مبادرة «التاجر الصغير».. دروس في المسؤولية الاجتماعية والمالية لأطفال السعودية

60 % من الصغار المشاركين يؤكدون نموًا في الدخل وفائضًا في المخزون

مبادرة «التاجر الصغير».. دروس في المسؤولية الاجتماعية والمالية لأطفال السعودية
TT

مبادرة «التاجر الصغير».. دروس في المسؤولية الاجتماعية والمالية لأطفال السعودية

مبادرة «التاجر الصغير».. دروس في المسؤولية الاجتماعية والمالية لأطفال السعودية

كشفت لجنة المناهج لمنظمة «أفلاطون» في السعودية لتعليم المسؤولية الاجتماعية والمالية أن أكثر من 60 في المائة من المشاركين في برامجها التدريبية حول العالم، من رياض الأطفال حتى سن 18 سنة، حققوا نموا في الادخار المالي، إضافة إلى زيادة الوعي بالمسؤولية الاجتماعية تجاه أوطانهم.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عثمان الحسن نور، مستشار برنامج الأطفال والشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعضو لجنة المناهج لمنظمة «أفلاطون»، أن السعودية بدأت في تطبيق لمنهج «أفلاطون» من خلال عقد بعض الدورات التدريبية لعدد من المشاركين من طلاب وطالبات المدارس للعام الثاني على التوالي، لفئات عمرية ما بين سن 8 حتى 18 عاما، الأمر الذي جعلها تحذو حذو أكثر من مائة دولة مشاركة في البرنامج حول العالم.
وقال الدكتور نور: «المشاركة هذا العام تضاعفت عن العام الماضي من حيث توسيع دائرة نطاق المشاركين، فقد وصل عدد المشاركين للدورة الثانية إلى 120 طالب وطالبة، مقارنة بالعام الماضي، حيث لم يتجاوز عدد المشاركين الـ70 مشاركا، وأشار إلى أن زيادة العدد نتج عنها زيادة في تنوع المشاركات والأفكار، إضافة إلى الدعم المعنوي والمادي من قبل قطاعات أهلية في البلاد.
وشدد نور على أهمية مشاركة الجهات الحكومية والقطاع الخاص لرفع سقف الوعي لدى جيل النشء لتدارك الصعوبات التي ربما تواجههم عند الكبر في حال عدم معرفتهم بواجباتهم نحو مجتمعهم، والدخول في معترك الحفاظ على الثروات الخاصة والعامة: «لنحظى بشعب يستطيع الاعتماد على نفسه واستغلال جميع الفرص المتاحة له بطرق صحيحة تساعد في تنمية قدراته ونمو فكره»، حسب قوله.
يشار إلى أن مبادرة «أفلاطون» لتعليم الأطفال واليافعين المسؤولية الاجتماعية والمالية هي منظمة تعليمية غير ربحية مقرها الرئيسي أمستردام (هولندا)، وينطوي تحتها ما يزيد عن 105 دول مطبقة للبرنامج حول العالم. وقد شارك ما يربو على مليون طفل في برامجها ومناهجها التعليمية، وتتخذ المبادرة من اسم «أفلاطون» شعارا لها؛ كأداة تعبيرية عن التفكير والاستكشاف والتحقيق والتصرف لمستقبل أفضل للأطفال واليافعين بالتعليم العام.
وعمل المنظمون للمعرض على اختيار اسم جاذب للزوار، حيث سمي بـ«التاجر الصغير» الذي يستطيع أن ينمي قدراته وفكره الاقتصادي وتنمية الشخصية وصقلها وغرس قيمة العمل والتجارة، ويهدف لتنمية حب العمل والوطن والمجتمع في أنفس الأطفال وكسر حواجز الخوف وتحمل المسؤولية من خلال مجموعة من الحلول المتكاملة علاوة على الدعم المالي، والتمتع بالقدرة على التعامل مع احتياجات السوق والسلع والنقد وجني الإيرادات.
هالة الزير المشرف العام على «التاجر الصغير» قالت إن العمل كان صعبا في بدايته، من حيث اختيار بعض الطلاب للمشاركة في الدورات التدريبية والمعارض المصاحبة، وجاءت الدورة الثانية لتكون مفتاحا لتدفق عدد كبير من الراغبين في المشاركة، وزادت أن العدد في هذا العام تجاوز الألف مشارك.
وبيّنت الزير أن العدد المسموح به في الدورة الثانية كان مائتي طالب وطالبة، تم الاختيار من بينهم بعناية ليصل العدد إلى 120 مشاركا من كلا الجنسين. وأكدت على أن اختيار اسم «التاجر الصغير» إنما جاء لجذب الزوار، إضافة إلى إعطاء مفهوم صحيح عن التجارة والادخار والمسؤولية الاجتماعية.
وتعد الدورات التدريبية هي حلقة الوصل الأولى بعد اختيار المشارك، ويشرف عليها فريق من المدربين المؤهلين من داخل البلاد، بعد أن تلقوا دورات خارجية أشرفت عليها منظمة «أفلاطون».
وأوضحت غادة السيف، مدرب إقليمي معتمد لمنظمة «أفلاطون» أن التدريب للفئات في مراحله الأولى ركز على فئتين؛ الفئة الأولى من سن 7 إلى 12 والثانية من سن 13 إلى 18 سنة، كبداية في تجربة التدريب قبل خوض المرحلة التي قبلها؛ التدريب للأعمار دون سن السابعة.
وضمت الدورات بحسب السيف مواد تختص في الجانب المالي ودورات في الجانب الاجتماعي، بمدة لا تتجاوز الخمسة أيام يحاور فيها المدربون الطلاب المشاركين، وإعطاء فرص لاتخاذ قرارات وأفكار يمكن تنميتها، إضافة إلى الزيارات الميدانية لبعض المواقع سواء التجارية أو على مستوى المسؤولية الاجتماعية.
ويركز البرنامج على 5 عناصر رئيسية: فهم واستكشاف الذات، الحقوق والمسؤوليات، والادخار والإنفاق، والتخطيط ووضع الميزانية، والمشاريع المالية والاجتماعية، وكلها تصب في تمكين النشء منذ البداية من الانخراط في المجتمع ومعرفة المفهوم الاقتصادي ليكونوا عناصر للتغيير في حياتهم ومجتمعهم من حولهم، مستندة إلـى اتفـاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، لدعم أهداف الألفية للتنمية وحملة التعليم للجميع.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».