاطعة أن القيادة العسكرية الروسية في قاعدة «حميميم» كلفت الشهر الماضي شركة «فاغنر» الأمنية بضبط الملف الأمني في ثلاث محافظات سورية: الرقة، وحلب، وحماة، وتنظيم الدوريات العسكرية لضبط الأمن، وقيادة العمليات العسكرية، بالتعاون مع «لواء القدس» الفلسطيني في سوريا.
وجاء بيان النيابة العسكرية السورية أمس وسط أنباء عن إنشاء ميليشيات «حركة النجباء» العراقية المدعومة من «الحرس الثوري» الإيراني، مركز مالية ومكتب انتساب جديدين لها في بلدة التبني غربي دير الزور. كما أنهت الميليشيات إنشاء مقر عسكري ومهجع خاص بها في محيط البلدة من الجهة الشرقية بالقرب من طريق دير الزور - الرقة الدولي، وفرزت له 40 عنصراً من عناصرها. حسب مصادر محلية قالت إن «حركة النجباء» تسعى إلى تحويل مناطق ريف دير الزور الغربي من معدان عتيق وصولاً إلى التبني وباديتها إلى معقل رئيسي لها، لتكون قاعدة رئيسية لها في سوريا، كما تسعى لإطلاق جناحها العسكري المحلي الذي سيحمل اسم «حركة النجباء السورية».
وأرفقت النيابة العسكرية السورية بيانها بصور لأشخاص قالت إنهم «إرهابيون» يدرّبهم أميركي على طريقة استخدام «صواريخ تاو الأميركية الصنع، ومدافع هاون عيار 82» وصور لدورية مشتركة ينفذها «الإرهابيون» جنباً إلى جنب مع الجنود الأميركيين في منطقة التنف وصور لما وصفته بتدريبات «ليلية مشتركة بين إرهابيين وقوات أميركية على استخدام مناظير ليلية ووسائل الاستطلاع الحديثة».
وعرضت النيابة العسكرية السورية مع بيانها اعترافات متلفزة لبعض مَن وصفتهم بـ«متزعمين ميدانيين وإرهابيين» يُقرون فيها بتلقي «الإرهابيين» تدريبات من القوات الأميركية، لا سيما العميد مهند طلاع قائد الفصيل السوري المعارض «جيش مغاوير الثور». وحسب البيان، لجأت الولايات المتحدة الأميركية «بمساعدة وتمويل من دول غربية وإقليمية إلى استخدام وكلاء على الأرض» بعضهم من السوريين والبعض الآخر أجانب وقامت بتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم ليشنوا اعتداءاتهم على العسكريين السوريين والروس وغيرهم من خبراء الدول الحليفة ممن دعتهم دمشق «للمشاركة في الدفاع عن سيادتها واستقلالها». وأضافت النيابة العسكرية السورية في بيانها أن الولايات المتحدة تقوم بـ«انتقاء أعداد كبيرة من الإرهابيين بعضهم من إرهابيي (داعش) الموقوفين في سجون جماعات موالية لها ونقلهم إلى القاعدة العسكرية الأميركية في التنف ومواقع أميركية مشابهة»، حيث يتلقون هناك تدريبات عسكرية مكثفة تمتد عادةً إلى ثلاثة أسابيع بإشراف مدربين أميركيين وتحت غطاء تدريب ما يسمى «جيش مغاوير الثورة» بغية تمكينهم من تنفيذ اعتداءات تخريبية وإرهابية واستخدام معدات ووسائل استطلاع حديثة.
وتدعم قاعدة التنف العسكرية الأميركية «جيش مغاوير الثورة» والذي هو أحد الفصائل السورية المسلحة المعارضة لمواجهة تنظيم «داعش» وحماية منطقة الـ(55 كم) في التنف داخل الأراضي السورية. وشهد مطلع العام الجاري قيام (جيش مغاوير الثورة) بمناورات عسكرية ليلية بالذخيرة الحية بالاشتراك مع قوات التحالف الدولي. وقال المتحدث باسم التحالف الدولي لقتال «داعش» إن أولوياتهم في 2021 القضاء على «داعش».
وسبق وجرت مناورات عسكرية مشتركة لقوات التحالف مع «مغاوير الثورة» داخل منطقة الـ(55 كم) قرب قاعدة التنف، أولها في 2018 حين نفّذت ضربات جوية تدريبية في مناورات بالذخيرة الحية وأسس إسعاف الإصابات الحربية لإثبات قدرتها على حماية المنطقة من أي تهديد.
وفي تصريحات سابقة لقائد «جيش مغاوير الثورة» العميد مهند طلاع، أكد تلقّي فصيله الدعم والتدريب من قوات التحالف الدولي بوصفهم «شركاء» في «مواجهة أي هجمات محتملة من الإيرانيين على القواعد وشركاء التحالف، وحماية المنطقة وأهالي مخيم الركبان».
وسبق واستهدفت قوات التحالف الدولي مرات عدة مواقع وأرتالاً لقوات النظام في محيط قاعدة «التنف» على خلفية اقترابها من المنطقة المحظورة.
واتهمت النيابة العامة السورية الولايات المتحدة باحتلال «أجزاء واسعة من الأراضي السورية وإنشاء قواعد عسكرية ومطارات حربية» بما يتنافى مع القانون الدولي، إذ تم دون موافقة الحكومة السورية ودون تفويض من مجلس الأمن الدولي، وبما يناقض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974. ولفت البيان إلى ما كشف مؤخراً عن نية الرئيس الأميركي جو بايدن وقف نشاط شركة «دلتا كريس إنرجي» في مجال نقل النفط المستخرج من الأراضي السورية بوصفه «دليلاً قاطعاً» على انتهاك «العلاقات الدولية»، معتبراً أن الولايات المتحدة الأميركية «تسرق» الثروات السورية من نفط وغاز وقمح وتنقلها إلى خارج الحدود في «سابقة» لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وتنتشر القواعد العسكرية الأميركية في مناطق شمال وشرق سوريا، ففي ريف حلب الشمالي هناك قاعدة عين العرب «كوباني» قرب الحدود التركية. وفي محافظة دير الزور قاعدة في محيط حقل العمر النفطي بريف المحافظة، وتعد من كبرى القواعد الأميركية في سوريا، وكذلك القاعدة التي تقع قرب حقل التنك النفطي في ريف دير الزور. ثم قاعدة الرويشد، وهي قاعدة إمداد برية في منطقة مثلث البادية، وتربط محافظات دير الزور والحسكة والرقة. إضافة قاعدة الباغوز بريف دير الزور، بالإضافة إلى تسع قواعد عسكرية أميركية في الشمال الشرقي أهمها قاعدة الرميلان في الحسكة تليها قاعدة المالكية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وقاعدة تل بيدر القريبة من طريق «إم فور» الاستراتيجي، وتتكامل هذه القاعدة مع قاعدتي «لايف ستون» و«قسرك» شرقي بلدة تل تمر على طريق «إم فور»، ويستخدمها التحالف الدولي.



وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.


«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)

وسّعت الجماعة الحوثية من دائرة انتهاكاتها الممنهجة لتطال عشرات المحاسبين القانونيين اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء، عبر حملات تعقّب، وملاحقة، وتهديدات مباشرة بالتصفية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والإخضاع للتطييف الفكري، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية، وتمثل تهديداً خطيراً لاستقلال المهنة، وسلامة العاملين فيها، وانعكاساً سلبياً على بيئة العمل القانونية والمحاسبية في البلاد.

ودفعت هذه الممارسات المتصاعدة منتسبي مهنة المحاسبة القانونية في صنعاء إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة، وإصدار بيانات إدانة شددت على ضرورة الوقوف في وجه الجماعة، واتخاذ خطوات تصعيدية للدفاع عن حقوق المحاسبين، وحماية مهنيتهم في عموم مناطق سيطرة الحوثيين.

وأعربت «جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين» (مقرها صنعاء) عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات، والتهديدات، وأعمال الخطف التي يتعرض لها منتسبوها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، معتبرة أن تكرار هذه الممارسات بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقلال المهنة، وسلامة أعضائها، ويقوّض أسس العمل المهني القائم على الحياد، والشفافية.

عبر الانتماء السلالي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

وأوضحت الجمعية، في بيان، أن المحاسب القانوني محمود الحدي تلقى أخيراً تهديدات مباشرة وصريحة عبر الهاتف بالتصفية الجسدية، صدرت عن مشرف حوثي بارز يُدعى شرف أحمد الجوفي. وأكدت أن التهديد بالقتل، والإساءة، وتوجيه الشتائم جرت أثناء حضور عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية، في واقعة عدّتها انتهاكاً صارخاً للقانون، والأعراف المهنية.

وأشار البيان إلى أن المحاسب القانوني عزّ الدين الغفاري تعرّض قبل فترة للاحتجاز التعسفي من قبل ما تُسمى إدارة البحث الجنائي الخاضعة للجماعة في صنعاء، وذلك بإيعاز من قاضٍ موالٍ للحوثيين يعمل بمحكمة استئناف العاصمة المختطفة، على خلفية قيامه بمهامه المهنية في مراجعة شفافة لإحدى القضايا، في مؤشر على استخدام أدوات القضاء والأمن لتصفية الحسابات المهنية.

وعبّرت الجمعية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التهديد، والاعتداء، والاختطاف المستمرة التي طالت ولا تزال محاسبين قانونيين في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والتحرك لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.

استمرار التعسف

هاجم مصدر نقابي في جمعية المحاسبين اليمنيين بصنعاء كبار قادة ومشرفي الجماعة، متهماً إياهم باتخاذ مزيد من الإجراءات والممارسات التعسفية المخالفة للقانون ضد العشرات من زملائه في صنعاء، ومدن أخرى، محذّراً من انعكاسات خطيرة على مهنة العمل المحاسبي والقانوني، وعلى الثقة العامة بالبيئة الاقتصادية.

وكشف المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» طلب فيه عدم ذكر اسمه، عن تعرّض أكثر من 16 مكتباً ومركزاً للمحاسبة والمراجعة والتدريب القانوني في صنعاء، إلى جانب عشرات المحاسبين الإداريين والقانونيين، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لحملات ابتزاز، ومضايقة، وإغلاق قسري، فضلاً عن اختطاف، واعتقال تعسفي، وغير قانوني.

وأضاف أن الجمعية تواصل اتخاذ خطوات تصعيدية متاحة للدفاع عن أعضائها، وحماية كرامتهم، والتمسك بأداء واجبها في خلق بيئة مهنية آمنة تتيح للمحاسب أداء مهامه باستقلالية وحياد كاملين، بعيداً عن أي ضغوط، أو تهديدات، مؤكداً أن الصمت إزاء هذه الانتهاكات سيقود إلى مزيد من التدهور المؤسسي.

جانب من انتشار أمني حوثي في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وتضم جمعية المحاسبين اليمنيين نحو ثلاثة آلاف عضو نشط، ولها فروع عدة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. كما تواصل عملها بالشراكة مع منظمات دولية متخصصة في دعم العمل المحاسبي والقانوني، عبر تنظيم فعاليات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز معايير المهنة، والحوكمة، والشفافية.

ومنذ اقتحام الحوثيين صنعاء ومدناً أخرى، عمدت الجماعة إلى التضييق على المحاسبين القانونيين، واتخاذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق كثير منهم، في مسعى لفرض السيطرة على قطاع يُعد من ركائز النزاهة المالية، والرقابة، وتسخيره –على غرار قطاعات أخرى– لخدمة أجندتها.

كما أخضعت خلال فترات سابقة مئات المحاسبين للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن ما تسميه «معركة الجهاد المقدس»، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تسييس المهنة، وتقويض أسسها المهنية.