نواب «القوات» جاهزون للاستقالة إذا سبقهم إليها «الوطني الحر»

TT

نواب «القوات» جاهزون للاستقالة إذا سبقهم إليها «الوطني الحر»

على وقع تفاقم الأزمات المعيشية في لبنان، عاد حزب «القوات اللبنانية» إلى طرح موضوع الاستقالة من المجلس النيابي كخطوة تساهم بإعادة إنتاج سلطة جديدة تشكل مدخلاً إلى الإصلاحات المطلوبة، لكن «القوات» لن يقدم على هذه الخطوة منفرداً، لأنه لا يرى أي جدوى من استقالات لا تفرض انتخابات نيابية مبكرة، وبالتالي ينتظر استقالة نواب كتل نيابية «وازنة» حتى يلحق بها مباشرة.
وفي الإطار، يوضح عضو تكتل «الجمهورية القوية» (يضم نواب القوات) النائب سيزار معلوف، أن الانتخابات النيابية المبكرة تشكل هدفاً مركزياً ومحوراً رئيسياً بالنسبة لـ«القوات» منذ انتفاضة السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، حين أكد الشعب رفضه لكل هذه السلطة، وأن الأولوية منذ ذلك الحين بالنسبة لـ«القوات» ليست لتشكيل حكومة ستكون كحكومة تصريف أعمال غير قادرة على القيام بما هو مطلوب منها، لا سيما في ظل عدم الثقة المسيطرة على العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة أي رئيس الحكومة المقبلة سعد الحريري، بل لإنتاج سلطة جديدة بدءاً من المجلس النيابي مروراً برئيس الجمهورية وصولاً إلى رئيس الحكومة.
وانطلاقاً مما تقدم يرى معلوف أن «القوات» لن يقدم على أي استقالة جماعية لنوابه من جانب واحد، لأن هذه الاستقالة لا تفرض انتخابات نيابية مبكرة، ولذلك لم يستقل نواب «الجمهورية القوية» عندما استقال نواب «الكتائب» ونواب مستقلون سابقاً، لأن هذه الاستقالات، وكما تبين مع الوقت، لم توصل إلى النتيجة المرجوة، موضحاً أنه إذا ما استقال نواب تكتل «لبنان القوي» (يضم نواب «التيار الوطني الحر») على سبيل المثال لا الحصر، فإن نواب «القوات» سيستقيلون مباشرة، لأن استقالة كتلتين مسيحيتين تعني فقدان المجلس النيابي ميثاقيته، وبالتالي فرض انتخابات نيابية مبكرة.
كان معلوف أكد في تغريدة له على «تويتر» أن استقالته من المجلس النيابي جاهزة، وأنه سيكون أول من يضعها بين يدي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، عندما يأخذ تكتل «الجمهورية القوية» هذا القرار، مضيفاً: «نعم لإعادة تكوين السُلطة في صناديق الاقتراع».
يُشار إلى أن هناك شغوراً لـ10 مقاعد نيابية في البرلمان اللبناني، إذ كان استقال ثمانية نواب في أغسطس (آب) الماضي بعد انفجار المرفأ، فيما توفي نائبان منذ بداية العام هما ميشال المر وجان عبيد، ولم تجر الانتخابات الفرعية لملء هذه الشواغر، فأصبح عدد أعضاء المجلس حالياً 118 نائباً بدلاً من 128.
لا ترتبط استقالة نواب «القوات» باستقالة نواب «التيار الوطني الحر» فقط حسب معلوف، فنواب «القوات» جاهزون للاستقالة عند استقالة نواب أي كتلة، وذلك عندما تفرض الاستقالة فراغاً يستدعي انتخابات مبكرة.
وعن التنسيق مع القوى الأخرى في هذا الصدد، تحديداً مع نواب «التيار الوطني الحر»، يؤكد معلوف أن لا ضير بالتلاقي على مصلحة الوطن مع أي طرف سياسي، لكن موقف «القوات» معلن ومعروف من الجميع فيما يتعلق بالاستقالة.
وفي السياق نفسه، يؤكد مصدر في «التيار الوطني الحر» أن موضوع استقالة نوابه من المجلس النيابي جدية ومطروحة في حال عدم حصول أي خرق على خط تشكيل الحكومة. وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «التيار» متأن حالياً بانتظار نتائج مساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط التشكيل، ولكن في حال فشل هذه المبادرة التي يعتبرها أخيرة فكل شيء وارد. ويوضح المصدر أنه حتى اللحظة لم ينسق «التيار» مع «القوات»، ولكن لا شيء يمنع التنسيق حول الاستقالة من المجلس عند اتخاذ القرار.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.