تركيا تفقد يشار كمال أحد عمالقة أدبها

قلم الأناضول المتمرد.. وصاحب رواية «محمد النحيل»

فاز يشار كمال بجوائز عدة ورشح مرارا لجائزة نوبل للآداب التي كان أورهان باموك أول كاتب تركي يحصل عليها في 2006 (أ.ب)
فاز يشار كمال بجوائز عدة ورشح مرارا لجائزة نوبل للآداب التي كان أورهان باموك أول كاتب تركي يحصل عليها في 2006 (أ.ب)
TT

تركيا تفقد يشار كمال أحد عمالقة أدبها

فاز يشار كمال بجوائز عدة ورشح مرارا لجائزة نوبل للآداب التي كان أورهان باموك أول كاتب تركي يحصل عليها في 2006 (أ.ب)
فاز يشار كمال بجوائز عدة ورشح مرارا لجائزة نوبل للآداب التي كان أورهان باموك أول كاتب تركي يحصل عليها في 2006 (أ.ب)

توفي عن 92 عاما بعد صراع طويل مع مرض عضال يشار كمال، أحد عمالقة الأدب التركي وأبرز الكتاب المعاصرين، الذي ترجمت أعماله إلى أكثر من 40 لغة. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أطباء كمال الذي نقل إلى المستشفى في يناير (كانون الثاني)، أنه توفي بسبب مضاعفات التهاب رئوي وعدم انتظام في دقات القلب.
وكمال الحاصل على جائزة السلام الممنوحة من رابطة الناشرين الألمان توفي أول من أمس السبت في أحد مستشفيات إسطنبول. ويعتبر كمال أحد أهم كتاب الرواية التركية على الإطلاق. وكان كمال حقق شهرة عالمية من خلال روايته «محمد النحيل» التي بدأ نشرها عام 1955 وترجمت إلى أكثر من 40 لغة وفرضت وجوده على ساحة الأدب العالمي، وصدرت في عدة مجلدات فيما بعد، حيث جعلته من أكثر الكتاب قراءة في بلاده.
وتبرز أعماله الكفاح من أجل الحرية وحقوق الإنسان، وهي مبادئ تتضمنها أكثر من 20 رواية له، والكثير من القصص القصيرة التي كتبها كمال. وفاز بجوائز عدة ورشح مرارا لجائزة نوبل للآداب التي كان أورهان باموك أول كاتب تركي يحصل عليها في 2006.
حصل يشار كمال على جوائز كثيرة عن رواياته ذات الطابع الملحمي التي تتناول ظروف الحياة الصعبة لسكان بلدات وسط الأناضول ونضالهم ضد الإقطاعيين والدولة.
وكمال من أصل كردي وكان فنانا ناشطا في صفوف اليسار، ومناضلا من أجل القضية الكردية. وقد تعرض لمحاكمات كثيرة ولعقوبة بالسجن بعد الانقلاب العسكري في عام 1971، وعاش في المنفى سنوات عدة في السويد. وقال وزير الثقافة عمر تشيليك عبر خدمة «تويتر»: «حزننا كبير. خسرت تركيا والبشرية قامة كبيرة».
وقد عرضته كتاباته ونضاله السياسي ضد النهج القمعي للسلطات حيال الأقلية الكردية في تركيا، لمحاكمات عدة ودخل السجن أيضا. كما اضطر للعيش متخفيا وفي المنفى لسنوات في السويد هربا من تهديدات بالقتل تعرض لها، وضغوط السلطات. بدأ الكتابة في سن مبكرة؛ إذ وضع قصائده الأولى وهو على مقاعد المدرسة الابتدائية.
ولد يشار كمال في عام 1923 في بلدة صغيرة في سهول كيليكيا (جنوب شرقي تركيا). وقد عرف الكاتب، واسمه الأصلي كمال صادق غوتشيلي، طفولة مأسوية؛ فبعدما فقد النظر في إحدى عينيه جراء حادث، شهد وهو في سن الخامسة جريمة قتل والده عندما كان يصلي في مسجد بيد ابنه بالتبني.
وغادر الشاب المدرسة مبكرا، ومارس أعمالا مختلفة ليؤمن لقمة العيش، فعمل في جمع القطن، وسائق آليات زراعية، وأمين مكتبة كذلك.
في عام 1950 أوقف لأول مرة بتهمة القيام بدعاية شيوعية، وجرت محاكمته لكنه بُرِّئ.
وتخلى يشار عن اسمه الأصلي معتمدا اسم كمال الذي يعني الناجي باللغة التركية. وانتقل للعيش في إسطنبول، حيث راح يعمل في الصحيفة اليسارية والعلمانية «جمهوريت».
وقد بدأ في إسطنبول كبرى المدن التركية «مسيرته» مناضلا سياسيا، وانضم إلى حزب العمال الأتراك وأسس مجلة ماركسية بموازاة عمله على روايته الأولى.
وجاءت روايته الأولى «محمد النحيل» في 4 أجزاء. ويروي فيها مغامرات مقيم في إحدى البلدات يضطر إلى العيش متخفيا بعد ثورته على الزعماء الإقطاعيين. وقد حولت الرواية عام 1984 إلى فيلم أخرجه الممثل والكاتب المسرحي البريطاني بيتر أوستينوف.
وشكلت مواضيع مثل الظلم الاجتماعي وكفاح الفقراء ضد الاستبداد والحرمان، محاور أساسية في أعمال يشار كمال مثل «أرض من حديد، سماء من نحاس».
وقد استلهم من شخصية عمه، وهو لص معروف اغتيل في سن الخامسة والعشرين، شخصيات أبطاله المتمردين الطيبين. وينهل أسلوبه الشاعري الغني بالوصف مباشرة من الأساطير والفلكلور في منطقة الأناضول.
وقد أوقف مجددا إثر الانقلاب العسكري في 1971 وأدخل السجن، لكن أفرج عنه بعد احتجاجات دولية. وفي نهاية ذلك العقد اضطر إلى سلوك طريق المنفى، فانتقل إلى السويد التي أقام فيها سنتين.
في عام 1995، واجه يشار كمال مجددا مشكلات مع القضاء وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ بعد إدانته بتهمة التنديد بـ«قمع» الأكراد، إلا أن الكاتب رفض السكوت. وقال عام 2007: «الحرب تدمر تركيا».. في إشارة إلى المعارك بين المتمردين الأكراد والجيش. وأضاف: «أنا لست بطلا لكن من واجبي أن أسمع صوتي».
وقد استمر في نضاله، وكان أول من دافع عن مواطنه أورهان باموك أول كاتب تركي يفوز بجائزة نوبل للآداب، عندما تعرض لملاحقات؛ لأنه تحدث عن مجازر إبادة طالت الأرمن عام 1915، وبمعزل عن نضاله السياسي كان يشار كمال كاتبا فذا. وقد قال في أحد الأيام: «لا أكتب عن مشكلات ولا أكتب متوجها إلى جمهور ولا أكتب لنفسي، حتى أنا أكتفي بالكتابة بكل بساطة».
وقد حاز جوائز وأوسمة عدة في العالم بأسره، لكنه لم يحظ بجائزة نوبل، الأمر الذي يعتبره الكثير من الأتراك ظلما.
في عام 2001 توفيت زوجته تيلدا، وهي بلجيكية من عائلة يهودية معروفة، ترجمت جزءا كبيرا من أعماله إلى الإنجليزية وساهمت في شهرته العالمية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.