السودان: لجنة التحقيق في «فض الاعتصام» تستبعد التدويل

رئيسها قال إن 3 أشهر كافية لإصدار القرار النهائي

TT

السودان: لجنة التحقيق في «فض الاعتصام» تستبعد التدويل

استبعدت اللجنة المستقلة للتحقيق في جريمة فض اعتصام القيادة العامة بالسودان، احتمالات نظر القضية لدى المحكمة الجنائية الدولية، أو تشكيل لجنة تحقيق دولية، وقالت إنها قطعت شوطاً كبيراً في تحقيقاتها بجوانبها الجنائية والمدنية، بيد أنها تواجه مشكلة تحليل البيانات المصورة «فيديوهات»، وتنتظر خبرة دولية تساعدها في تأكيد صحة تلك البيانات، وتوقعت أن تكتمل تحقيقاتها في غضون ثلاثة أشهر.
وقال رئيس اللجنة المحامي نبيل أديب في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم أمس، إن لجنته استجوبت «كل الأشخاص والأفراد، الذين وردت معلومات عن صلتهم بما حدث في 3 يونيو (حزيران)، وقبل ذلك استجوبت عدداً كبيراً من الشهود الذين وُجدوا في مسرح الأحداث في اليوم المذكور، هؤلاء الأشخاص سواء كانوا مدنيين أم عسكريين قدموا إفاداتهم للجنة مباشرة».
وأصدر «المجلس العسكري الانتقالي» الذي تسلم السلطة عقب سقوط حكم الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، بعملية عسكرية وحشية راح ضحيتها عشرات المحتجين السلميين رمياً بالرصاص، أو بإلقائهم مقيدين في النيل، فضلاً عن انتهاكات واسعة تضمنت عمليات اغتصاب وحالات إخفاء قسري.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019 شكل رئيس الوزراء اللجنة المستقلة للتحقيق في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، وأوكل لها مهمة التحقيق والكشف عن المسؤولين عن فض الاعتصام أمام القيادة العامة والولايات، سواء بالمشاركة أم التحريض أم الاتفاق الجنائي، وتحديد وحصر الضحايا من الشهداء والجرحى والمفقودين، وتحديد الأضرار المادية الناتجة عن عملية الفض وحصر الجهات والأشخاص الذين تضرروا من المجزرة.
وأوضح أديب أن لجنته سمعت شهادات نحو 3000 شاهد، وحصلت على عدد من الفيديوهات بلغت نحو 300 فيديو، وأصدرت نحو مائة خطاب إلى عدد من المؤسسات الحكومية والقوات النظامية، والمؤسسات المدنية، طلبت بموجبها إمدادها بأي معلومات تتعلق بموضوع التحقيق، وأن تلك الجهات تعاونت مع لجنته بصورة جيدة.
وقال أديب إن لجنته حققت مع كل العسكريين الذين توافرت معلومات لهم بحكم مناصبهم أو مسؤولياتهم إبان الأحداث، ولم يستثن التحقيق القيادات المدنية من الأحزاب السياسية، وكل أطراف العملية السياسية، وشمل ذلك فريق التفاوض المدني، بما فاق 500 شخص تم استجوابهم.
وأرجع أديب تأخر تقرير لجنته إلى اختلاف التحقيق الجنائي عن لجان تقصي الحقائق، وقال إن لجنته معنية بتقديم دعوى جنائية متماسكة وقوية أمام القضاء، ما يتطلب تقديم بيانات تستطيع الصمود أمام السجالات القانونية في المحاكم، وأضاف «هو ليس تأخيراً، بقدر ما هو تجويد للعمل، وضمان وصون لعملية التحقيق نفسها، والذين يعرفون هذا النوع من التحقيقات، يدركون المراحل المعقدة التي تسير وتمضي فيها العملية».
وانتقد رئيس اللجنة المطالبات بتحديد مدى زمني لإكمال التحقيق، ووصف الأمر بأنه «صعب»، بيد أنه عاد وقال: «ما تبقى من مهام رغم صعوبته، فإنه من ناحية الزمن لا نتوقع أن يأخذ منا وقتاً كثيراً، وإذا أردنا توقيتاً معيناً، فإن ثلاثة أشهر قادمة كافية».
ورداً على خطاب «منظمة أسر الشهداء» في الذكرى الثانية لشهداء فض الاعتصام، والذي وجهت فيه اتهامات لقادة قوات الدعم السريع، وطالبت فيه بلجنة تحقيق دولية، قال أديب إن لجنته تقدر أسر الشهداء وقضيتهم العادلة، وتنتظر منهم التعاون لاعتبارات العدالة والوصول للحقيقة، بيد أنه عاد ليقول: «المنظمة اختارت البعد عن اللجنة لأسباب تخصها، بل أحياناً أنت تناصب اللجنة العداء... دون مبرر»، وتابع «المنظمة ليست جهة اتهام لتوزع الاتهامات هكذا في الهواء الطلق، رغم علمها بوجود الجهات المختصة التي تتولى المسألة»، وتابع «هذا عمل غير مؤسسي ولا يخدم قضايا العدالة في السودان».
واستبعد أديب احتمالات تدويل القضية، بقوله: «اللجنة جاءت باختيار السودانيين أنفسهم عبر الوثيقة الدستورية التي ارتضوها للحكم خلال الفترة الانتقالية، وبالتالي يجب أن تعطى اللجنة فرصتها لتقول كلمتها في الولاية القانونية التي أسندت إليها».
واستنكر أديب ما أطلق عليه القفز فوق قدرة السودانيين على تحقيق العدالة لأنفسهم والذهاب للتحقيق الدولي، الذي وصفه بأنه يتطلب اشتراطات قانونية كثيرة غير متوافرة حالياً، ومن بينها أن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن لجان التحقيق الدولية غالباً ما تجري تحقيقات ذات طابع سياسي، ولا تحقق في قضايا جنائية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.