انحدار جديد لليرة اللبنانية رغم «حصص» السحب بالدولار

دولارات وليرات لبنانية في شركة صرافة ببيروت (رويترز)
دولارات وليرات لبنانية في شركة صرافة ببيروت (رويترز)
TT

انحدار جديد لليرة اللبنانية رغم «حصص» السحب بالدولار

دولارات وليرات لبنانية في شركة صرافة ببيروت (رويترز)
دولارات وليرات لبنانية في شركة صرافة ببيروت (رويترز)

شهد سعر صرف الليرة اللبنانية انحداراً جديداً مع اختراق الدولار سقف 14 ألف ليرة، مطيحاً الآمال المعقودة على مبادرة مصرف لبنان المركزي القاضية بتمكين أصحاب الحسابات بالعملات الأجنبية من سحب ما يصل إلى 800 دولار شهرياً بدءاً من أول يوليو (تموز) المقبل، موزعة مناصفةً بين 400 دولار نقداً، والقيمة عينها مستبدلةً بالليرة وفق سعر المنصة البالغ حالياً 12 ألف ليرة للدولار.
وبدا استباق الأسواق الموازية لصدور تعميم تيسير السحوبات النقدية للمودعين الذي يسري سنةً قابلة للتجديد، مدفوعاً بارتفاع المخاطر المرتبطة باحتدام الخلافات السياسية من جهة، خصوصاً في ملف تشكيل الحكومة، ونفاد الاحتياطي الحر من العملات الصعبة من جهة أخرى.
وتتحضر البلاد لاستقبال موجة تضخم حادة جراء رفع الدعم الحكومي الذي كان يوفره البنك المركزي لسلع استراتيجية وأساسية. ويرتقب تجار العملات والمتعاملون بالمبادلات النقدية في الأسواق الموازية، وفق رصد أجرته «الشرق الأوسط»، زخماً إضافياً للضغوط القائمة على سعر الصرف سينشأ عن آلية مبادلة نصف السحوبات المستجدة بالليرة، أي ما يوازي نحو 4.8 مليون ليرة لكل عملية، ذلك أن أغلب المودعين بالدولار الذين يشكّلون 81% من إجمالي المودعين ويحوزون حسابات تقارب 109 مليارات دولار وفق أحدث الإحصاءات المجمعة بنهاية أبريل (نيسان) الماضي، سيجدون في الآلية الجديدة متنفساً لتخليص جزء من مدخراتهم، نظير الآلية السابقة التي كانت تتيح لهم تصريف السحوبات بسعر 3900 ليرة لكل دولار.
وبعملية حسابية بسيطة، سيتم ضخ ما يتعدى تريليوني ليرة إضافية شهرياً بسبب عمليات السحوبات المتاحة بموجب التعميم الجديد من الحسابات بالدولار، انسجاماً مع تقديرات البنك المركزي التي تحدثت عن ضخ ما بين 26 و27 تريليون ليرة لتغطية السيولة المقابلة للسحوبات في السنة الأولى.
ويتوقع تجار العملات أن جزءاً وازناً من هذه التدفقات سيتجه بدوره إلى الأسواق الموازية للاستبدال بالدولار النقدي، ما سيرفع حكماً من حجم الطلب اليومي على الدولار في الفترة المقبلة.
ونص التعميم الصادر أمس عن البنك المركزي، على إلزام البنوك بفتح «حساب خاص متفرع» عن الحسابات الأصلية للمودعين بالدولار، وضخ 50 ألف دولار بالحد الأقصى في قيوده قبل نهاية الشهر الحالي، بهدف الشروع بتنفيذ حصص السحوبات بقيمة 400 دولار نقداً لصاحب الحساب أو عن طريق تحويل إلى الخارج أو بالبطاقات المصرفية التي يمكن استعمالها في لبنان والخارج أو إيداعها في حساب جديد لا تسري عليه القيود. أما الأربعمائة دولار الأخرى فستُسحب بالليرة وفق سعر المنصة المستحدثة (12 ألف ليرة للدولار حالياً)، بحيث يتم صرف نصفها نقداً والنصف الآخر عبر تغذية بطاقة الدفع الخاصة بصاحب الحساب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.