منازل مطبوعة رخيصة على الأرض وسطح القمر

شركة أميركية تتفاوض مع «ناسا»

منازل مطبوعة رخيصة على الأرض وسطح القمر
TT

منازل مطبوعة رخيصة على الأرض وسطح القمر

منازل مطبوعة رخيصة على الأرض وسطح القمر

ساعدت المنازل التي بنتها شركة «آيكون» مستخدمة الطباعة الثلاثية الأبعاد بحلّ مشكلة السكن في منطقة تكساس الوسطى والمناطق الريفية في المكسيك. ولكنّ الشركة وضعت أهدافاً أكبر بكثير للمستقبل.

منازل رخيصة
قد يشعر البعض منّا، ولا سيما أولئك الذين ما زالوا يرون في كلمة «طابعة» وسيلة تستخدم الحبر لطباعة الواجبات المدرسية، أنّ طباعة منزلٍ بمساحة أربعة آلاف قدم مربّعة (370 متراً مربعاً) فكرة من عالم آخر. ولكن في القريب العاجل، قد نسمع أنّ «آيكون»، الشركة التي تستخدم الطباعة الثلاثية الأبعاد لبناء منازل هنا على الأرض، تسعى لنقل هذه التقنية المتطوّرة في البناء إلى القمر والمرّيخ.
بنت هذه الشركة التي تتخذ من مدينة أوستن في تكساس مقراً لها، أوّل منزلٍ مرخّص بالطباعة الثلاثية الأبعاد في عام 2018. ووصف جايسون بالّارد، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، الأمر بالرحلة الصاروخية التي بدأت حينها. فمنذ ذلك الوقت، واصلت الشركة التي فازت بجائزة «وورلد تشينجنغ آيدياز جنرال إكسلنس» العام الماضي، طباعة الأبنية مع تركيز خاص على حلّ مشكلة غلاء أسعار الوحدات السكنية في المجتمعات الأكثر فقراً. فقد رأى بالّارد، أنّ شركته «وُلدت من المعاناة من وضع رديء جداً في السكن».
وتحدّث الشريك المؤسس عن عملية البناء المذهلة وأهداف «آيكون» الكبيرة. وكشف خلال المقابلة، عن أنّه لم يكن راضياً أبداً عن الاستخدامات الأولى للطباعة الثلاثية الأبعاد لإنتاج أشياء كنماذج الأخطبوط والملاعق البلاستيكية؛ لأنّها لا تساهم في حلّ أي مشكلة جديّة. واعتقد أنّ «هذه الطباعة ستقدّم أفضل ما لديها في المشاريع الكبرى والبطيئة والمعدّة لتلبية حاجة محدّدة».
تُخرج الطابعة «فولكان» (3.4 بـ10.6 متر) طبقات من الخرسانة أو ما يُسمّى بـ«لافاكريت» التي أنتجتها صانعة الخرسانة «ماغما». يدّعي بالّارد، أنّ المنازل المبنية من الخرسانة أكثر متانة من تلك المصنوعة من الخشب، فضلاً عن أنّ العملية أسرع (يمكن طباعة منزلٍ واحد في 24 ساعة) وأقلّ كلفة لاعتمادها على مواد أرخص، وإنفاقها ما لا يتجاوز 10 إلى 30 في المائة على اليد العاملة مقارنة بنماذج البناء المعتمدة حالياً.

القمر والمريخ
يعتقد رئيس «آيكون» التنفيذي، أنّ هذه التقنية قد تساعد في حلّ أزمة السكن النّاتجة من نقص الوحدات السكنية أو اضطرار النّاس إلى ترك منازلهم بسبب ارتفاع أسعارها أو إيجاراتها. أنشأت «آيكون» ستّة منازل في تكساس الوسطى وكذلك مجموعة سكنية كاملة في منطقة ريفية في المكسيك. في الحالتين، ذهبت المنازل المطبوعة لأناس عاجزين عن تحمّل تكاليف السكن. ولفت بالّارد إلى أنّ «الأشخاص الأكثر فقراً هم غالباً آخر من يستطيع الوصول إلى الاختراقات والتقنيات الحديثة».
واليوم، تجري «آيكون» محادثات مع وكالة «نّاسا» لتجربة المنازل المطبوعة على سطحي القمر والمريخ. ومرّة أخرى، سيكون على الشركة أن تفكّر على نطاق واسع ومتقدّم للتعامل مع الغلاف الجوّي المعقّد في الفضاء الخارجي، وسيكون عليها استخدام أنواع مختلفة من الخرسانة المصنوعة من جيولوجيا هذين الكوكبين. وكشف بالارد في حديثه، عن أنّ تجارب تذويب تراب القمر المحاكى في المختبر كانت ناجحة.
ولكن لمَ الاتجاه إلى مجرّاتٍ أخرى بينما لا تزال مشاكل السكن موجودة وبكثرة على كوكبنا؟ يرى بالّارد أنّ التوجّه نحو الفضاء سيكون ضرورياً لحلّ المشاكل التي تعاني منها الأرض. وختم بالقول «أعتقد أنّ الحضارة التي تتعلّم استكشاف الفضاء الخارجي والعيش فيه ستنجح دون شكّ في حلّ مشاكل التشرّد على الأرض».
* موقع «فاست كومباني»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.