عناد إردوغان يهوي بالليرة التركية إلى «قاع غير مسبوق»

هوت الليرة التركية إلى قاع غير مسبوق بعد مطالبة إردوغان بخفض سعر الفائدة (أ.ف.ب)
هوت الليرة التركية إلى قاع غير مسبوق بعد مطالبة إردوغان بخفض سعر الفائدة (أ.ف.ب)
TT

عناد إردوغان يهوي بالليرة التركية إلى «قاع غير مسبوق»

هوت الليرة التركية إلى قاع غير مسبوق بعد مطالبة إردوغان بخفض سعر الفائدة (أ.ف.ب)
هوت الليرة التركية إلى قاع غير مسبوق بعد مطالبة إردوغان بخفض سعر الفائدة (أ.ف.ب)

وجه الرئيس رجب طيب إردوغان ضربة قاصمة جديدة إلى الليرة التركية هوت بها إلى «قاع غير مسبوق»، بعدما أعلن أنه طلب من رئيس البنك المركزي، شهاب كاوجي أوغلو، خفض سعر الفائدة البالغ 19 في المائة. وقال إردوغان إن بلاده بحاجة إلى خفض أسعار الفائدة، وإنه تحدث إلى رئيس البنك المركزي بشأن ذلك، مما أدى إلى انخفاض الليرة لمستويات قياسية جديدة مقابل الدولار.
وتراجعت الليرة التركية أكثر من 4 في المائة إلى مستوى قياسي منخفض غير مسبوق بلغ 8.88 ليرة مقابل الدولار، فور إدلاء إردوغان بتصريحه، خلال مقابلة تلفزيونية في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء - الأربعاء، قبل أن يتحسن أداؤها قليلاً إلى حدود 8.60 ليرة للدولار خلال تعاملات أمس (الأربعاء).
وأضاف إردوغان، الذي يصف نفسه بـ«عدو الفائدة»: «تحدثت إلى محافظ البنك المركزي اليوم (أول من أمس). نحتاج بالتأكيد إلى خفض أسعار الفائدة... نحتاج من أجل ذلك أن نرى أسعار الفائدة تبدأ في الانخفاض في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)» المقبلين، عادّاً أن ذلك من شأنه أن يرفع العبء على الاستثمارات.
وتعرضت الليرة التركية، التي تسجل أسوأ أداء للعملات في اقتصادات الأسواق الناشئة، بالفعل إلى ضغوط الأسبوع الماضي، متراجعة إلى مستويات قياسية جديدة مقابل الدولار.
وأدت دعوات الرئيس التركي المتكررة لخفض تكاليف الاقتراض وإقالته المفاجئة آخر 3 رؤساء للبنك المركزي، إلى تراجع مصداقية البنك بشدة. وسبق أن أقال الرئيس السابق المتشدد في المسائل النقدية ناجي أغبال في 20 مارس (آذار) الماضي، بعد أقل من 5 أشهر من تعيينه، مما أدى إلى تراجع الليرة بنسبة 12 في المائة مقابل الدولار. وتعرضت الليرة لضربة أخرى، الأسبوع الماضي، بسبب مخاوف بشأن التضخم العالمي والانتخابات المبكرة في تركيا. وأدى قرار إقالة أغبال، الذي سعى إلى استعادة مصداقية البنك المركزي واستقلاليته، إلى انعكاس سريع على حماس المستثمرين، مما أدى إلى تراجع العملة، رغم أن رئيس البنك الجديد شهاب كاوجي أوغلو، الذي كان ناقداً شديداً لسلفه أغبال، يعتنق نظرية إردوغان التي تخالف النظريات التقليدية للاقتصاد والتي تعدّ أن خفض الفائدة ينعكس بالضرورة على التضخم ويؤدي إلى خفضه.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن كاوجي أوغلو يواجه تحديات صعبة، بينما يتطلع إلى استعادة استقرار الأسعار دون تهدئة الاقتصاد قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في عام 2023. وقد اضطر بالفعل إلى الحفاظ على سياسات سلفه أغبال في تشديد السياسة النقدية والحفاظ على سعر الفائدة الرئيسي عند 19 في المائة.
وتعتمد تركيا على الدخل بالعملة الصعبة من السياحة لدعم عجز حسابها الجاري، وتخاطر بموسم ضائع آخر هذا العام في ظل فرض دول عدة قيوداً على السفر إليها بسبب ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس «كورونا»؛ في مقدمتها روسيا التي تعدّ من أهم مصادر السياحة لتركيا. وقال إردوغان إن المسؤولين الأتراك يجرون محادثات مع ألمانيا وروسيا بشأن السياحة هذا الصيف، وإنه سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في قمة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» منتصف يونيو (حزيران) الحالي لمناقشة الأمر. وخففت تركيا بدءاً من أول من أمس القيود المفروضة بسبب «كورونا»، وأعادت فتح المطاعم والمقاهي وفق ضوابط معينة، كما خفضت ساعات الحظر، وحصرت الإغلاق الكامل في يوم الأحد فقط من كل أسبوع.
من ناحية أخرى، فرضت الحكومة التركية زيادة جديدة في سعر الغاز الطبيعي للوحدات السكنية والصناعية. ونشرت «شركة خطوط أنابيب نقل البترول التركية (بوتاش)» التسعيرة الخاصة بشهر يونيو (حزيران) عبر موقعها الإلكتروني. وتضمنت بالنسبة للوحدات السكنية زيادة بنسبة واحد في المائة مقارنة بتسعيرة شهر مايو (أيار) الماضي، ليبلغ سعر الألف متر مكعب 1328 ليرة و65 قرشاً، بينما بلغ سعر الألف متر مكعب للوحدات الصناعية 1486 ليرة و12 قرشاً. وطبقت زيادة بنسبة 5 في المائة على الغاز الطبيعي الذي تستخدمه محطات توليد الكهرباء، وارتفع سعر الألف متر مكعب ليسجل 1713 ليرة و25 قرشاً.
ويواجه الأتراك صعوبات في تسديد مقابل استخدام الغاز الطبيعي في ظل الزيادات الشهرية في الأسعار. وبلغت قيمة فواتير الغاز الطبيعي غير المحصلة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي نحو 399 مليون ليرة؛ وفق وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز.
وقال دونماز، في رده على سؤال برلماني، في مارس الماضي، إنه بدءاً من نهاية سبتمبر (أيلول) 2020 جرى فسخ 4 في المائة من تعاقدات الكهرباء البالغ عددها 260 مليوناً و203 آلاف و49 مشتركاً، وذلك لعدم تنفيذهم الالتزامات المفروضة عليهم بموجب اتفاقية الكهرباء.



«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.