دراسة: نمو الجماعات المتطرفة يتبع نسقاً رياضياً

TT

دراسة: نمو الجماعات المتطرفة يتبع نسقاً رياضياً

للوهلة الأولى؛ قد يبدو اثنان من التنظيمات المتطرفة؛ «داعش» و«حركة بوغالو»، شديدي الاختلاف ولا يكاد توجد بينهما عناصر مشتركة بخلاف الاستعداد لارتكاب أعمال عنف... ومع ذلك، كشفت دراسة جديدة وضعتها مجموعة من الباحثين التابعين لـ«جامعة جورج واشنطن» عن أن هذه التنظيمات المتطرفة تظهر وتنمو عبر الإنترنت تبعاً لنسق رياضي متشابه.
وتقترح الدراسة «معادلة موجة صدمية» يمكن تطبيقها على عدد أكبر من التنظيمات المتطرفة عبر الإنترنت للتوقع بالنقطة التي سيتعين عندها نمو مفاجئ. وتتضمن التنظيمات «داعش»، الذي يضم جهاديين إسلاميين، و«حركة بوغالو»؛ مجموعة مهلهلة من عناصر متطرفة تنتمي لتيار اليمين وتدعو لإشعال حرب أهلية جديدة. في هذا الصدد، قال نيل جونسون، بروفسور الفيزياء في «جامعة جورج واشنطن»، في تصريحات لإصدار «ديفنس وان»: «ربما تظن أنه بالنظر إلى التباين الشديد في الآيديولوجيات التي يتبعونها وما إلى غير ذلك، وحقيقة أن (داعش) يركز أنظاره على هدف محدد، بينما تتسم (بوغالو) بالتنوع، فإن الحركتين؛ (داعش) و(بوغالو)، ستتصرفان على نحو مختلف للغاية، لكن ما توصلنا إليه أنهما في واقع الأمر يتبعان المخطط الرياضي ذاته فيما يتعلق بالنمو».
يذكر أن كثيراً من الجماعات المتطرفة استفادت من وجود زعيم محدد صاحب شخصية كاريزمية، لكن جونسون وزملاءه الباحثين كشفوا عن أن نمو الجماعة يعتمد بدرجة أكبر على الديناميكيات بين الشخصية عبر الإنترنت والأعضاء المحوريين وكيفية تفاعلهم مع المجندين الجدد؛ عامل أشار إليه الباحثون بمصطلح «الكيمياء الجمعية». ومن أجل قياس «الكيمياء الجمعية» للجماعات، تفحص الباحثون بيانات تتعلق بجهود التجنيد الخاصة بـ«داعش» من موقع إلكتروني روسي يدعى «فكونتاكتي» خلال الفترة التي شهدت نمواً حيوياً في الجماعة عامي 2014 و2015. كما جمع الباحثون بيانات حول «بوغالو» من «فيسبوك» خلال عام 2020.
وتوصل الباحثون إلى أن واحدة من السمات المحورية في «الكيمياء الجمعية» في الجماعتين، تمثلت في استعداد الأعضاء الجدد للإسهام في المحتوى والاستجابة بعضهم لبعض، بدلاً من الاكتفاء بالاطلاع على نحو سلبي على محتوى صادر عن زعيم واحد.
وفي حالة «بوغالو»، نتج عن ذلك «مزيج انتقائي من الأفكار»؛ الأمر الذي يضفي على الجماعة شعوراً قوياً من القاعدة إلى القمة، مما يعدّ أحد العوامل المحورية التي حفزت النمو الهائل في صفوف الجماعة. وتعدّ «الكيمياء الجمعية» من السبل لاستيعاب كيف يتفاعل أعضاء الجماعات المختلفة، كما لو كانوا حقيبة من ألعاب «ليغو»، حسبما قال جونسون. وأضاف: «ربما يكون أحد أفراد (بوغالو) من أنصار اليمين المتطرف ويرغب في تحطيم السلطة الفيدرالية وسلطة الدولة، بينما ربما يكون هناك عضو آخر على الطرف المقابل تماماً، أو لا ينتمي إلى أي من تياري اليمين أو اليسار». وعليه؛ فإن كل فرد منهم يبدو كقطعة «ليغو» تحمل سماتها الخاصة بها». وشرح أن وجود كثير من أنماط قطع «ليغو» التي يعمل بعضها مع بعض، يجعلك قادراً على إدراك ما الذي يمكنك بناءه. وينطبق الأمر ذاته على أفراد المجموعات عبر الإنترنت، وفق دراسة في «تريبيون ميديا». بجانب ذلك؛ تضطلع «الكيمياء الجمعية» بدور في تحديد مدى سرعة استجابة جماعة ما لمحاولات إغلاقها.
وكتب جونسون ورفاقه الباحثون: «بمقدور الجماعات المتطرفة عبر الإنترنت إظهار قدرة هائلة على النمو والتكيف، خصوصاً فيما يتعلق بالجماعات التي تدور حول قضايا جديدة... كما أن رد فعلها يأتي سريعاً بمجرد أن يدرك الأعضاء وجود محاولات لكبح جماح المحتوى الذي ينشرونه». ومن الممكن أن يكون هذا التحليل مفيداً لمواقع التواصل الاجتماعي التي تسعى لكبح نشاطات جماعات الكراهية عبر الإنترنت قبل أن تستفحل، وكذلك للعاملين بمجالات إنفاذ القانون والاستخبارات الذين يسعون لرصد مثل هذه الجماعات بمجرد ظهورها.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».