ليبيا ومصر تتعاونان لإنجاح الانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة

«المفوضية» بحثت مع وزير الداخلية كيفية تأمينها

رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا مستقبلاً السفير المصري محمد ثروت (المفوضية)
رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا مستقبلاً السفير المصري محمد ثروت (المفوضية)
TT

ليبيا ومصر تتعاونان لإنجاح الانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة

رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا مستقبلاً السفير المصري محمد ثروت (المفوضية)
رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا مستقبلاً السفير المصري محمد ثروت (المفوضية)

بحث مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، أمس، مع القائم بأعمال السفير المصري في طرابلس، محمد ثروت، آخر تطورات العملية الانتخابية المقبلة، في وقت أعلنت فيه وزيرة العدل حليمة البوسيفي أن وزارتها تتعاون مع المفوضية لتدريب القضاة في مجال الإشراف على الانتخابات، والتعامل مع الطعون الانتخابية.
وقالت المفوضية الوطنية إن رئيسها الدكتور عماد السائح بحث مع السفير ثروت «سبل التعاون مع الحكومة المصرية لإنجاح الانتخابات»، المقررة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ونقلت المفوضية عن السفير المصري ترحيبه بما أفضى إليه الحوار السياسي الليبي، بالتوجه إلى الانتخابات في الموعد المحدد، مشيراً إلى أن ذلك «بقدر ما يساعد على استقرار ليبيا، فهو يمثل أيضاً أهمية لدول الجوار والمنطقة العربية».
كما بحث السائح أمس العملية الانتخابية مع سفير النمسا لدى ليبيا، كريستوف مايونبورغ، والتحضيرات الجارية، وسبل دعم حكومة النمسا للمفوضية في هذه المرحلة على المستوى الفني والاستشاري.
في السياق ذاته، التقى وزير الداخلية الليبي، خالد مازن، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات مساء أول من أمس، وتم استعراض آخر المستجدات حول الاستعدادات للاستحقاقات المقبلة، ومناقشة دور الوزارة في تأمين العملية الانتخابية والناخبين وصناديق الاقتراع. بالإضافة إلى تهيئة الظروف الأمنية اللازمة لعمل المفوضية من أجل إنجاح هذا المسار.
من جانبها، أكدت وزيرة العدل خلال استقبالها أول من أمس رئيس البعثات الأوروبية المدنية بالخارج، فرانسيسكو بيريز، وسفير الاتحاد الأوروبي لدي ليبيا، خوسي ساباديل، والوفد المرافق لهما، أن وزارتها حريصة على «إرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات، واحترام حقوق الإنسان ومحاربة الإفلات من العقاب»، مشيرة إلى أن الوزارة «تعمل جاهدة على إنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل، وتتعاون مع المفوضية الوطنية للانتخابات لتدريب القضاة على الإشراف على الانتخابات، والطعون الانتخابية».
في المقابل، عبر الوفد الأوروبي عن ارتياحهم لمستوى التعاون بين وزارتها والاتحاد، وخصوصاً بعثته (اليوبام)، وأكد التزام الجانب الأوروبي على تفعيل وتعزيز هذه الشراكة، خاصةً في مجال العدالة الجنائية، ورفع قدرات أعضاء النيابة العامة بمكتب النائب العام وأعضاء إدارة القانون، وكذلك التعاون مع جهاز الشرطة القضائية.
كما تطرقت البوسيفي إلى اهتمام الوزارة بموضوع «المصالحة الوطنية»، وما اتخذته من إجراءات لإخلاء سبيل المحتجزين قسراً، وكذلك إجراءات تحسين ظروف الاحتجاز داخل مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين، والعمل مع وزارة الداخلية في هذا الملف، مشددة على الاهتمام بتمكين المرأة، «وحضورها القوي داخل مؤسسات الدولة»
وبخصوص إقرار «القاعدة الدستورية» للانتخابات، أبدى 21 عضواً من مجلس النواب، يتقدمهم النائب الأول للرئيس فوزي النويري، أمس، تمسكهم ودعمهم لخارطة الطريق، المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي» الليبي بتونس في نوفمبر عام 2020، مشددين على أهمية إنهاء المراحل الانتقالية، من خلال الالتزام بالاستحقاق الدستوري، المؤدي إلى أساس دستوري متين للانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية.
وطالب النواب باعتماد مشروع الدستور الليبي، المنجز من قبل الهيئة التأسيسية كدستور مؤقت لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة، على أن يباشر مجلس الشورى المقبل النظر في التعديلات الضرورية واللازمة عليه، بعد سنتين من انطلاق أعماله وإقرارها، وعرض المشروع المعدل لاستفتاء شعبي عام في أجل أقصاه منتصف السنة الرابعة والأخيرة من ولايته، وتلغى كل الوثائق الدستورية السابقة له.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم