اتفاق أوروبي لتعزيز الشفافية الضريبية

«18شهراً» سقفاً لحرية الاقتراض والإنفاق

قالت المفوضية الأوروبية إن الدول الأوروبية أمامها 18 شهراً للاقتراض والإنفاق بحرية (إ.ب.أ)
قالت المفوضية الأوروبية إن الدول الأوروبية أمامها 18 شهراً للاقتراض والإنفاق بحرية (إ.ب.أ)
TT

اتفاق أوروبي لتعزيز الشفافية الضريبية

قالت المفوضية الأوروبية إن الدول الأوروبية أمامها 18 شهراً للاقتراض والإنفاق بحرية (إ.ب.أ)
قالت المفوضية الأوروبية إن الدول الأوروبية أمامها 18 شهراً للاقتراض والإنفاق بحرية (إ.ب.أ)

توصل أعضاء البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي مساء الثلاثاء يتم بموجبه تعزيز الشفافية الضريبية للشركات متعددة الجنسيات، فيما يتزايد الضغط الدولي من أجل زيادة الضرائب.
وينص التوجيه الذي نجم عن اقتراح تقدمت به المفوضية الأوروبية في عام 2016 على إلزام الشركات متعددة الجنسيات التي يزيد حجم مبيعاتها السنوية على 750 مليون يورو بالإعلان عن أرباحها وعدد الموظفين وحجم ضرائبها في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي التي تعمل فيها، إضافة إلى السلطات القضائية المدرجة في قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء للملاذات الضريبية.
ورحبت الرئاسة البرتغالية للمجلس وعدة تكتلات سياسية في البرلمان الأوروبي، منهم الاشتراكيون الديمقراطيون وحزب الخضر، بهذا التصريح في كل بلد على حدة كخطوة مهمة إلى الأمام نحو المزيد من العدالة الضريبية. كما وجه العديد من المنظمات غير الحكومية واليسار الراديكالي انتقادات. ويتعين الموافقة رسمياً على هذا الاتفاق الذي توصلت إليه فرق التفاوض من قبل أعضاء البرلمان الأوروبي في جلسة عامة ومن قبل المجلس الأوروبي.
ويأتي ذلك في وقت تم فيه إحياء المفاوضات في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشأن فرض الضرائب على أرباح الشركات متعددة الجنسيات باقتراح من الرئيس الأميركي جو بايدن لإدراج معدل ضرائب 15 في المائة كحد أدنى. وتم اقتراح التوجيه الأوروبي الجديد على أثر فضائح وثائق بنما ولوكس ليكس (تسريبات لوكسمبورغ).
وقال وزير الاقتصاد البرتغالي، بيدرو سيزا فييرا: «في الوقت الذي يسعى فيه مواطنونا للتغلب على آثار الوباء، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى المطالبة بشفافية مالية حقيقية»، وقدّر حجم الإيرادات المفقودة المرتبطة بالتهرب الضريبي في الاتحاد الأوروبي بنحو 50 مليار يورو سنوياً.
واعتبر دامين كاريم، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، أن «الشفافية هي أداة أساسية وضخمة لمكافحة آفة التهرب الضريبي. والاتفاق الذي تم التوصل إليه اليوم يشكل بذلك تقدماً كبيراً»، لكنه أعرب عن أسفه لإدراج المجلس الأوروبي «شرطاً وقائياً» يمكن أن يسمح لبعض الشركات الإخلال بالتزاماتها. بينما انتقد اليسار الراديكالي «اتفاقية التسوية» لأنها «تحصر تطبيق الإبلاغ العام في 46 دولة فقط، أي أقل من 20 في المائة من السلطات القضائية في العالم».
واعتبرت عضو البرلمان الأوروبي مانون أوبري «أن هذه الاتفاقية تهمل أكثر من 80 في المائة من دول العالم، بما في ذلك الملاذات الضريبية سيئة الصيت مثل جزر الباهاما أو سويسرا أو جزر كايمان، والتي لن تضطر فيها الشركات إلى نشر أي معلومات»... مضيفة: «كيف يمكننا الادعاء بمكافحة التهرب الضريبي مع مثل هذه البيانات الجزئية؟».
وفي شأن منفصل، قالت المفوضية الأوروبية إن الدول الأوروبية أمامها 18 شهرا للاقتراض والإنفاق بحرية، ولكن عليها أن تستعد ببطء لإعادة فرض قواعد الموازنة الطبيعية للاتحاد الأوروبي عام 2023.
وقال نائب رئيس المفوضية فالديس دومبروفسكيس الأربعاء: «يمكننا أن نؤكد أنه بناء على توقعاتنا الربيعية، فإنه سوف يستمر العمل ببند الهروب العام خلال عام 2022، ولكن سيتوقف العمل به عام 2023».
ومن المتوقع أن تعود اقتصادات الدول الـ27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لمستوى ما قبل أزمة فيروس «كورونا» بحلول نهاية العام المقبل، وفقا لما قاله فالديس، أثناء تقديمه لأحدث حزمة توصيات اقتصادية من جانب المفوضية. وأضاف أنه مع ذلك، يتعين على العواصم الأوروبية في الوقت الحالي الإبقاء على إجراءات اقتصادية داعمة تساعد في مواجهة البطالة أو إفلاس الشركات.
وكانت المفوضية الأوروبية قد قامت بتفعيل بند الهروب العام في مارس (آذار) الماضي لأول مرة في تاريخها، وذلك لمساعدة الدول الأعضاء على التعافي من إجراءات الإغلاق الواسعة النطاق لمنع تفشي فيروس «كورونا».



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.