الإفراج عن سجناء جنائيين في دوما باعتبارهم «معتقلي رأي»

مصادرة منازل معتقلين ومهجرين قسرياً من جنوب دمشق

استقبال سجناء جنائيين في دوما بالغوطة الشرقية على أنهم معتقلون سياسيون (المرصد السوري)
استقبال سجناء جنائيين في دوما بالغوطة الشرقية على أنهم معتقلون سياسيون (المرصد السوري)
TT

الإفراج عن سجناء جنائيين في دوما باعتبارهم «معتقلي رأي»

استقبال سجناء جنائيين في دوما بالغوطة الشرقية على أنهم معتقلون سياسيون (المرصد السوري)
استقبال سجناء جنائيين في دوما بالغوطة الشرقية على أنهم معتقلون سياسيون (المرصد السوري)

في الوقت الذي كانت وسائل إعلام موالية للنظام السوري، تروج لنبأ إطلاق سراح 25 شخصاً من الموقوفين من أبناء مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بموجب عفو رئاسي وضمن «إطار استكمال عمليات المصالحة الوطنية»، أصدرت محكمة الإرهاب بدمشق قراراً بمصادرة ممتلكات 20 شخصاً من أبناء بلدة يلدا، بعضهم معتقلون في سجن صيدنايا العسكري، وآخرون من المهجرين قسراً نحو الشمال السوري.
وفي سابقة لسلطات النظام فيما يخص إجراءات إطلاق المعتقلين، أقامت حفل استقبال رسمياً في دوما لـ26 معتقلاً مفرجاً عنهم، شارك فيه محافظ ريف دمشق ومدير الأوقاف وعدد من أعضاء مجلس الشعب وأمين فرع ريف دمشق لحزب البعث وعدد كبير من مسؤولي النظام في ريف دمشق. وفي الحفل، قال محافظ ريف دمشق معتز أبو النصر جمران، إن «الأهالي والمدرسين ورجال الدين، يتحملون المسؤولية الكبيرة في إعداد الجيل»، لا سيما أن «الأزمة التي عانت منها سوريا هي أزمة فكر»، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، التي أكدت أن المطلق سراحهم هم من «المغرر بهم وممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين»، وذلك في «إطار استكمال عمليات المصالحة الوطنية».
من جانبه وصف المرصد السوري لحقوق الإنسان، حفل إطلاق المعتقلين بدوما بأنه «مهزلة جديدة»، مؤكداً في تقرير له يوم الأحد، أن أجهزة النظام الأمنية «أفرجت عن 25 سجيناً بتهم جنائية على أنهم من معتقلي الرأي». وأشار المرصد إلى «الاستياء الشعبي الكبير» في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، على خلفية «المهزلة الجديدة التي شهدتها السبت، بعد مهزلة زيارة بشار الأسد لها يوم مسرحية الانتخابات الرئاسية». وسبب الاستياء بحسب المرصد، أن النظام وعد بالإفراج عن عشرات ومئات معتقلي الرأي لديه، إلا أن الأجهزة الأمنية التي قامت بحشد مئات الأشخاص من عوائل المعتقلين في دوما بزعم الإفراج عن المعتقلين، وأجبروهم على الهتاف لبشار الأسد، بحضور محافظ ريف دمشق ورئيس المخابرات العامة ووسائل إعلام محلية. وبعد وقت من الانتظار وإلقاء كلمة من قبل رئيس المخابرات العامة، وصلت حافلة تقل 25 رجلاً وسيدة واحدة، ما أثار دهشة الأهالي واستياءهم، بحسب المرصد، الذي أكد أن عدد المفرج عنهم 25 شخصا بينهم إمرأة واحدة في حين ذكرت وسائل الإعلام الرسمية للنظام، أن عدد المفرج عنهم 26، وقال المرصد إن المفرج عنهم هم من الذين اعتقلوا بعد استعادة النظام سيطرته على دوما عام 2018 بتهم وجرائم جنائية، وكانوا «موقوفين في سجن عدرا ولا يوجد بينهم أحد من المعتقلين في صيدنايا أو الأفرع الأمنية الأخرى».
وكانت قوات النظام قد أذاعت صباح السبت عبر مكبرات الصوت في المساجد، أنه سيتم الإفراج عن عدد من المعتقلين من أهالي مدينة دوما، وذلك بعد مضي أقل من أسبوعين على تصويت الرئيس بشار الأسد لنفسه في مدينة دوما أثناء الانتخابات الرئاسية التي فاز بها.
في الأثناء، وبالتزامن مع حفل استقبال المفرج عنهم، كشف موقع (صوت العاصمة) الإخباري المعارض، عن إصدار محكمة الإرهاب بدمشق قراراً يقضي بفرض الحجز الاحتياطي على منازل20 شخصاً من أبناء بلدة يلدا (جنوب العاصمة السورية)، بعضهم معتقلون في سجن صيدنايا العسكري، وآخرون من المهجرين قسراً نحو الشمال السوري. وشمل قرار المصادرة المنازل التي استخدمتها فصائل المعارضة مقرات عسكرية لها، لا سيما فصيل (لواء الإسلام) و(الجمعية الخيرية) و(أبابيل حوران)، بحسب ما نقله الموقع عن مصادر «خاصة»، قالت إن القرار جاء بعد جولة للجنة أمنية ضمت عدداً من ضباط الأمن العسكري والمخابرات الجوية، الأسبوع الماضي، على المنازل التي تم الحجز عليها، حيث قررت اللجنة مصادرة العديد من الكتل السكنية المحيطة بالمقرات العسكرية، لحين إثبات ملكية أصحابها والتأكد من ملفاتهم الأمنية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».