طيف الراحل زكي ناصيف يحضر في مدينة صور

في الدورة الخامسة من مهرجانها الموسيقي الدولي

الفنان الراحل زكي ناصيف - يكرم مهرجان صور الموسيقي الدولي الفنان الراحل زكي ناصيف في يونيو الحالي
الفنان الراحل زكي ناصيف - يكرم مهرجان صور الموسيقي الدولي الفنان الراحل زكي ناصيف في يونيو الحالي
TT

طيف الراحل زكي ناصيف يحضر في مدينة صور

الفنان الراحل زكي ناصيف - يكرم مهرجان صور الموسيقي الدولي الفنان الراحل زكي ناصيف في يونيو الحالي
الفنان الراحل زكي ناصيف - يكرم مهرجان صور الموسيقي الدولي الفنان الراحل زكي ناصيف في يونيو الحالي

يعتبر الفنان الراحل زكي ناصيف واحداً من الرعيل الأول من الملحنين اللبنانيين. واكب انطلاقة «إذاعة لبنان» الرسمية في أربعينات القرن الماضي، وترك إرثاً موسيقياً غنياً طبع الأغنية الشعبية اللبنانية. قدّم أكثر من 500 أغنية لحنها وغنّاها بصوته، كما ألّف أخرى صدحت بها أصوات عدد كبير من المطربين، من بينهم فيروز.
اليوم يحضر طيف زكي ناصيف في الدورة الخامسة من مهرجان صور الموسيقي الدولي، بتكريمه تحت عنوان «تحية إلى زكي ناصيف».
وكان المهرجان نفسه قد قام بلفتات تكريمية مماثلة في دوراته الأربع السابقة، فاحتفى بالفنانين الراحلين نصري شمس الدين، وملحم بركات، وصباح، ووديع الصافي، إضافة إلى فيروز التي كرّمها في دورته الثانية في عام 2016.
يقام هذا التكريم ضمن فعاليات المهرجان في 12 يونيو (حزيران) الحالي، التي تتضمن عروضاً موسيقية وغنائية بمشاركة عدد من الفنانين، الذين اختيروا من قبل إدارة المهرجان، ويقدمون عروضاً مباشرة على المسرح وأخرى «أون لاين».
وستقدم خلال الحفل أشهر أغاني الفنان الراحل، مثل «راجع يتعمر لبنان»، و«أهواك»، و«فراشة وزهرة»، و«اشتقنا عا لبنان»، و«يا عاشقة الورد»، وغيرها بقيادة المايسترو لبنان عون. ويشير مؤسس المسرح الوطني اللبناني المجاني في صور الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي، إلى أنّ حفل التكريم سيجري بالتعاون مع برنامج زكي ناصيف للموسيقى في الجامعة الأميركية. كما تشارك فيه نقابة محترفي الموسيقى والغناء. ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «لقد اخترنا هذه السنة الراحل زكي ناصيف كونه أحد أهم الموسيقيين اللبنانيين الرائدين. فهو واحد من أعمدتها التي هوت في عام 2004، ولكن موسيقاه بقيت حية تنبض على الساحة الفنية حتى الساعة». ويتابع «لقد تميز عن غيره من الموسيقيين بأنّه أبقى على المواد القديمة، ولكن بروح جديدة متزاوجة مع تقاليد الضيعة اللبنانية. فرسّخ في موسيقاه وأغانيه الفولكلور اللبناني الأصيل وعرّفه إلى أجيال متتالية».
يُعرض خلال المهرجان فيلم وثائقي خاص بالفنان الراحل، يحكي عن أهم المحطات في حياته، ويطل على نشأته وترعرعه في بلدته الأم مشغرة البقاعية. كما يجري عرض مجموعة صور فوتوغرافية ورسومات تتناول مراحل مختلفة من حياته. ويعلق إسطنبولي «إن أحد أهداف المهرجان هو الإضاءة على رموز من الفن اللبناني والعربي الأصيلين. كما يتطلع دائماً إلى دعم الفرق الفنية المحلية ومدّ الجسور بينها وبين أخرى من العالمين العربي والغربي. وسيشهد المهرجان إضافة إلى إنشاد مجموعة من أغاني الفنان الراحل من قبل هذه الفرق، لوحات راقصة من الدبكة اللبنانية التي كان يطعّم بها ناصيف غالبية أعماله الفنية».
ويُفتتح برنامج التكريم بالفيلم الوثائقي ومعرض للصور الفوتوغرافية ليتبعه عرض موسيقي لفرقة قوى الأمن الداخلي. ومن بعدها تتوالى فقرات المهرجان لتتضمن فقرتين غنائيتين وثالثة موسيقية تُعزف خلالها أشهر مقطوعات الفنان الراحل على آلة الغيتار.
وسيحضر ابن شقيق الفنان الراحل نبيل ناصيف، منتدباً عن العائلة وكونه أحد المسؤولين في برنامج زكي ناصيف في الجامعة الأميركية. وعن كيفية ترجمة التعاون ما بين المهرجان والبرنامج المذكور يقول قاسم إسطنبولي «لقد تم التعاون بين الطرفين على صُعد مختلفة، ولا سيما تلك المتعلقة بالأرشيف الخاص بالفنان الراحل، والمحفوظ في مكتبة الجامعة. كما سنشهد حضوراً لنقابة محترفي الموسيقى التي سبق وواكبت المهرجان في حفل تكريم الموسيقار الراحل ملحم بركات».
الجدير ذكره، أنّ المهرجان الذي تُنظّمه «جمعية تيرو للفنون»، و«المسرح الوطني اللبناني»، و«مسرح إسطنبولي»، سيُنقل مباشرة عبر صفحاته الإلكترونية بموازاة إحيائه على خشبة مسرح «سينما الحمرا» في مدينة صور وبحضور الجمهور.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».