دمشق تعلن فوز الأسد بولاية جديدة... وبروكسل تمدد عقوباتها

المرشح «المعارض» محمود مرعي: فتحنا ثغرة في جدار الاستبداد

موالون للرئيس بشار الأسد يحتلفون وسط دمشق بعد إعلان فوزه بولاية جديدة مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
موالون للرئيس بشار الأسد يحتلفون وسط دمشق بعد إعلان فوزه بولاية جديدة مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

دمشق تعلن فوز الأسد بولاية جديدة... وبروكسل تمدد عقوباتها

موالون للرئيس بشار الأسد يحتلفون وسط دمشق بعد إعلان فوزه بولاية جديدة مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
موالون للرئيس بشار الأسد يحتلفون وسط دمشق بعد إعلان فوزه بولاية جديدة مساء أول من أمس (إ.ب.أ)

أعلنت دمشق فوز الرئيس السوري بشار الأسد بولاية رابعة، بعد حصوله على 95.1 في المائة من أصوات الناخبين، في انتخابات ستمدّد حكمه على بلد دمرته الحرب، لكن المعارضين والغرب يقولون إنها «لم تكن نزيهة».
وتقول الحكومة إن الانتخابات تظهر أن سوريا عادت للحياة الطبيعية رغم الحرب المستمرة منذ عقد من الزمان، التي حصدت أرواح مئات الآلاف وتسببت في نزوح 11 مليوناً، أي نحو نصف سكان البلاد، عن ديارهم. وأعلن رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ النتائج في مؤتمر صحافي مساء الخميس، وقال إن نسبة الإقبال بلغت 78.66 في المائة، بمشاركة ما يربو على 15 مليون سوري.
وجرت الانتخابات، رغم أن عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة دعت إلى التصويت تحت إشراف دولي من أجل تمهيد الطريق لدستور جديد وتسوية سياسية. وقال وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة في بيان ينتقد الأسد قبل الانتخابات إن العملية «لن تكون حرة أو نزيهة». وقالت تركيا إن الانتخابات «غير شرعية».
وأعلن الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، تمديد العقوبات المفروضة على 353 فرداً وكياناً تابعين للنظام، منذ 2011. وقال المفوض السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إن الاتحاد الأوروبي لا يعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية السورية. وجاء تصريح بوريل في أعقاب اجتماع عقده، الخميس، مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
وكان بوريل قال الأربعاء إن الاتحاد الأوروبي يرى أن الانتخابات الرئاسية في سوريا لا تستجيب لمعايير التصويت الديمقراطي. وأضاف أنه يعتقد أن مثل هذه الانتخابات «لا تساعد في تسوية النزاع هناك». وشارك في الانتخابات مرشحان اثنان إلى جانب الرئيس الحالي بشار الأسد، الذي من المتوقَّع على نطاق واسع أن يفوز بولاية رابعة مدتها سبع سنوات، ستكون الأخيرة له ما لم يتم تغيير أو تعديل الدستور.
ويمنح الفوز الأسد (55 عاماً) سبع سنوات أخرى في السلطة، ويمدد حكم عائلته إلى نحو ستة عقود. وقاد والده حافظ سوريا 30 عاماً حتى وفاته في عام 2000. وقال الأسد على صفحة حملته الانتخابية على «فيسبوك»: «شكراً لجميع السوريين على وطنيتهم العالية ومشاركتهم اللافتة في هذا الاستحقاق الوطني... لأجل مستقبل أطفال سوريا وشبابها، لنبدأ من الغد مرحلة العمل لنعزز الأمل ببناء سوريا كما يجب أن تكون».
وبعدما استعاد السيطرة على نحو 70 في المائة من البلاد، سيكون التحدي الأكبر الذي يواجه الأسد هو الاقتصاد المتعثر. وتبدو آفاق التعافي الاقتصادي ضعيفة نظراً لتشديد العقوبات الأميركية والانهيار المالي للبنان المجاور وجائحة «كوفيد - 19» التي أثرت على التحويلات المالية من السوريين في الخارج، فضلاً عن عدم قدرة الحليفتين روسيا وإيران على تقديم المساعدة الكافية.
ونُظمت طوال الخميس مسيرات شارك فيها الآلاف يلوحون بالأعلام السورية ويحملون صور الأسد ويغنون ويرقصون احتفالاً بإجراء الانتخابات، قبل إعلان النتيجة. وقال مسؤولون في تصريحات خاصة إن السلطات نظمت خلال الأيام القليلة الماضية مسيرات كبيرة في أنحاء سوريا للتشجيع على التصويت. وأضافوا أن الأجهزة الأمنية التي تدعم حكم الأسد أصدرت أيضاً تعليمات لموظفي الدولة بالتصويت.
وقاطعت القوات التي يقودها الأكراد، المدعومة من الولايات المتحدة، التصويت في منطقة حكم ذاتي غنية بالنفط في الشمال الشرقي. وفي منطقة إدلب بشمال غربي البلاد، آخر معقل للمعارضة، حيث ندد الناس بالانتخابات في مظاهرات حاشدة الأربعاء.
وخاض الأسد الانتخابات أمام مرشحين آخرين مغمورين هما عبد الله سلوم عبد الله، وهو نائب وزير سابق، ومحمود أحمد مرعي، وهو رئيس حزب معارض صغير معتمد رسمياً.
وقال صباغ إن مرعي حصل على 3.3 في المائة من الأصوات بينما حصل سلوم على 1.5 في المائة. وقال مرعي إنه يحترم إرادة الشعب السوري، وإنه «من الطبيعي أن يفوز الأسد بهذه الانتخابات».
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن مرعي أن الأسد «صمد خلال 10 سنوات من العدوان الغربي والإرهابي على سوريا».
وعن مشاركته في الانتخابات، قال مرعي: «فتحنا ثغرة في جدار الاستبداد ولدينا مشروع للتغيير الوطني الديمقراطي من أجل ترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية». وأضاف مرعي أن الديمقراطية والتعددية حديثتان في سوريا، وهو ما وصفه بأنه «أمر طبيعي بعد 50 سنة من غياب التعددية عنها».
وأعرب مرعي عن أسفه عن حالة عدم تفعيل الحياة السياسية. وقال: «نريد أن نطور سوريا وأن نغير ببنية النظام نحو نظام تعددي ديمقراطي».
وجاء مرعي ثانياً بعد الأسد، لكن بفارق كبير جداً في نسبة المصوتين، إذ حاز 3.3 في المائة من الأصوات، تلاه عبد الله سلوم عبد الله الذي حاز نسبة 1.5 في المائة من الأصوات، بينما ذهبت النسبة الأكبر للأسد الذي حاز 95.1 في المائة من الأصوات.
إلى ذلك، وصفت المعارضة السورية أمس (الجمعة)، الانتخابات بأنها غير شرعية. وكتب هادي البحرة، المعارض والرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية، عبر موقع «تويتر»: «أجريتَ الانتخابات من دون شرعية. وأجبرتَ المسؤولين على تزوير نتائجها والتلاعب بها».
وعارض البحرة المزاعم الرسمية بأن78.6% من الناخبين السوريين الذين يحق لهم التصويت أدلوا بأصواتهم.
وقال المتحدث باسم المعارضة يحيى العريضي، إن الانتخابات الرئاسية، وهي الثانية في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011 جلبت «الخزي لسوريا وشعبها».
وذكر العريضي في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أن الانتخابات تحدّت جهود العالم لإيجاد حل للأزمة السورية وفق القرارات الدولية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».