عبّر الموسيقار الكبير راجح داود عن سعادته بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الفنون لهذا العام، والتي أعلنتها وزارة الثقافة المصرية قبل أيام، وقال داود في حواره مع «الشرق الأوسط»، إن الجائزة تعكس نوعاً من التقدير لمشواره، موجهاً الشكر لمكتبة الإسكندرية التي رشحته لنيل الجائزة، وكشف عن استعداده لتقديم حفل موسيقي بالمكتبة الشهر المقبل، كما أكد توافقه التام مع المخرج داود عبد السيد، الذي تعاون معه في وضع الموسيقى التصويرية لأفلامه كافة.
يعد الدكتور راجح داود (66 عاماً) أحد أهم مؤلفي الموسيقى الأوركسترالية في مصر، وقد حصل على بكالوريوس المعهد العالي للموسيقي بالقاهرة (الكونسرفتوار)، كما حصل على الدكتوراه في التأليف الموسيقي من أكاديمية فيينا للموسيقى، وله العديد من المؤلفات الموسيقية التي تعزفها الأوبرات العالمية في ميونيخ وفيينا وباريس وبراغ، ومنها «رقصتان للفلوت والبيانو، ورقصتان للفلوت، والأوركسترا الوتري، صوت نسائي»، كما وضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام السينمائية على غرار «الكيت كات، مذكرات مراهقة، البحر بيضحك ليه، عصافير النيل». ووفق نقاد، فإن أعماله تحمل لمسة صوفية، وتأملات فلسفية تأخذ بمحبيها إلى عالم من السحر والخيال.
وأهدى راجح داود الجائزة لكل جمهوره ومحبيه الذي ينتظر حفلاته بترقب كبير، مؤكداً أنه سيقيم حفلاً في 3 يوليو (تموز) المقبل بمكتبة الإسكندرية، وأنه يعكف حالياً على إنجاز مؤلف موسيقي جديد يقدمه في الحفل، مشيراً إلى أنه يركز في الفترة الحالية على أعماله كمؤلف.
ويرى داود، أن التأليف الموسيقي جزء لا يتجزأ من الفن، موضحاً «سواء كان تأليف الموسيقى البحتة أو في السينما والدراما لا فرق بينهما عندي، فالنوعية لا تختلف، لكن المضمون يختلف، ففي الدراما ألتزم بمضمون السيناريو والفكرة التي يطرحها العمل، لكن مؤلفاتي الموسيقية البحتة أكون فيها أكثر التزاماً بأفكاري ورؤيتي».
وإلى جانب كونه مؤلفاً موسيقياً، فإنه أيضاً يشارك في بعض حفلاته كعازف بيانو، «أعزف أحياناً في بعض أعمالي، وأتواصل مع الجمهور عبر الحفلات»، وعن أسباب قلة حفلاته يقول «أغلب أعمالي تعتمد على أوركسترا كبير، وعدد الأوركسترات في مصر محدود، فهناك أوركسترا القاهرة السيمفوني، وأوركسترا مكتبة الإسكندرية، وأوركسترا الأوبرا، وكل فرقة لديها خطة سنوية تلتزم بها، كما أن التأليف الموسيقي يتطلب مني مجهوداً كبيراً ووقتاً طويلاً».
ويؤكد الدكتور راجح الذي يرأس وحدة التأليف الموسيقي بأكاديمية الفنون المصرية، أن التأليف الموسيقي هو نوع من الإبداع في شكل معين، مثل موسيقى الحجرة الأوركسترالية سواء للبيانو أو لآلات أخرى، منوهاً أنه خلال الـ15 عاماً الأخيرة ظهر مؤلفون على مستوى من البراعة والإبداع، لكن الإعلام لا يهتم بتسليط الضوء عليهم ويتجاهل الفنون الراقية، كما أن الموسيقى لا تحظى بالاهتمام في مدارس التعليم الأساسي، بل يتم إلغاؤها لصالح المواد الدراسية الأساسية، بينما أرى أنه من الضروري أن تكون الموسيقى حاضرة في المناهج وأن يعتاد الأطفال منذ صغرهم سماع الموسيقى، وحضور حفلات الأوركسترا.
وبشأن وجود حركة نقدية تواكب ازدهار التأليف الموسيقي، يقول: الحركة النقدية في الموسيقى ضعيفة لعدم اهتمام الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بها، فهو المسؤول عن تغييب الفن الراقي.
وتأثر الموسيقار الكبير بمدارس عديدة في التأليف الموسيقي: في كل مرحلة هناك تأثر معين، وبالتالي تأثرت بمدارس مختلفة، لكنني تأثرت بشكل أكبر بالاتجاهات المعاصرة في التأليف الموسيقي. وعن الفترة التي قضاها بالنمسا يؤكد «دراسة الموسيقى في بلاد ذات مستوى عالٍ في الفن والثقافة أضافت لي اطلاعاً أوسع، وتجارب مختلفة وقدمت بها حفلات حققت نجاحاً كبيراً».
ويرفض راجح داود فكرة تلحين الأغنيات، مشيراً إلى أنه «ليس ملحناً، كما أن الأغنيات التي تعرض عليه لا تتناسب واللون الذي يحب تقديمه، وإن كان قد قدمها ضمن موسيقى بعض أفلامه».
ووضع راجح داود الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام المصرية التي حملت بصمته الخاصة مع كبار المخرجين في مقدمتهم المخرج داود عبد السيد الذي شكل معه ثنائياً مميزاً، ووضع موسيقى أفلامه كافة، بدءاً من فيلم «الصعاليك»، وحتى فيلمه الأخير «قدرات غير عادية»، وقد ارتقى فيها بالموسيقى لتصبح أحد أبطال الفيلم، وأحد عوامل تميزه، ففي فيلم «أرض الخوف» اعتمد على الآلات الوترية بصورة كبيرة.
وعن ذلك يقول «يوجد توافق بيني وبين المخرج الكبير داود عبد السيد، ولا شك أن استمرار تعاوننا، مرتبط بتقارب الأفكار، والفهم العميق للفن، وهو من أهم المخرجين، ويمتلك خيالاً خلاّقاً، كما أن أفلامه تستشرف المستقبل، لكنني تعاونت أيضاً مع مخرجين آخرين مثل إيناس الدغيدي، محمد القليوبي، مجدي أحمد علي، كما قدمت الموسيقى لمخرجين في تجاربهم الأولى».
مؤكداً أنه «يقرأ السيناريو ويضع تصوراً عاماً للموسيقى، ثم يشاهد نسخة العمل لوضع رؤية كاملة مع المخرج، وموسيقى لكل مشهد»، مشيراً إلى أن «الموسيقي هي روح الفيلم، وأنه لا يستطع وضع الموسيقى إلا لعمل يحبه».
ووضع راجح داود موسيقى السلام الوطني الموريتاني عام 2018، وحظي بوسام الشرف من موريتانيا تكريماً له، وعن ذلك يقول «طلبت دولة موريتانيا من خلال وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين، موسيقياً ليضع النشيد الوطني الجديد لها، وكانوا قد رشحوا له خمسة مؤلفين من خمسة دول مختلفة، وعقدت لجنة وطنية لاختيار أفضل عمل من بينها، فاختارت عملي، وتم تكريمي بحصولي على أعلى وسام من الدولة؛ فالنشيد الوطني لا بد أن يكون حماسياً، ويعتمد على آلات معينة ويثير المشاعر الوطنية».
راجح داود: الموسيقى «روح» الفيلم والحركة النقدية «ضعيفة»
بعد فوزه بجائزة الدولة التقديرية في الفنون
راجح داود: الموسيقى «روح» الفيلم والحركة النقدية «ضعيفة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة