واشنطن تنفي إجراء جزء من مناورات «الأسد الأفريقي» في الصحراء الغربية

عناصر من البحرية الأميركية مع فرقة العمل المشتركة لـ«الأسد الأفريقي» يستعدون لركوب طائرة «C - 130» في مطار إنزكان في المغرب (أفريكوم)
عناصر من البحرية الأميركية مع فرقة العمل المشتركة لـ«الأسد الأفريقي» يستعدون لركوب طائرة «C - 130» في مطار إنزكان في المغرب (أفريكوم)
TT

واشنطن تنفي إجراء جزء من مناورات «الأسد الأفريقي» في الصحراء الغربية

عناصر من البحرية الأميركية مع فرقة العمل المشتركة لـ«الأسد الأفريقي» يستعدون لركوب طائرة «C - 130» في مطار إنزكان في المغرب (أفريكوم)
عناصر من البحرية الأميركية مع فرقة العمل المشتركة لـ«الأسد الأفريقي» يستعدون لركوب طائرة «C - 130» في مطار إنزكان في المغرب (أفريكوم)

نفت الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء أن يكون جزء من مناورات «الأسد الأفريقي 2021» العسكرية المشتركة التي تشرف عليها المتحدة وتنظّمها بمشاركة المغرب في منتصف يونيو (حزيران)، سيجري، كما أعلنت الرباط، في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وكان رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني قال في تغريدة على «تويتر» في نهاية الأسبوع الماضي إنّ جزءاً من هذا التدريب السنوي الأضخم للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) سيحصل في الصحراء الغربية. ورأى في هذه الخطوة «تتويجاً للاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء».
وقالت القيادة الأميركية في أفريقيا في بيان أمس إنّ المناورات التي سيشارك فيها سبعة آلاف عسكري من تسع دول لن تشمل الصحراء الغربية.
وأوضح البيان أنّ التدريبات ستجري «بشكل أساسي في أنحاء المغرب، من قاعدة القنيطرة الجوية شمالاً إلى طانطان ومجمّع تدريب جرير جنوباً»، أي الحدود المعترف بها دولياً للمملكة.
وكانت جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) نفت إعلان الرباط ووصفته بأنه «شائعة لا أساس لها من الصحة». وقال وزير الشؤون الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك لوكالة الصحافة الفرنسية إن المناورات «ستقام في جنوب المغرب وداخل حدود المغرب المعترف بها دولياً».
وقال المتحدث باسم القيادة الأميركية الكولونيل كريستوفر كارنز إنه «تم اختيار الأماكن لتعزيز الشراكات الأمنية وعلاقاتنا مع الدول الأخرى المشاركة (في التدريبات) بينما نعمل معاً لتعزيز الاستقرار الإقليمي».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة والمغرب «بحثا مجموعة واسعة من الأماكن لضمان نجاح الأسد الأفريقي 2021. وحددا في نهاية المطاف الأماكن المقترحة في بداية الأعمال التحضيرية في صيف 2020».
وفي إطار اتفاق تم التفاوض بشأنه في نهاية ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اعترفت الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2020 بسيادة المغرب على هذه الأراضي التي تطالب بها بوليساريو، في مقابل استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
ولفتت القيادة الأميركية في بيانها إلى أنّ الطرفين الأميركي والمغربي اللذين حضّرا لهذه المناورات قرّرا «استخدام المواقع المقترحة منذ بداية دورة التخطيط في صيف 2020»، أي قبل أشهر من إعلان ترمب في ديسمبر (كانون الأول) 2020 اعترافه بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
وسيشارك في دورة 2021 من المناورات المشتركة التي ألغيت في 2020 بسبب وباء كوفيد، سبعة آلاف جندي من تسع دول بين 7 و18 يونيو، حسب الموقع الإلكتروني للقيادة الأميركية. وقال الكولونيل كارنز إن تونس والسنغال ستشاركان في التدريبات.
ونهار الثلاثاء، حذفت تغريدة العثماني التي أفادت بأن بين الأماكن المختارة لإجراء التدريبات موقعين في الصحراء الغربية هما المحبس (شرق)، حيث تعلن جبهة بوليساريو بانتظام عمليات قصف في الأشهر الأخيرة، والداخلة (جنوب) حيث ينوي المغرب توسيع ميناء كبير على المحيط الأطلسي.
وكشف رسم بياني نشره العثماني على «تويتر» عن ميزانية مقدارها 24 مليون دولار، ومشاركة نحو مائة مدرعة و46 طائرة دعم و21 طائرة مقاتلة في التدريبات.
لم ترد إسبانيا بين الدول المشاركة. وذكر الموقع الإلكتروني للقيادة الأميركية لأفريقيا أنّ هذا «الحليف الثابت» كان رغم ذلك يساهم لسنوات في العمليات المتعددة الأطراف.
وتمر العلاقات بين مدريد والرباط حالياً بأزمة كبرى بسبب دخول زعيم بوليساريو إبراهيم غالي أحد المستشفيات في إسبانيا.
لكن وزارة الخارجية الإسبانية أعلنت الثلاثاء أنّ غالي «خطّط لمغادرة إسبانيا ليل الثلاثاء - الأربعاء في طائرة مدنية من مطار بامبلونا» في شمال البلاد، من دون أن تحدّد وجهة هذه الطائرة، مكتفية بالقول إنّها أخطرت السلطات المغربية بهذا الأمر. وأضافت أنّ زعيم بوليساريو «كانت بحوزته الوثائق التي دخل بها إلى إسبانيا والتي تحمل اسمه».
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من مثول إبراهيم غالي أمام القضاء الإسباني في إطار شكويين ضده بتهم «تعذيب» و«إبادة جماعية». ومهد قرار القاضي بعدم اتخاذ أي إجراء ضده الطريق لرحيله.
ورداً على استقبال القيادي الصحراوي الذي تعتبره الرباط «مجرم حرب»، خفّفت القوات المغربية رقابتها عند الحدود في منتصف مايو (أيار)، ما أدّى إلى تدفّق موجة غير مسبوقة من المهاجرين إلى جيب سبتة الإسباني.
وتعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية التي تبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع وتقع شمال موريتانيا، منطقة «غير محكومة ذاتياً».
وتدعو بوليساريو بدعم من الجزائر إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير وافقت عليه الأمم المتحدة ولكن يتم تأجيله باستمرار منذ التوقيع في 1991 على وقف لإطلاق النار بعد 16 سنة من القتال. ويقترح المغرب من جانبه منح المنطقة حكماً ذاتياً تحت سيادته.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.