«داعش» يضرب في الجنوب الليبي... و«الرئاسي» يعد بـ«دحر الإرهاب»

غياب مسؤولين بحكومة «الوحدة» عن حفل «الجيش الوطني» في توكرة يؤشر إلى استمرار الخلافات العميقة بين الطرفين

صورة أرشيفية لموكب لعناصر «داعش» في مدينة سرت الليبية (غيتي)
صورة أرشيفية لموكب لعناصر «داعش» في مدينة سرت الليبية (غيتي)
TT

«داعش» يضرب في الجنوب الليبي... و«الرئاسي» يعد بـ«دحر الإرهاب»

صورة أرشيفية لموكب لعناصر «داعش» في مدينة سرت الليبية (غيتي)
صورة أرشيفية لموكب لعناصر «داعش» في مدينة سرت الليبية (غيتي)

وسط تنديد محلي وتعهد بالملاحقة الأمنية، أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن أحدث عملية إرهابية من نوعها هذا العام في ليبيا، بعدما استهدف تفجير انتحاري نقطة تفتيش في مدينة سبها، الواقعة جنوب البلاد مساء أول من أمس، ما أدى إلى مقتل شخصين، أحدهما ضابط كبير بالشرطة.
وقرر المجلس الرئاسي عقب اجتماع طارئ عقده أمس، برئاسة محمد المنفي، وحضور رئيس جهاز المخابرات العامة، تشكيل لجنة يرأسها وزير الداخلية، وبعضوية رئيس الجهاز ومنسق مكتب مكافحة الإرهاب، بهدف جمع المعلومات وكشف المتورطين، وملاحقتهم وتقديمهم إلى العدالة، وتوفير الدعم اللازم والاحتياجات العاجلة للأجهزة الأمنية بالجنوب، ووضع الآليات والخطط لمكافحة ودحر الإرهاب في كافة مناطق ليبيا. وجدد المجلس في بيان هو الثاني من نوعه إدانته للهجوم الإرهابي، مشدداً على أن «منفذي مثل هذه الجرائم لن يفلتوا من العقاب».
وكان المجلس قد تعهد في بيان، أصدره عقب الحادث مساء أول من أمس، بالمضي قدماً وعدم التراجع في مكافحة الإرهاب، والسعي بكافة السبل لتحقيق الأمن في كافة ربوع ليبيا. بينما قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، إن «حربنا ضد الإرهاب مستمرة، وسنضرب بقوة كل أوكاره أينما كانت».
من جانبها، تعهدت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» بـ«ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم على ما اقترفت أيديهم من جرم شنيع»، فيما نفت مديرية أمن سبها في بيان رسمي أن «يكون التفجير بسبب انفجار وقود». وقالت إن «التفجير تم اصطناعه من قبل مجموعة إرهابية على متن سيارة (نصف نقل)، محملة بالخردة ومواد شديدة الانفجار».
وأكد العميد السنوسي صالح، مدير أمن سبها، أن «سيارة مفخخة كانت تحمل مواد شديدة الانفجار استهدفت البوابة الأمنية»، موضحاً أن «الانتحاري قام بتفجيرها لدى وصوله إليها، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من العناصر الأمنية، التي كانت متمركزة بالموقع أثناء تأدية عملها».
وقال المتحدث باسم غرفة سبها الأمنية إن قوة التفجير ومساحته كانت كبيرة جداً، موضحاً أن «الأشلاء والجثث تناثرت على بعد مسافات بعيدة من البوابة، كما أن السيارات التي كانت قريبة من موقع التفجير هشمت بالكامل». وأضاف أن «السيارة المفخخة التي قامت بالتفجير خرجت من ضواحي المدينة»، مشيراً إلى أن «التحقيقات الأمنية حول التفجير ما زالت مستمرة، رغم التعرف على نوع السيارة وهويتها».
ودعا المتحدث كافة وسائل الإعلام إلى «تشخيص الحالة على حقيقتها، بعيداً عن التجاذبات السياسية»، مؤكداً أن «التنظيمات الإرهابية عدو للجميع، ولا تفرق بين من هو في الشرق أو الغرب أو الجنوب». من جهته، قال مصدر أمني في سبها إن الحادث وقع عندما فجر انتحاري سيارة ملغومة عند نقطة التفتيش في عمق جنوب ليبيا، على بعد 130 كيلومتراً تقريباً من تراغن، حيث نفذ التنظيم تفجيراً العام الماضي لم يوقع ضحايا. وأعلن مجلس بلدية سبها في بيان استشهاد ضابطين، من بينهما رئيس الإدارة العامة للبحث الجنائي وإصابة أحد عناصرها. وطالب كافة الجهات الأمنية المعنية بالتصدي لمثل هذه الأعمال الإرهابية.
بدوره، طالب بيان لمجلس النواب كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية بتحمل مسؤولياتها لملاحقة وتتبع بؤر الإرهابيين.
وأدانت الولايات المتحدة بشدة الهجوم، وقالت السفارة الأميركية في بيان أمس إنها تنتظر المزيد من التفاصيل حول ما وصفته بالتفجير المميت، وذكرت أن «هنالك قوى مصممة على تقويض الاستقرار والوحدة في ليبيا». وتعهدت بالوقوف «مع أولئك الملتزمين ببناء مستقبل أكثر سلاماً وازدهاراً لليبيا، بما في ذلك من خلال إجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتوحيد مؤسسات البلاد، ومكافحة الإرهاب، والعمل على التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار».
من جهتها، أدانت مصر أمس بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي استهدف نقطة تفتيش تابعة لمديرية أمن مدينة سبها. مؤكدة وقوفها مع ليبيا ضد كافة أشكال العنف والإرهاب، وضد كل ما ينال من
أمنها واستقرارها، ودعمها في مواجهة كافة أشكال العنف والتطرف والإرهاب».
في شأن آخر، أكد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، «تمسكه بإخراج كل المقاتلين الأجانب والمرتزقة، وتوحيد كل مؤسسات الدولة، ودعم وقف إطلاق النار، ومتابعة أعمال اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)»، مشدداً لدى اجتماعه أمس مع أعضاء الهيئة العليا للملتقى الليبي للاستقرار، على «أهمية إجراء مصالحة وطنية حقيقية بين الليبيين»، مشيراً إلى «تمسكه بالسيادة الوطنية».
إلى ذلك، أعلنت بلدية عين زارة في العاصمة طرابلس تعليق العمل بمقرها، بعدما وصفته بالاعتداء المسلح على مقرها الرئيسي بمحلة الفرناج، دون أي صفة رسمية، مشيرة في بيان لها إلى «تعرض بعض الموظفين للضرب والسب، مع اقتياد عميد البلدية عبد الواحد البلوق لجهة غير معلومة».
في المقابل، احتفلت قوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، بتخرج دفعة جديدة من الكلية العسكرية في توكرة، بحضور رئيس الأركان العامة وآمر الكلية العسكرية الليبية، وعدد من القيادات العسكرية والسياسية وأعضاء مجلس النواب.
و«غاب عن الحفل مجدداً مسؤولون في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة، في مؤشر على استمرار الخلافات العميقة بين الطرفين»، بحسب مراقبين.
ومن المقرر أن يستأنف (اليوم) مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، مناقشة ميزانية الدولة للعام الجاري، المقدمة من حكومة الوحدة وملف المناصب السيادية.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).