«مسارات»... وداع يليق بنقل إرث من الآباء إلى الأحفاد

المعرض يمثل مشوار نصف قرن في حضن بيت لبناني قديم

أحد أقسام المعرض في منزل آل فغالي ضمن معرض «مسارات»
أحد أقسام المعرض في منزل آل فغالي ضمن معرض «مسارات»
TT

«مسارات»... وداع يليق بنقل إرث من الآباء إلى الأحفاد

أحد أقسام المعرض في منزل آل فغالي ضمن معرض «مسارات»
أحد أقسام المعرض في منزل آل فغالي ضمن معرض «مسارات»

تحت ظلال الأشجار وعلى مفترق طريق لواحد من شوارع بدارو العتيقة في العاصمة اللبنانية بيروت، ينطلق معرض «مسارات» للتجهيزات الفنية. المكان هو منزل آل فغالي في عمارة فتال الطابق الأرضي. أمّا الزمان فعشرون عاماً، وهو العمر الذي رسمته باسكال فغالي في مسيرتها الفنية على مدى سنوات متتالية. والمناسبة هي إقامة حفل وداع يليق بنقل إرث الآباء إلى الأحفاد، بُعيد اتخاذ القرار بإفراغ العمارة من سكانها وإقفالها من قبل صاحب الملك، كل الذكريات التي عاشتها عائلة فغالي المؤلفة من سبعة أولاد، إضافة إلى أرشيف مليء بالفنون البصرية والسمعية على أنواعها، تجتمع تحت سقف هذا المعرض الذي يستمر لغاية 13 يونيو (حزيران) الحالي.
وتبدأ قصة المعرض من فكرة راودت باسكال الابنة الصغرى لآل فغالي. فهي رغبت وبعد مرور 20 عاماً على مشوارها الفني، تنقلت خلالها بين «مهرجان أيلول» الثقافي الذي أسسته في التسعينات في بدارو، وبين أعمالها المكتوبة والمسموعة والمرئية في مجالات مختلفة، في أن تستعرض أهم محطاته. كما رغبت باسكال في تقديم تحية تقديرية لمنزل العائلة الذي تربت في أحضانه مع إخوانها السبعة. وبالتالي أن تهدي كل هذه الأسباب مجتمعة، إلى روح والدتها ليلى التي رحلت منذ نحو عام. ففي هذا البيت كان يجتمع الفنانون يناقشون نوعية الاستعراضات والمسرحيات والنشاطات التي تندرج على لائحة برنامج «مهرجان أيلول».
ويتألف المعرض من تجهيزات فنية صنعتها الفنانة الشابة روى فيليبس، بحيث تعرض صفحات من تاريخ وأرشيف قديمين بأسلوب حديث.
وتعلق باسكال فغالي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «اليوم بتّ من الفئة العمرية التي يسميها جيل الشباب (أولد جنيرايشن) أي الجيل القديم. وعندما قررت إقامة هذا المعرض الذي يرتكز على أرشيفي الفني لعقود سابقة، رغبت في أن يخاطب جيل الشباب ويلمسه عن قرب. من هنا جاء تدخل روى وهي خريجة قسم الفنون في جامعة البلمند (ألبا)، التي تساعدت مع مجموعة من زملائها لتنفيذه. أعطيتها ملء الثقة لتوثق هذه العلاقة بين الأمس واليوم، فترجمتها على الأرض تجهيزات فنية تخلط بين المسرح والرقص المعاصر والفيديوهات المصورة والصور الفوتوغرافية وغيرها. واستخدمت إنارة معبرة غمرت كل غرفة من غرف منزلنا القديم، لتسلط الضوء على هذه الفنون بحداثة».
ما أن تطأ بيت آل فغالي حتى تطالعك كتابات على جدرانه الخارجية، المطلة على حديقة صغيرة تحيط بأرجاء المنزل. وهي مختارات من أعمال باسكال الفنية في بلدان عديدة أقامت فيها كغينيا واليونان، إضافة إلى لبنان. وتشرح روى فيليبس، مصممة المعرض، «هناك قسمان للمعرض الخارجي والداخلي. الأول يواكبه ضجيج الشارع العام وموسيقى تحيي أمسيات المعرض. والثاني سيغلب عليه السكون، بحيث تتجول في أرجاء المنزل تشاهد محتويات المعرض بصمت». وفي انتقالك من صالة إلى أخرى تشعر وكأنك تدخل عالماً حالماً، لا يتصل بالحالي البالغ المآسي. فهنا جدارية معلقة على الحائط يخرج منها طيف راقصة شاركت في واحدة من نسخات «مهرجان أيلول». وعلى ستارة حمراء داكنة منسدلة على إحدى نوافذ البيت، تمر كتابات باسكال التي تصف فيها حديقة الصنائع. وفي غرفة المطبخ وبين أكواب الشاي البورسلين الزهرية، وهي كانت المفضلة لدى سيدة البيت ليلى، تتابع مقاطع فيديو، تم انتقاؤها من أفلام قصيرة تدور في فلك العلوم الإنسانية من الإنتاجات السينمائية لصاحبة المعرض.
وتوضح باسكال فغالي لـ«الشرق الأوسط»، «كل ما ترونه في هذا المعرض أُخذ من أرشيفي. وعندما أفرغنا المنزل من معظم أثاثه، وتركنا بعضه الذي اختارته شقيقتي رندة، شعرت وكأن هذه الذكريات طافت على كامل مساحة البيت، وعانقت حيطانه وشرفاته وتسللت إلى غرفه، بعد أن تحررت من الصناديق المحفوظة فيها».
حتى علّية المنزل التي تصلها بواسطة درج قصير من صالة المطبخ، تدخل ضمن أقسام المعرض. وفيها يستطيع زائره الاطلاع على أرشيف من الصور والكتابات، موضوعة داخل صناديق شفافة وتسلط عليها إضاءة خافتة.
رندة دندلو الشقيقة التي أخذت على عاتقها تنفيذ ديكورات المعرض تقول لـ«الشرق الأوسط»، «تركت بعض القطع المحببة إلى قلب أمي كي نشعر بحضورها. فهي كانت مولعة بالثريات الكريستال المتدلية من غرف الطعام والجلوس. وكذلك بجداريتين وزعتهما على البهو الرئيسي للمنزل وغرفة الاستقبال. ولم أشأ إزالة الستائر التي كانت تختار أقمشتها وألوانها بدقة، وقررنا استخدامها جميعها كخلفية للعروض البصرية».
مشهدية ضبابية تتراوح بين الحلم واليقظة، بنتها عائلة آل فغالي أولاداً وأحفاداً بحب؛ كي تودع معها ذكرياتها في هذا المنزل القديم. وتقول باميلا دندلو حفيدة آل فغالي «مشاعر مختلفة تنتابني عندما تطأ قدمي هذا المنزل، فهو يعني لي الكثير ولا يزال يعبق بعطر جدتي وأناقتها المعهودة. أنظري هنا لقد وضعنا بعضاً من أزيائها، وأعطيناها حيزاً من المعرض، ليكون بمثابة متحف يجمع قطعاً فنية تشكيلية حديثة وأخرى كلاسيكية».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».