الخارجية الروسية لا تستبعد انتخابات مبكرة في سوريا

دمشق تشارك في اجتماع «الصحة العالمية»

جنود جرحى من قوات النظام السوري يحتفلون بعد فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية في 27 مايو (أ.ب)
جنود جرحى من قوات النظام السوري يحتفلون بعد فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية في 27 مايو (أ.ب)
TT

الخارجية الروسية لا تستبعد انتخابات مبكرة في سوريا

جنود جرحى من قوات النظام السوري يحتفلون بعد فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية في 27 مايو (أ.ب)
جنود جرحى من قوات النظام السوري يحتفلون بعد فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية في 27 مايو (أ.ب)

أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن إجراء انتخابات مبكرة في سوريا خيار محتمل في حال نجاح الحكومة والمعارضة هناك في تنسيق وإجراء إصلاح دستوري.
وقال بوغدانوف، وهو المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، للصحافيين على هامش أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الخميس: «إذا توصلت الأطراف السورية إلى اتفاق وسيتم تثبيت نتائج عملها، فمن الممكن إجراء انتخابات وفقا للدستور الجديد أو الإصلاح الدستوري، وقد يحدث ذلك بشكل مبكر وليس بعد سبع سنوات، حسب مقتضيات الدستور الحالي، لكن هذا الأمر يتطلب توافقا بين السوريين».
وأكد الدبلوماسي الروسي أن هناك خططا لعقد اجتماع جديد بصيغة آستانة في عاصمة كازاخستان مدينة نور سلطان حتى نهاية يونيو (حزيران) الجاري، لافتا إلى أن موسكو ستجري الأسبوع القادم اتصالات مع تركيا وإيران.
كما أعرب بوغدانوف عن أمل موسكو في أن يتمكن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن من تنظيم اجتماع جديد للجنة الدستورية السورية في المستقبل القريب، مذكرا بأن فكرة طرحت أصلا لعقد هذا الاجتماع قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت في سوريا مؤخرا.
وأضاف أن المساعدات الإنسانية الروسية يتم إرسالها إلى سوريا «باستمرار». ونقلت وكالة «نوفوستي» عن بوغدانوف قوله إن «عمليات تسليم المساعدات مستمرة بلا نهاية، والوفود تسافر طوال الوقت وتقدم الدعم والمساعدة».
وردا على سؤال حول ما إذا كان يجري العمل حاليا على تجهيز إمدادات جديدة من القمح الروسي إلى سوريا، أشار بوغدانوف إلى أن «كل شيء يتم على النحو المناسب».
في هذا المجال، أعلنت الحكومة السورية أنها «حريصة على شراء كل حبة قمح» وهددت أنها لن تتساهل مع من يتاجر بالمادة وسط نقص كبير في الإنتاج الفعلي عن الذي كان مخططا. وقال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك طلال البرازي إن القمح من المواد الاستراتيجية وإن «من يقوم بالاتجار به سيتعرض لأشد العقوبات».
وخلال جولة تهدف للاطلاع على واقع استجرار وشراء المحصول، قال البرازي من حلب إن الحكومة حريصة على شراء الأقماح بالسعر المحدد، وتقديم التسهيلات اللازمة للفلاحين.
وأشار إلى أنها حريصة على «منع تسرب أي حبة قمح من خلال تسديد قيم المحصول بشكل مباشر وخلال مدة زمنية قصيرة» وقال إنه «لن يتم التساهل بحق كل من يتاجر بمحصول القمح ويحاول تهريبه كونه محصولا استراتيجيا، وسيتعرض للعقوبات الرادعة وفق المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021». كما نقلت وزارة التجارة عن محافظ حلب حسين دياب «الحرص التام على تسلم كل حبة قمح وتقديم كامل التسهيلات، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق».
إلى ذلك، سجلت سوريا مشاركتها الأولى في أعمال المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية وذلك في الدورة 149 التي تقام افتراضيا.
وعقد المجلس التنفيذي للمنظمة دورته بحضور 34 دولة، وتأتي المشاركة السورية بعد أيام على انتخاب جمعية الصحة العالمية لسوريا بالإجماع عضوا في المجلس التنفيذي للمنظمة ممثلة عن إقليم شرق المتوسط، لمدة 3 سنوات. وفي كلمة له خلال أعمال المجلس، قال وزير الصحة السوري حسن الغباش إن بلاده «تؤمن بالعمل وفق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وتحرص على تحمل مسؤولياتها في المجلس والعمل الفاعل والبناء في إطار العمل متعدد الأطراف لدعم جهود التنمية المستدامة».
ودعا إلى «توفير المساعدات اللازمة للدول الأعضاء لتعزيز قدرتها على بناء أنظمة صحية مرنة ومتطورة ولا سيما في ظل جائحة (كوفيد - 19)»، وشدد على «ضرورة التزام كل الدول الأعضاء باحترام حقوق الإنسان والعمل وفق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي واحترام سيادة الشعوب واستقلاليتها»، حسب ما نقلت وكالة سانا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.