خلايا كهروضوئية لتوليد كهرباء نظيفة ورخيصة

باحثو «كاوست» يطوّرون مادة تتميز عن السيليكون

شعاع ليزر ينتقل عبر عينات  من ثاني كبريتيد التنغستن  بهدف دراسة كفاءتها
شعاع ليزر ينتقل عبر عينات من ثاني كبريتيد التنغستن بهدف دراسة كفاءتها
TT

خلايا كهروضوئية لتوليد كهرباء نظيفة ورخيصة

شعاع ليزر ينتقل عبر عينات  من ثاني كبريتيد التنغستن  بهدف دراسة كفاءتها
شعاع ليزر ينتقل عبر عينات من ثاني كبريتيد التنغستن بهدف دراسة كفاءتها

رغم سُمكها الذي لا يتعدى بضع ذرات وتكلفتها البسيطة، فإن هذه المادة غير المكلفة المصنوعة من رقائق ثاني كبريتيد التنغستن أثبتت كفاءة في تحسين أداء الخلايا الشمسية العضوية، مما يجعل هذا الاكتشاف الذي توصل إليه باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) خطوة مهمة نحو استخدام الخلايا الكهروضوئية على نطاق أوسع لتوليد الكهرباء النظيفة. وثاني كبريتيد التنغستن هو عبارة عن مركب كيميائي غير عضوي يتكون من التنغستن والكبريت مع الصيغة الكيميائية WS2.
جدير بالذكر أن معظم الخلايا الشمسية تَستخدم السيليكون لامتصاص الضوء وتحويل طاقته إلى كهرباء وذلك بسبب رخص سعر مادة السيليكون وانتشارها الواسع. ولكن جزيئات أشباه الموصلات القائمة على الكربون، التي تُستخدم في الأنظمة الكهروضوئية العضوية -المعروفة اختصاراً باسم (OPVs)- تتيح بعض المزايا التي تتفوق بها على السيليكون، منها -على سبيل المثال- المرونة التي تعني إمكانية تصنيعها على نطاق واسع باستخدام تقنية الطباعة بالبكرات المتقابلة Roll to roll printing)) منخفضة التكلفة.
وجدير بالذكر أيضاً أن المواد العضوية تمتاز بإمكانيات كبيرة تؤهلها لتطوير تقنية اقتصادية لإنتاج الكهرباء على نطاق واسع باستخدام مواد متوفرة ومنتشرة وصديقة للبيئة وأقل تكلفة من المواد غير العضوية المستخدمة حالياً في تقنيات الخلايا الكهروضوئية مثل السيليكون.
ورغم ما تمتاز به الأنظمة الكهروضوئية العضوية عن السيليكون، فإن أفضلها يستطيع فقط تحويل ما بين 16 و17% من الضوء الذي تلتقطه إلى طاقة كهربائية، وهو ما يقل كثيراً عن تلك النسبة التي تحققها خلايا السيليكون التجارية، التي تتجاوز 20%.
وللتغلب على هذا التحدي، توصل البروفسور توماس دي أنثوبولوس، أستاذ هندسة وعلوم المواد، وزملاؤه بمركز أبحاث الطاقة الشمسية في «كاوست»، إلى أن الأنظمة الكهروضوئية العضوية قد تنافس أداء السيليكون إذا تم تحسين أجزاء معينة من الخلية.
فعندما يصطدم الضوء بشبه الموصل، فإنه يحرر إلكترونات من المادة، مخلّفاً ثغراتٍ موجبة الشحنة، وتقوم طبقتان مختلفتان بتجميع الإلكترونات والثغرات من على وجهين متقابلين من شبه الموصل وتوصيلها إلى قطبي الخلية لتوليد التيار. وناقل الثغرات الرئيسي عبارة عن بوليمر يسمى «بيدوت: بي إس إس» (PEDOT:PSS)، ولكنه حامضي ويمتص الرطوبة من الهواء، مما يؤدي إلى تحلُّل المواد الأخرى في الخلية الشمسية.
وأخيراً نجح فريق أنثوبولوس في تطوير طبقة ناقلة للثغرات مكونة من رقائق مصنوعة من مادة ثنائية الأبعاد وهي ثاني كبريتيد التنغستن، إذ استخدم الباحثون الموجات فوق الصوتية لنزع الرقائق عن مسحوق ثاني كبريتيد التنغستن المعلق في مزيج من الماء والإيثانول.
يُذكر أن استخدام الموجات فوق الصوتية هو أسلوب غير مكلف ويسهل التوسع فيه، كما يمكن فَرْد الرقائق على قطب كهربائي باستخدام عملية طلاء بالدوران، وهي عملية بسيطة وشائعة الاستخدام.
واستطاع الفريق البحثي تصنيع عدة ألواح كهروضوئية عضوية بهذه الطريقة، أفضلها كفاءة تَمكَّنَ من تحويل للطاقة بنسبة بلغت 17%، وهي أعلى نسبة حققها لوح كهروضوئي عضوي يستخدم مادة ثنائية الأبعاد كناقل للثغرات، ومن أعلى النسب التي حققتها الأنظمة الكهروضوئية العضوية.
وعن هذا يقول يوانباو لين، طالب الدكتوراه وعضو بفريق أنثوبولوس: «لقد فوجئنا بالوصول إلى نسبة 17%، هذه مجرد بداية، فهناك مجالٌ كبيرٌ لتحسين الأداء».
ويشير أنثوبولوس إلى أن الهدف هو رفع كفاءة الخلايا الشمسية العضوية إلى ما يزيد على 17% وإلى الحدود المتوقعة من الناحية النظرية. كما تسعى هذه الأبحاث إلى دراسة استقرار هذه الخلايا الشمسية العضوية عالية الكفاءة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً