معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية

متحف جنيف للفن والتاريخ يلقي الضوء على أعمال فان بيرشم وحياته

 شاهد قبر من عسقلان يعود لعام 1015 (MAH - F. Bevilacqua)
شاهد قبر من عسقلان يعود لعام 1015 (MAH - F. Bevilacqua)
TT

معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية

 شاهد قبر من عسقلان يعود لعام 1015 (MAH - F. Bevilacqua)
شاهد قبر من عسقلان يعود لعام 1015 (MAH - F. Bevilacqua)

ما الذي يدفع عالماً سويسرياً إلى قضاء أيام وأشهر طويلة في مدن عربية يتجول بين أحيائها حاملاً معه معدات وآلات تصوير وسلماً خشبياً لتفقد النقوشات على البيوت المتداعية وتسجيلها بحرص شديد؟ سؤال قد يطرأ على ذهن من يقرأ أن متحف الفن والتاريخ في مدينة جنيف قرر تخصيص معرض عن المستشرق السويسري ماكس فان بيرشم وعمله الرائد في توثيق النقوشات والكتابات العربية.
المتحف الذي احتفل بمرور 100 عام على إنشائه يبدو لي غامضاً مثل شخصية فان بيرشم. يبدد الحديث مع مدير المتحف المعين حديثاً، مارك - أوليفييه والر، كثيراً من الغموض، ويرفع ستائر النسيان عن عالِم أمضى حياته يستكشف النقوشات العربية والفن الإسلامي، وأصبح مرجعاً للعلماء والمهتمين بالفن الإسلامي في القرن التاسع عشر.
لِمَ تغيب عنا أسماء هامة أثّرت في تاريخنا المعاصر، مثل فان بيرشم؟ لا تتحدث عنه مؤسساتنا الثقافية، ينبغي أن تكون دارساً متخصصاً لتعرف عنه. المعرض المقام عنه بمتحف جنيف يكشف لنا قصة العالم السويسري الذي جال في شوارع القاهرة ودمشق ليسجل لنا وللتاريخ بعض المعالم التي اختفت بفعل تسارع خطى التحديث وعصرنة المدن العربية.
يحمل المعرض عنوان «ماكس فان بيرشم ومغامرة الكتابة العربية». يحكي قصة فان بيرشم الذي «يتذكره قليل من سكان جنيف اليوم» ودوره في تأسيس دراسة النقوش العربية وأهمية عمله في فهم الحضارة والفن الإسلامي في أوائل القرن العشرين.
فان بيرشم كان موسيقياً ومصوراً ودارساً للغات الشرقية. بعد رحلتين إلى مصر وسوريا في عامي 1886 و1888 عاين تدمير كثير من المعالم الإسلامية في المدن التي خضعت للتوسع والتحديث السريع، هناك اكتشف ماكس فان بيرشم مهمته ومهنته التي نتج عنها كتابه الشهير عن النقوش العربية «Inscriptionum Arabicarum».
كتب فان بيرشم عن ذلك: «تم إهمال الآثار الإسلامية، ولن تكون أطلالها التي لا تزال رائعة في القريب العاجل أكثر من بقايا عديمة الشكل لماضٍ مجيد وفني، مجموعة نقوشهم التاريخية تختفي، يجب تسجيل جميع النصوص المنقوشة على المساجد والمقابر والقلاع والجسور على الفور، وتصوير الآثار، واستكشاف جميع المناطق الإسلامية».

أسأل والر عن معرض بيرشم الذي يبدو تقليدياً بمفهوم المتاحف العالمية، ويجيب أن المعرض بالفعل «تقليدي»، لكنه يرى أن طبيعته وموضوعه دسم جداً، «المعرض علمي للغاية، يجب على الزائر التمعن وقراءة اللافتات والنقوشات، أعتقد أنه عرض (ثقافي)، ولكنه أيضاً عرض رائع، في عمقه ذلك العشق والحماسة التي اتصف بها بيرشم، كل ذلك دفعه لدراسة النقوش العربية التي أدرك خلال رحلاته لسوريا ومصر أهمية المحافظة عليها قبل أن تندثر. كانت الحماسة المتقدة هي دافع بيرشم، وأيضاً سبب وفاته في الثامنة والخمسين من العمر».
يلفت إلى أن بيرشم كان على علاقة وثيقة مع كثير من العلماء والدارسين في وقته: «أرى أن شبكة العلاقات التي استطاع تكوينها عبر عمله كانت مهمة جداً». اشتهر ماكس فان بيرشم بأنه متخصص في الكتابة العربية، وقد طوّر مراسلات مكثفة (آلاف الرسائل) مع شبكة دولية من المستشرقين، الذين كان يجيب عليهم دائماً بالتفصيل، وأحياناً يرسل إليهم «مذكرات علمية». أرسلوا إليه صوراً، واستطلاعات رأي، وعروض خدمة، وطلبات لتحديد الهوية، وتصحيحات لمنشوراتهم... إلخ. كتب له لورنس العرب الشهير يطلب رأيه في نقش مكتشف في العقبة بالأردن.
القراءة عن بيرشم وأيامه في الشرق مليئة بالقصص الممتعة، أمامنا عالِم أخذ على عاتقه تسجيل النقوش في البيوت وعلى المباني المعرضة للهدم، كان يحمل معه كاميرا وأوراقاً وأقلاماً للتدوين، يصحبه فريق صغير يساعده، ويحمل سلماً متواضعاً للوصول للنقوشات أعلى الجدران، في بعض الأحيان كان يقوم بدفع المبالغ المالية لأصحاب البيوت ليستطيع الدخول لها.
عمله الميداني في الشرق تطلب منه رحلات كثيرة كانت تستمر أحياناً عدة أشهر، عن طريق القارب أو القطار أو على ظهور الخيل، في المناطق التي كانت غير مستقرة سياسياً، حاملاً المعدات التي تم تكييفها لتسجيل النقوش عن طريق الختم، قال في مذكراته: «غالباً ما يكون السلم ضرورياً، بالإضافة إلى إزميل لإزالة التبييض ؛ عندما يكون النقش على الحجر يجب استخدام أداة خشبية ناعمة أو متداعية. أخيراً، نظراً لأننا غالباً ما نضطر إلى دخول المنازل الخاصة، وتسلق الجدران وإجبار التعليمات، فسوف نستخدم قدراً معيناً من الدبلوماسية، بمساعدة بضعة دولارات، وهي وسائل مشروعة جداً مثل هذه القضية غير المهمة».

تقديم الفن الإسلامي
نال بيرشم كرسام نقوش سمعة وشهرة سرعان ما جعلته على اتصال بهواة الجمع والقيمين الذين أرادوا فك رموز النقوش على بعض مقتنياتهم الإسلامية الطابع والاستفادة من خبرته. شارك في معرضين رئيسيين أصبحا من المعالم البارزة في دراسة الفن الإسلامي. تم تنظيم الأول في عام 1903 في متحف الفنون الزخرفية في باريس من قبل جاستون ميجون، أمين متحف اللوفر، وقدم لأول مرة رؤية عالمية وتاريخية للفن الإسلامي. تم تنظيم المعرض الثاني في عام 1910 في ميونيخ من قبل جامع الآثار وعالم الآثار ومؤرخ الفن فريدريش سار. نظراً لحجمه (3600 قطعة معروضة) وهدفه لكسر كليشيهات الاستشراق من خلال تقديم الفن الإسلامي بطريقة علمية وحديثة، كان هذا المعرض من أهم المعالم في تاريخ دراسة الفن الإسلامي.
في المعرض المقام بمتحف جنيف للفن والتاريخ توجد مجموعة من القطع التي تسجل مغامرة بيرشم الهائلة في تسجيل النقوش العربية، مثل دفاتر تحتوي على رسومات معمارية ومناظر طبيعية، ومنشورات، وأدلة سفر، وصور عائلية، ومراسلات، وما إلى ذلك. كما يقدم عدداً من المعروضات التي قدمت في معرض 1903 في باريس و1910 في ميونيخ، وذلك لتوضيح مشاركة ماكس فان بيركيم في الدراسة العلمية وتقدير الفن الإسلامي.

متحف جنيف للفن والتاريخ:  http://institutions.ville-geneve.ch/en/mah/expositions-evenements/expositions/current



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.