500 ألف مريض بالسلياك في السعودية يعانون من 9 مشكلات

مجموعة تطوعية تدعو الجهات المختصة لإنهاء معاناة المرضى

عندما يتناول مريض السلياك غذاء يحتوي على الجلوتين تتضرر أمعاؤه
عندما يتناول مريض السلياك غذاء يحتوي على الجلوتين تتضرر أمعاؤه
TT

500 ألف مريض بالسلياك في السعودية يعانون من 9 مشكلات

عندما يتناول مريض السلياك غذاء يحتوي على الجلوتين تتضرر أمعاؤه
عندما يتناول مريض السلياك غذاء يحتوي على الجلوتين تتضرر أمعاؤه

كشفت مجموعة السلياك التطوعية في السعودية عن وجود نحو 500 ألف مصاب بمرض السلياك في البلاد، مؤكدة أن المصابين يعانون - حاليا - من 9 مشكلات، أولها صعوبة تشخيص هذا المرض الذي كان يعتقد أنه خاص بالعرق الأوروبي دون غيره من الأعراق.
وعرفت المجموعة المرض بأنه «مرض مناعي مزمن أشبه بحساسية من بروتين الجلوتين الموجود في القمح والشعير والجاودار»، موضحة أنه عندما يتناول مريض السلياك غذاء يحتوي على الجلوتين تتضرر أمعاؤه مما يؤدي إلى عدم هضم هذا الغذاء وبالتالي عدم الاستفادة منه.
وأكدت أن مرضى السلياك يواجهون - حاليا - 9 مشكلات، هي صعوبة التشخيص، ندرة المنتجات المناسبة لتغذية المرضى، غلاء أسعار المنتجات المناسبة لهم، عدم كتابة معلومات تتعلق بحساسية المرضى على المنتجات الغذائية المطروحة في الأسواق، عدم وجود رقابة على الأغذية المناسبة لهم، عدم فصل المنتجات الخالية من الجلوتين عن بقية المنتجات، ضعف وعي المجتمع بهذا المرض، عدم كتابة معلومات الحساسية على الأدوية، وجهل المصابين بتفاصيل المرض والحمية.
ودعت المجموعة أصحاب القرار في وزارة الصحة، ووزارة التجارة والصناعة، وهيئة الغذاء والدواء، والمستثمرين في قطاع الأغذية لوضع حد لمعاناة مرضى السلياك.
وكشفت دراسة أجريت على مائة مريض، أن 40 في المائة منهم استمروا لأكثر من 5 سنوات قبل أن يكتشفوا التشخيص الصحيح، لأن المرض كان يدرس في كليات الطب على أنه يصيب العرق الأوروبي، وحتى اليوم توجد أخطاء في تدريس المرض. ويواجه مرضى السلياك مشكلة ندرة المنتجات المناسبة لهم في كثير من المناطق والمدن السعودية، فضلا عن عدم توافر المنتجات الخالية من الجلوتين بشكل تام في كل من: حائل، وحفر الباطن، والخفجي، ونجران.
ويعاني المرضى من أن الدقيق الخالي من الجلوتين زنة 5 كيلوجرامات يصل سعره إلى 150 ريالا (40 دولارا)، وهو ما يتجاوز سعر الدقيق المتداول للعامة بأكثر من 20 ضعفا. يشار إلى أن وزارات الصحة في كثير من الدول تصرف منتجات خالية من الجلوتين شهريا للمصابين بالسلياك، وهو ما تفعله أيضا وزارة الدفاع السعودية عن طريق مستشفياتها.
وبينما تلزم هيئة الغذاء والدواء الأميركية وكذلك الهيئات في أوروبا، الشركات المنتجة للأغذية بتوضيح مصدر «النشاء» ما إذا كان من القمح أو غيره، وكذلك تلزم الشركات بكتابة معلومات الحساسية، الأمر الذي يشمل الجلوتين وغيره كالمكسرات، إلا أن هيئة الغذاء والدواء السعودية أصدرت تعميما بخصوص هذا الشأن قبل 4 أعوام، ولكنه لم يطبق حتى الآن.
وبحسب مجموعة السلياك، تفتقد المنتجات الغذائية في السعودية الرقابة الكافية التي تضمن وجود أغذية خالية من الجلوتين، مبينة أنه «لو أعلنت إحدى الشركات أن منتجاتها خالية من الجلوتين، أو إذا أراد شخص ما إنتاج دقيق خال من الجلوتين أو فتح مخبز، لا توجد أي وسائل للرقابة عليه وحماية المرضى من التدليس».
وأكدت المجموعة أنه في المدن الكبيرة توجد المنتجات الخالية من الجلوتين بكميات جيدة، لكنها لا تفصل عن بقية المنتجات، فضلا عن مشكلة تدوين البيانات باللغة الإنجليزية.
ويواجه المرضى مشكلة عدم وعي المجتمع، مما يسبب الحرج في المناسبات الاجتماعية، كذلك قد يمنع الآباء أطفالهم من الذهاب لبيوت أصدقائهم أو أقاربهم لأنهم لا يضمنون عدم تناول الطفل للممنوع.
وأكدت المجموعة أن عدم كتابة معلومات الحساسية على الأدوية، كما هي الحال في الأغذية، قد يدخل الجلوتين في الأدوية عن طريق بعض المواد من دون كتابته، مشيرة إلى أنه عندما يصاب مريض السلياك بحمى أو مرض ما، ولا يعرف الطبيب ولا الصيدلي ما إذا كان هذا الدواء يحتوي الجلوتين أم لا، يكون المريض بين نارين، إما نار تحمل ألم المرض خوفا من وجود الجلوتين في الدواء، أو المخاطرة بتناول الدواء حتى وإن كان يحتوي الجلوتين، وفي هذه الحالة يتحول هذا الدواء إلى داء.
وشددت على أن جهل المرضى بتفاصيل المرض والحمية، ناتج عن جهل غالبية الأطباء بتفاصيل المرض، ولأن هذا المرض بحر واسع مما يجعل فهم تفاصيله والحماية منه أمرا في غاية الصعوبة.
يشار إلى أن نسبة انتشار المرض في السعودية 2.2 في المائة، أي أن هناك ما يقارب نصف مليون مصاب، 37 في المائة منهم استغرق الأطباء لتشخيصهم بالشكل الصحيح أكثر من 5 سنوات، بينما جرى تشخيص حالة 38 في المائة منهم بأنهم مصابون بالقولون العصبي، وذلك نتيجة تشابه الأعراض.
ويحتاج مرضى السلياك إلى حمية صارمة مدى الحياة من تناول الجلوتين الذي يوجد في مشتقات القمح والشعير مثل الكيك والخبز والمعكرونة، فضلا عن بعض المأكولات التي لا تخطر على البال مثل اللحوم والمعلبات والصلصات وأنواع الجبن وحتى العصائر، وذلك عن طريق المواد المضافة، أو عن طريق اشتراكها مع أغذية تحتوي الجلوتين في عملية التصنيع.
وتشمل أعراض مرض السلياك، آلام الجهاز الهضمي، الصداع، الطفح، آلام العظام والعضلات، تقرحات الفم، اختلال الوزن، تأخر البلوغ، وتأخر النمو عند الأطفال، ويؤدي عدم الالتزام بالحمية لفترة طويلة إلى عدم استفادة المريض من أي غذاء يتناوله، مما قد يسبب له الفشل الكلوي وهشاشة العظام وفقر الدم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».