كيف ساهمت «كورونا» في زيادة ثروة أقطاب الموضة؟

أرباح العلامات الشهيرة تضاعفت خلال الجائحة

كيف ساهمت «كورونا» في زيادة ثروة أقطاب الموضة؟
TT

كيف ساهمت «كورونا» في زيادة ثروة أقطاب الموضة؟

كيف ساهمت «كورونا» في زيادة ثروة أقطاب الموضة؟

رغم حديث خبراء الاقتصاد والمتابعين عن تأثر صناعة الموضة في العالم بجائحة «كورونا» خلال الأشهر الماضية، فإن ثمة تقريراً اقتصادياً صدر أخيراً، فجر مفاجأة مدوية مفادها بأن ثروات أقطاب الموضة في العالم تضاعفت في ظل الجائحة، ولم تتأثر كما كان يتوقع الكثيرون.
وأعلنت مجلة «فوربس» الأميركية، في 27 مايو (أيار) الماضي، تتويج قطب الموضة الفرنسي برنارد أرنو، مؤسس المجموعة الفاخرة «لويس فيتون، موي هينسي، إل في إم إتش»، أغنى رجل في العالم بعد أن تجاوزت القيمة الصافية لثروته حاجز 190 مليار دولار أميركي، ليتخطى بذلك جيف بيزوس، مؤسس أكبر منصة بيع بالتجزئة عبر الإنترنت «أمازون»، كما تفوق على إيلون ماسك، ثاني أغنى شخص في العالم - مالك شركة «سبيس إكس» و«تيسلا».
بينما كانت ثروة أرنو في بداية الجائحة، تحديداً في مارس (آذار) 2020، 76 مليار دولار، ما يرجح التوقعات بأن الجائحة كانت تميمة الحظ بالنسبة له.
صحيح أن العالم يراقب عن كثب ماراثون الأغنياء، لكن صعود أرنو له دلالة خاصة لدى صناع الموضة، لا سيما أن المجموعة العملاقة التي يمتلك وعائلته معظم أسهمها، تقع تحت راياتها أبرز علامات الصناعة الفاخرة في العالم.
وحسب تحليل نشره موقع «بيزنس إنسايدر»، نهاية مايو الماضي، فإن «أرنو أنفق نحو 538 مليون دولار في الأشهر الأخيرة للحصول على أسهم إضافية في مجموعة (إل في إم إتش) الفرنسية الذي يسيطر عليها هو وعائلته»، وخلص التقرير إلى أن إيرادات المجموعة ارتفعت في الربع الأول لعام 2021 إلى 17 مليار دولار بزيادةٍ بنسبة 32 في المائة مقارنة بالربع الأول من عام 2020.
وفي شهر يناير (كانون الثاني) 2021، أبرمت المجموعة الفاخرة التي يسيطر عليها أرنو أكبر صفقة تجارية للأزياء الفاخرة من خلال الاستحواذ على أهم شركة لتصنيع المجوهرات في أميركا «تيفاني آند كو» مقابل 15.8 مليون دولار. ليضم بذلك أبرز علامات الموضة والمجوهرات في العالم، ويشرف صانع الذوق النهائي في العالم على إمبراطورية تضم 70 علامة تجارية، بما في ذلك «لويس فيتون، سيفورا، تيفاني أآد كو، ستيلا مكارتني، غوتشي، كريستيان ديور وجيفنشي»، التي تدار بشكل مستقل وتعمل تحت مظلة LVMH«.»
مجموعة أرنو بعلاماتها الفاخرة لم تحقق وحدها مكاسب مثيرة خلال الجائحة، فقد سارت على دربها شركات أخرى، فحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في 28 مايو الماضي، فإن «مجموعة (كيرينغ) التي يمتلكها فرنسوا بينو، وتمتلك العلامات الفاخرة (إيف سان لوران)، و(ألكسندر ماكوين) و(غوتشي) حققت أرباحاً ضاعفت ثروة بينو لتصل إلى 55.1 مليار دولار».
وذكر التقرير ذاته أن ثروة مالكي علامة «شانيل» الفاخرة ارتفعت لأكثر من الضعف خلال الفترة نفسها، ما يضعنا أمام ظاهرة سافرة تستحق التحليل.
وتعلق د. إيناس أحمد إسماعيل، خبيرة إدارة الأعمال والتسويق، على الأرقام السابقة ودلالاتها قائلة لـ«الشرق الأوسط»، «رغم أن الفترة الماضية أحيطت بكثير من قيود الحركة عالمياً، فإنه في يوليو (تموز) من العام الماضي شهدت دول العالم انفتاحاً محدوداً تبعه سلوك شرائي انتقامي»، ويُفسر خبراء التسويق هذا السلوك بأنه رغبة عارمة للاقتناء نتيجة لفترة حُرم خلالها المستهلك من جميع أشكال الرفاهية، مشيرة إلى أن «رواج التسوق الإلكتروني ساهم في تسهيل مهمة الشراء».
ودفع الخوف من الجائحة المستهلك إلى الاستثمار في أشياء قيمة، حسب إسماعيل، التي ترى أن «ارتفاع قيمة معدن الذهب عالمياً بشكل غير مسبوق خلال أزمة (كورونا)، تؤكد هذه النظرية، فهذه السلع تعد الملاذات الآمنة في الأوقات الصعبة المهددة بالانهيار الاقتصادي». وتشير إلى أن «هذا التحرك من المستهلك ليس بدافع الرفاهية بقدر ما أنه بدافع الاستثمار».
ورغم أن خبراء الموضة يرون أن هذا الزخم لا ينطبق على صناعة الموضة بصفة عامة لتفاوته بين العلامات الفاخرة والرائدة، فإن مصمم أزياء الرجال المصري أحمد حمدي، ومؤسس علامة بذلات رجالية تحمل اسمه، يرى عكس ذلك، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «السلوك الشرائي للمستهلك سار في اتجاه عكس التوقعات»، مضيفاً أن «التكيف كان كلمة السر وراء عبور أزمة (كورونا)، سواء على مستوى المستهلك أو الصُناع، فالإحباط والخوف والوحدة جعلت المستهلك يتوق إلى الرفاهية والاقتناء، فبات التسوق الإلكتروني ملاذه الآمن، وحدث ذلك بالتزامن مع تكيف العلامات السريع مع تداعيات الجائحة، ونجحت في ذلك لدرجة أنها استقطبت الزبائن بشكل أكبر».
ويشير مصمم الأزياء إلى أن العلامات الفاخرة لم يكن في حسبانها التحول نحو الرقمنة في الوقت الحالي حتى بات ضرورة، ويقول «كانت تعتبر الندرة والاكتفاء بالشراء من متاجر حجرية جزءاً من قيمتها، فمن يرغب في اقتناء قطعة فريدة عليه أن يعيش رحلة تسوق حسية، لكن يمكن القول إن العلامات الفاخرة تكيفت فباتت متاحة لكل العالم، ما انعكس على أرباحها، أما المستهلك، فهو الآخر تكيف وأصبح أكثر ميلاً للاستثمار في قطع فاخرة ترتفع قيمتها مع الزمن»، مؤكداً أن الرهان الحالي يرتكز على الجودة والتكيف.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».