مسلحون يختطفون 200 تلميذ في نيجيريا

رجال الشرطة النيجيرية أمام مدخل كلية الغابات في كادونا عقب اختطاف مسلحين 30 طالباً مارس الماضي (غيتي)
رجال الشرطة النيجيرية أمام مدخل كلية الغابات في كادونا عقب اختطاف مسلحين 30 طالباً مارس الماضي (غيتي)
TT

مسلحون يختطفون 200 تلميذ في نيجيريا

رجال الشرطة النيجيرية أمام مدخل كلية الغابات في كادونا عقب اختطاف مسلحين 30 طالباً مارس الماضي (غيتي)
رجال الشرطة النيجيرية أمام مدخل كلية الغابات في كادونا عقب اختطاف مسلحين 30 طالباً مارس الماضي (غيتي)

قالت السلطات النيجيرية، أمس (الثلاثاء)، إن مسلحين خطفوا نحو 200 تلميذ في أحدث واقعة من نوعها في مدارس بشمال البلاد الذي يجتاحه العنف، لكنها استبعدت دفع فدية لتأمين إطلاق سراحهم.
وقال مسؤول في الحكومة المحلية لـ«رويترز»، إن الشرطة تحاول اقتفاء أثر الجناة الذين داهموا مدرسة إسلامية في ولاية النيجر بشمال البلاد يوم الأحد. وأضاف، أن طائرة حربية تحلق فوق المنطقة في محاولة لتحديد مكانهم. وهاجم مسلحون على دراجات نارية المدرسة الواقعة ببلدة تيجينا مساء الأحد. وقُتل شخص بالرصاص وتعرض آخر لإصابات بالغة خلال الهجوم. وذكرت السلطات المحلية، أن عدد التلاميذ المخطوفين نحو 200.
وقال أحمد محمد كيتسو، نائب حاكم الولاية للصحافيين، إن حكومة الولاية تتعقب الخاطفين وتبذل جهوداً لمعرفة هوياتهم. وأضاف «نحن لا ندفع فدية للخاطفين. نحاول التفاوض لمعرفة كيف يمكن إعادتهم سالمين». وخطفت جماعات مسلحة أكثر من 700 طالب للحصول على فدية منذ ديسمبر (كانون الأول) بعد مداهمة مدارس وجامعات في شمال نيجيريا. وتنفي الحكومة دفع فدية، لكن يعتقد على نطاق واسع أنها فعلت ذلك. وندد الرئيس محمد بخاري بواقعة الخطف خلال إفادة أمس (الثلاثاء) وحث أجهزة الأمن على العمل على تحرير التلاميذ فوراً. من جهة أخرى، قال مسؤول عسكري كونغولي أول من أمس، إن 70 شخصاً على الأقل قتلوا في هجوم على قريتين في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقال المتحدث العسكري جولز نجونجو لوكالة الأنباء الألمانية، إن مسلحين مرتبطين بـ«القوات الديمقراطية المتحالفة» هاجموا قريتي بوجا وتشابي في إقليم ايتوري بشرق الكونغو. وبجانب قتل السكان، نهب المسلحون المنازل وأخذوا رهائن، ومن بينهم العديد من المراهقين.
وتردد أن المذبحة وقعت بعدما تعرضت المنطقة للغزو من جانب مقاتلي «القوات الديمقراطية المتحالفة» الذين دخلوا البلاد من أوغندا المجاورة. وقد صنفت الحكومة الأميركية مؤخراً «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وهي جماعة منشقة عن تنظيم (داعش) كجماعة إرهابية دولية. وذكر مسؤولان محليان في بوغا لوكالة الصحافة الفرنسية، أن المهاجمين استهدفوا مخيّماً للنازحين. وقالا، إنه تم العثور على 36 جثة حتى الآن في بوغا، وهو رقم لم تؤكده مصادر مستقلة بعد. وحذر المسؤولان من اتهام «القوات الديمقراطية المتحالفة»، خصوصاً مع تفشي النزاعات العرقية في المنطقة. وأفادت مجموعة «تعقّب أمن كيفو»، وهي منظمة غير حكومية تحظى باحترام واسع وتراقب أعمال العنف في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بأن زوجة زعيم رفيع في بينيالي - تشابي قتلت في الهجوم على تشابي. وتعد «القوات الديمقراطية المتحالفة» المجموعة الأكثر دموية من بين نحو 122 ميليشيا مسلحة تتواجد في شرق البلاد الغني بالمعادن، تعد الكثير منها بمثابة إرث لحربين إقليميتين استمرتا من عام 1996 حتى 2003. وأشارت تقديرات مجموعة «تعقّب أمن كيفو» حتى الجمعة، إلى أن 1228 مدنياً على الأقل قتلوا في منطقة بيني التابعة لإقليم شمال كيفو منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، عندما أطلق جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية حملة أمنية فككت «القوات الديمقراطية المتحالفة» إلى مجموعات أصغر. ويرفع إعلان أول من أمس حصيلة القتلى جرّاء عمليات قتل يشتبه بأن «القوات الديمقراطية المتحالفة» ارتكبتها منذ ستة أيام إلى 78 على الأقل. وأودت ثلاثة اعتداءات أخرى منذ الثلاثاء الماضي بـ39 شخصاً. وفي 11 مارس (آذار)، أكدت الولايات المتحدة، أن «القوات الديمقراطية المتحالفة» مرتبطة بتنظيم «داعش». وأعلن رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في السادس من مايو (أيار) «حالة حصار» مدّتها 30 يوماً في شمال كيفو وإيتوري في مسعى لوضع حد لعمليات «القوات الديمقراطية المتحالفة» وتولى ضباط الجيش والشرطة بناءً على الخطوة زمام الأمور مكان السلطات المحلية.


مقالات ذات صلة

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

آسيا يقف مسؤولون أمنيون باكستانيون حراساً عند نقطة تفتيش في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان بباكستان يوم 6 يناير 2025 حيث تشهد باكستان موجة من عنف المتمردين خصوصاً في المقاطعات الغربية في إقليم خيبر بختونخوا (إ.ب.أ)

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

أعلنت الشرطة الباكستانية أن مسلحين من العناصر الإرهابية اختطفوا 17 موظفاً مدنياً في منطقة قبول خيل، الواقعة على الحدود بين إقليم البنجاب وإقليم خيبر بختونخوا.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟