أجواء القاهرة التاريخية مصدر إلهام دائم لفناني «وكالة الغوري»

المبنى الأثري يضم مراسم لعدد من التشكيليين المصريين

الفنان محمد الطحّان في مرسمه بوكالة الغوري (الشرق الأوسط)
الفنان محمد الطحّان في مرسمه بوكالة الغوري (الشرق الأوسط)
TT

أجواء القاهرة التاريخية مصدر إلهام دائم لفناني «وكالة الغوري»

الفنان محمد الطحّان في مرسمه بوكالة الغوري (الشرق الأوسط)
الفنان محمد الطحّان في مرسمه بوكالة الغوري (الشرق الأوسط)

رغم استمرار جائحة «كورونا»، ومخاوف العدوى به، فإن ثمة فنانين تشكيليين مصريين، لا يزالون يحافظون على مواقعهم الاستثنائية داخل وكالة الغوري الأثرية بمنطقة القاهرة التاريخية، بعدما اعتادوا الوقوف داخل مراسمهم لإبداع قطع فنية مُستلهمة من الأجواء التراثية المغلفة للمكان، ومن بين هؤلاء الفنان محمد الطحّان، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ولد قبل 74 عاماً بحي الجمالية الشعبي القريب من الوكالة الأثرية، وقد أسهم ذلك بأثر كبير في تشكيل وجدانه، ورؤيته الفنية، كما أسهم ذلك في إثراء ولعه بالمباني القديمة والمساجد الأثرية، والبوابات الضخمة العتيقة، والحارات والأزقة الضيقة التي تعج بالحركة والحياة تحت الشمس الساطعة وظلالها الهادئة والاحتفالات الفلكلورية السنوية والمناسبات الدينية والاجتماعية.
وتوثق أعمدة وشرفات وأحجار وكالة الغوري الأثرية التي تقع ضمن مجموعة معمارية بنيت في آخر العصر المملوكي، العصر الذهبي للحقبة التي شهدت حكم السلطان قنصوه الغوري، الذي تولى حكم مصر من سنة 1501 إلى سنة 1516. وسط هذه الأجواء يحب الطحّان أن يبدع لوحاته مثل الكثيرين من زملائه الذين يستنشقون عبق المكان، بمجموعته المعمارية التي تضم أيضاً مسجد الغوري وقبة وسبيل وكتاب ومدرسة الغوري، الموجودة في نهاية شارع الغورية، وتأخذ شكل كتلة معمارية مميزة في امتداد واحد تظهر خطوطه في كل أجزائها التي يستشعر أجواءها الطحان، ويستلهم منها أفكاره وإبداعاته.
وتتميز المراسم بشرفاتها المصممة من الأرابيسك، وهو ما يجعل فناني الوكالة يتعايشون مع حركة البشر، ويلمسون تفاصيلها، خلال إبداعهم لأعمالهم الفنية التي تتنوع بين التصوير والرسم والخزف والحفر، فالوجود بالمبنى، بحسب الطحان، يتيح له فرصة للانغماس في التراث الشعبي، ويجعله يعيد تشكيل عناصره من الأهلة والمنمنمات الإسلامية، والقباب والمآذن والزخارف بشكل عصري وطازج.
أما الفنانة فدوى رمضان التي تواظب على العمل في مرسمها بالوكالة بشكل شبه يومي، وتقوم بالتحضير دائماً لمعارضها انطلاقاً منه، فذكرت أن معظم لوحات معرضها الذي أقيم أخيراً في الأردن تم إنجازه داخل أروقة هذا المبنى النادر المفعم بالأجواء التاريخية والتراثية.
وتضيف رمضان، لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أبدأ الإعداد للأعمال الفنية الكبيرة، لا أستطيع الرسم في مكان آخر غير مرسمي بالوكالة، وهذا من صميم طباعي وطريقتي في الإبداع والرسم، فأنا أرتبط بالمكان، وبجمال تفاصيله وأجوائه، وأشعر أنه يشكل عتبة أتهيأ بها لرسم ما أختزنه في نفسي من عوالم وأفكار وأحلام»، على حد تعبيرها.
وذكرت رمضان أن مراسم الوكالة مشحونة بطاقة إيجابية تجتذب أي فنان للعيش فيها، مشيرة إلى أن «أعمالها الحالية تعد امتداداً لتجربة بدأتها منذ سنوات عدة، حيث تستمد روح اللغة الأمازيغية وتبدع من خلالها منذ عام 2014، لتشكل منها أعمالاً تجريدية وتعبيرية باستخدام حروفها ذات الإيقاعات السهلة البسيطة التي لا يجد الجمهور صعوبة في تذوقها والتفاعل معها.
بدوره، يؤكد الفنان حمدي محمود، الذي سبق له عرض بعض أعماله في العاصمة الإيطالية روما ومدينة تيراشينا، وجزيرة إسكيا، أن «مبنى وكالة الغوري التاريخي، والأجواء التراثية المحيطة من كل جانب، تؤثر نفسياً ومعنوياً على الفنان، خصوصاً في شهر رمضان المبارك».
ويقول محمود لـ«الشرق الأوسط»: «وجود مراسم وكالة الغوري وسط هذه الأجواء تدخل الفنان في حالة خاصة، حيث تلفه عناصرها من مساجد وقباب ومآذن وأبواب أثرية ومصابيح مضيئة وزينة ومنازل تصافح وتداعب عيون السياح والزائرين بشرفاتها المنخفضة ومشربياتها وألوانها الجميلة وفن الأرابيسك وجمالياته المنتشرة في كل مكان».
ويضيف الفنان المصري الذي درس الفنون الجميلة في إيطاليا عام 1984 أن هذه الأمسيات الثقافية وصلاة التراويح وموائد الرحمن ورقصة التنورة، تزيد من جماليات المكان وتداعب أحاسيس رساميه لإبداع لوحات فنية تحفل بكثير من ألوان الفلكلور المصري.
وتتمتع مجموعة الغوري بتجسيد مبهر للفن الإسلامي في العصر المملوكي، ويتجلى ذلك في الوزرة الرخامية السفلية بإيوانات المدرسة، والزخارف النباتية المحفورة على الحجر والرخام بالواجهات الخارجية، والأسقف الخشبية ذات الزخارف النباتية والهندسية والكتابية الملونة والمذهبة، ومنبر خشبي وكرسي للمقرئ مطعمين بالعاج والأبنوس.
وبحسب موقع وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن وكالة الغوري كانت منشأة تجارية سكنية استخدمت كمأوى للتجار الوافدين من مختلف الأمصار، ويتم فصل الجزء السكني فيها عن التجاري مراعاة للخصوصية. وتبرز بهذه الوكالة روائع الفنون الخشبية والحجرية في أواخر العصر المملوكي بتسقيف الفراغات السكنية، وتزويد فتحات الغرف والقاعات بمشربيات ونوافذ خشبية منفذة بأسلوب الخرط، مع وجود رنك السلطان الغوري (ختم السلطنة) بالواجهات الحجرية للطابق الأول.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.