أميركا تبيع نفطاً إيرانياً من ناقلة مصادرة

ناقلة النفط «إم تي آكيلياس» التي ترفع علم ليبيريا في صورة متاحة عبر موقع «مارين ترافيك» الخاص بتتبع حركة السفن
ناقلة النفط «إم تي آكيلياس» التي ترفع علم ليبيريا في صورة متاحة عبر موقع «مارين ترافيك» الخاص بتتبع حركة السفن
TT

أميركا تبيع نفطاً إيرانياً من ناقلة مصادرة

ناقلة النفط «إم تي آكيلياس» التي ترفع علم ليبيريا في صورة متاحة عبر موقع «مارين ترافيك» الخاص بتتبع حركة السفن
ناقلة النفط «إم تي آكيلياس» التي ترفع علم ليبيريا في صورة متاحة عبر موقع «مارين ترافيك» الخاص بتتبع حركة السفن

أظهرت وثائق في محكمة وإحصاءات من وكالة معلومات الطاقة الأميركية أن الولايات المتحدة باعت نحو مليوني برميل من النفط الخام الإيراني بعد الاستيلاء على ناقلة النفط «إم تي آكيلياس» التي ترفع علم ليبيريا.
وأثارت عملية البيع هذه دهشة تجار السلع لأن إيران لا تزال تخضع لأنظمة العقوبات الأميركية. وشملت أرقام وكالة معلومات الطاقة الأميركية على ما يزيد قليلاً على مليون برميل من «واردات النفط الخام» الإيرانية في مارس (آذار) الماضي، علماً بأن الحمولة كانت على الناقلة التي احتجزتها البحرية الأميركية في فبراير (شباط) الماضي قبالة ساحل مدينة الفجيرة الإماراتية، بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة.
ويعتقد أن الناقلة كانت تستخدم لبيع النفط إلى الصين لمصلحة «الحرس الثوري» الإيراني الذي صنف جماعة إرهابية خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
ويفيد ممثلو الادعاء أن شركات الشحن حاولت إخفاء الشحنة من خلال تصنيفها على أنها «خام البصرة الخفيف» من العراق.
وأظهرت وثائق المحكمة أن الحكومة الأميركية أحضرت «إم تي آكيلياس» إلى هيوستن في تكساس، حيث باعت ما يزيد قليلاً على مليوني برميل من النفط الخام بداخلها مقابل 110 ملايين دولار، أي بسعر 55 دولاراً للبرميل. وجرى التحفظ على الأموال كضمان لتسوية الدعوى القضائية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إنه«لا يمتلك تفاصيل» عن العملية، مذكراً بأنه «منذ عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لم يتم شراء أي نفط من إيران بسبب القوانين الأميركية».
في ذروة التجارة مع إيران، في يوليو (تموز) 1977، استوردت الولايات المتحدة نحو 26.5 مليون برميل من النفط الإيراني في ظل حكم الشاه محمد رضا بهلوي. ولكن المبيعات انخفضت إلى الصفر خلال الأشهر التي تلت ثورة عام 1979. ومع أن المبيعات استؤنفت لفترة وجيزة بعد ذلك، فإنها عادت إلى الصفر مرة أخرى بعدما حظرت الولايات المتحدة استيراد النفط الإيراني في أكتوبر (تشرين الأول) 1987 لمعاقبة إيران على الهجمات على ناقلات النفط في الخليج خلال الحرب الإيرانية - العراقية.
وسمح الرئيس الأسبق جورج بوش الأب برفع جزئي للحظر عام 1991 لتمويل حساب خاص في لاهاي بهولندا لتسوية مطالبات أميركية وإيرانية بعد عام 1979. وفي السنوات التي تلت ذلك، انخفضت الواردات إلى الصفر مجدداً وسط التوتر مع إيران بسبب برنامجها النووي.
وسمح الاتفاق النووي لعام 2015 ببيع النفط الإيراني في السوق الدولية. ولكن مع انسحاب ترمب من الاتفاق عام 2018، عمدت إيران إلى نقل نفطها سراً إلى الخارج وبيعه بسعر منخفض على الأرجح.
وفي أكتوبر الماضي، أظهرت أرقام إدارة معلومات الطاقة أن الولايات المتحدة استوردت 1.1 مليون برميل من الخام الإيراني، على الأرجح من خلال مصادرة مماثلة.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.