مسلسل من 15 حلقة يجمع نادين نجيم ومعتصم النهار

«الشرق الأوسط» في كواليس «صالون زهرة» : مرايا النساء اللبنانيات

نادين نجيم في شخصية زهرة
نادين نجيم في شخصية زهرة
TT

مسلسل من 15 حلقة يجمع نادين نجيم ومعتصم النهار

نادين نجيم في شخصية زهرة
نادين نجيم في شخصية زهرة

تلتقي نادين نسيب نجيم مع معتصم النهار في مسلسل «صالون زهرة»، وثمة همسٌ في الأجواء مفاده «استعدوا للنهنهة!». الكلمة الأخيرة، من مسلسل «عشرين عشرين»، روعة رمضان الفائت، حيث نجيم في الأسى والطرافة، وفي صراعات القلب والواجب. الكتابة لنادين جابر، المثابِرة على طرق أبواب النجاحات، والإخراج لجو بو عيد الآتي من عالم آخر، حيث قوانين السينما والفيديو كليب تفرض ظلالها على الصورة، وننتظر ما سيقدمه في عالم المسلسلات المليء بالورود واليباس. ويُسعد المنتج صادق الصباح لقاء هذه الثنائية بعد «خمسة ونص» مع قصي خولي. فصاحب شركة «الصباح أخوان» قارئ متفوق للسوق والأمزجة. يختار من الوليمة ما يحرّك الشهية. يلمح في نجيم حسَّ دعابة ينساب بعفوية، وفي معتصم النهار نضجاً تمثيلياً بعد محاولات علّمته الدرس. ويُهيّئ لقاء النجمين في 15 حلقة تُعرض في الخريف على «شاهد». البطلان أمام واحد من أكثر الطروح الإنسانية جدلية: حقوق المرأة. ويتوكل الصباح على الله، ولي التوفيق.
ففي أحد شوارع مار مخايل البيروتية المنكوبة، تدور الكاميرا مُكثفة التصوير. لم يبقَ سوى الوجع بعد انفجار أغسطس (آب)، ولملمة الأهوال لا تعني الشفاء. تعيد بيروت إعمار ما تهدَم، بإرادة النهوض بعد الفواجع. في صالون نسائي، يحاكي المسلسل قصص سيدات هن مرايا لمعاناة إنسانية على مستوى المجتمع اللبناني الطافح بالتناقضات. يُمهد الصباح لنا الدرب: «تتحول أخبار الحي انعكاساً لحكايات مجتمع كامل. تتداخل القصص، الحب بالشغف والصدمة. نادين (جابر) في انتظارك، فتَحادثا». يخشى مزيداً من «خدش» صورة لبنان، فيُقارب المنتج الرائد وطنَ العذابات اليومية وذل البنزين والدواء، بشيء من فن تدوير الزوايا.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لن نغادر هذه الأرض». تمهَّلْ، رجاء، حتى نُحدِّث الكاتبة عن المسلسل، ونعود إلى صراع البقاء في الأوطان الجريحة. مُتحمسة، وخائفة، نادين جابر. يرافق الذعر المرء كضريبة باهظة، حين تكون الأحلام بأحجام كبيرة. تفضلي وأخبرينا، ماذا ينتظرنا؟ «المسلسل من قماشة كوميديا الموقف، تدور أحداثه في صالون زهرة للسيدات، كناية عن اسم صاحبته (نجيم)، الكائن في حي سكانه من الطبقة المتوسطة. بجانب الصالون، ملحمة ومقهى يجمع بسطاء الحال.
تخرج الحكايات على شكل مرارة حيناً وضحكات أحياناً. وعبرها، تُمرر رسائل عنوانها قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، والعلاقات الزوجية، والحضانة والعنف الأسري وسائر الندوب المتعلقة بأقدار النساء». على أمل ألا يكون السياق وعظياً، كأننا في خطاب بليد.
تضحك وتجيب: «على الإطلاق. بل إن القصص ستجعل المُشاهد يدمع ويبتسم. ستلفت انتباهه مسائل ظنَّها روتينية، لكنها في عمقها فاصلة وجوهرية. سيكون الإصبع مصوَّباً على جرح القضايا الاجتماعية، مع رشة كوميديا تُخفف الاختناق. الناس متعبة. في إمكان الضحكة أن تمسح بعض التعب. علماً بأنها ليست من فئة الضحكات السخيفة المولودة من التهريج والسذاجات. بل ضحكة موقف، كمن يرقص من عمق الآلام».
تخشى فضح القصة، وتتنبه إلى تجنُّب الألغام. تُعدد الكاست: نادين نسيب نجيم، ومعتصم النهار، وأنجو ريحان، وطوني عيسى، وكارول عبود، وفادي أبي سمرا، وزينة مكي، ومجدي مشموشي، وجنيد زين الدين، وحسين المقدم، ونهلا داود، ونوال كامل، ومن سوريا أيضاً لين غرا ورشا بلال. وحين نسأل عن كاراكتير «زهرة»، تُفرمل الجواب: «كشفُ الشخصيات يضر بالعمل». أصابت «زهرة» حادثة غيَّرت الطباع والسلوك، فحملتها إلى مناصرة المرأة وحقوقها. ولك تخيُّل الباقي: أي مواقف ستواجهها مع الرجال؟ وأي نداءات ستطلقها حيال المساواة؟ ماذا سيُترتب عن ذلك على العلاقات الزوجية في الحي؟ وهل سيتقبل بعض الرجال صداقات زوجاتهم مع زهرة المتمردة؟ الانتظار هو الخيار لكشف الأسرار.
تردَّد أن المسلسل سيشمل في أحداثه تداعيات انفجار المرفأ والوَقْع المريع على البشر والحجر. «غير صحيح»، تنفي نادين جابر، لـ«الشرق الأوسط»: «لم أكتب مشهدية ما بعد الانفجار في النص.
صحيح أن المسلسل يُصوَّر في مار مخايل الموجوعة، لكنه خارج عاملَي الزمان والمكان. الديكور والصورة لا يوحيان بمنطقة أو مرحلة».
بدأت الكتابة قبل نحو شهر ونصف الشهر من رمضان، واليوم تستكمل الحلقات الثلاث الأخيرة. «أنا مرعوبة»، وكم هو مُبرر الإحساس بالارتجاف أمام امتحانات الحياة! تؤمن بالفريق: «النص لا يلمع من دون ممثل لامع ومخرج مبدع وشركة إنتاج رائدة». بالتوفيق وإلى اللقاء.
كأولاده، ينظر صادق الصباح إلى المشاريع الدرامية، «والولد يشغل البال، لا بد من تتبعه وملاحقته». يتحدث عن نادين نجيم، مع الاعتذار عن عدم إجراء اللقاءات لضغط التصوير وزحمة الوقت: «لديها الإمكانات، تتلون بألوان الدور. تتقن مهنتها، فلا أقلق عليها». وعن معتصم النهار: «متحمِّس بعد تجارب منحته خبرة. شاهدَ وراقبَ، فصقل الموهبة». وعن المخرج جو بو عيد: «موهوب، (عجبني راسو)، مشهدياته سينمائية». لكل مجتهد نصيب، يقول، وعلى المرء الاجتهاد والدعاء. ففي شركة «الصباح أخوان» سهرٌ طويل على التفاصيل، «نفعل ما علينا والباقي يدبره الله». تُحرّض المهنة الصحافي على امتهان القنص. ليس الجزء الثاني من «عشرين عشرين» موضوع هذه المعالجة، لكن لا مهرب من السؤال: «هل حُسم الأمر؟». يميل المنتج اللبناني إلى المدرستين الأوروبية والأميركية في قراءة أرقام السوق وفتح الباب للأجزاء، «طالما أن الغاية إظهار مساحات إبداعية جديدة».
يكشف لـ«الشرق الأوسط» أنه لا شيء محسوماً بعد فيما يتعلق بجزء ثانٍ من «عشرين عشرين»: «أنتظر حكاية من مفترق آخر تصلني هذا الشهر، فإن بدت مقنعة، خلاقة، لديها ما تقوله من دون افتعال، فليكُن. وإلا، فلن ندخل في مغامرة خائبة. الرغبة موجودة، أما التأكيد فليس محسوماً بعد».
يتمسك بالتصوير في لبنان، قاهراً، بعض الشيء، مشهدية الانهيار. «فالقوى البشرية واثقة من طاقاتها ومتحمسة، إضافة إلى وجود طبيعة خلابة ولوكيشنات مهمة. كما تحفز الأزمة الاقتصادية، بكارثيتها، على الاستثمار، فبعض القطاعات، كالفنادق، تتقاضى بدل الخدمات بالليرة اللبنانية وهذا يكلفنا أقل».
يُنهي الممثل فادي أبي سمرا اجتماعه، ليجيب عن سؤال: كيف ستطل في المسلسل بعد دورين لامعين في «عشرين عشرين» و«للموت»؟ يؤكد أنه مع تعدُّد الخطوط الدرامية، فالدراما شرايين، لا شريان. ملَّ، ومللنا، مسلسلات القصور والفيلات، والمطلوب أعمال تسير على الأرض وتتحسَّس الأوجاع. ودورك؟ «سأكون معنِفاً، فانتظروني. لا بأس إن كرهتم الشخصية، لكن لا تكرهوني!». المبدعون يُقدَّرون.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)