زعيم الحوثيين يشن حربًا كلامية طالت جهات يمنية ودولاً إقليمية

اتهم «الإصلاح» بدعم «القاعدة»

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي
TT

زعيم الحوثيين يشن حربًا كلامية طالت جهات يمنية ودولاً إقليمية

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي

شن زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي أمس حملة انتقادات واتهامات طالت شخصيات وأحزابا يمنية ودولا إقليمية وعالمية، واتهمها بقيادة ودعم الجبهة المعادية لما سماه ثورتهم.
وظهر الحوثي في خطاب متلفز بثته قناة «المسيرة» التابعة للجماعة في حالة ارتباك وتخبط، يظهر حجم العزلة التي تعيشها جماعته منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأظهر من خلاله حربا على اليمنيين الرافضين لمشروعهم الانقلابي، ليتعدى ذلك إلى انتقادات استهدفت المملكة العربية السعودية ودولة قطر والولايات المتحدة الأميركية.
وهاجم الحوثي في خطابه الرئيس عبد ربه منصور هادي بسبب خروجه من صنعاء، فيما كان لحزب الإصلاح نصيب الأسد من الاتهامات التي تركزت في التحالف بينهم وبين تنظيم القاعدة.
ودعا زعيم الحوثيين أنصاره إلى الاستنفار لمواجهة كل المعادين لثورتهم، وقال: «يجب أن تستمر المظاهرات والنشاط المكثف على كل المستويات، وليثق الشعب اليمني أنه سينتصر وأن المؤامرات ستسقط»، مشيرا إلى أن هناك مسارات سيتم الإعلان عنها، وهي لمصلحة هذا البلد، موضحا أن ما سماه المجلس الوطني والمجلس الرئاسي كانا محط اهتمام لغالبية القوى السياسية.
واتهم الحوثي حزب الإصلاح بالسعي إلى صنع حساسيات مذهبية، وإلى التحالف بشكل واضح مع تنظيم القاعدة، وقال: «الإصلاح كان في مقدمة القوى التي اتخذت موقفا سلبيا من الثورة، وهناك تحالف وتعاون واضح بينه وبين (القاعدة) بهدف مواجهة الثورة». وقلل الحوثي من خروج هادي من الحصار الذي كانت جماعته تفرضه عليه في منزله، وقال: «مغادرة هادي من صنعاء إلى عدن لا تمثل مشكلة، وهو مواطن ومن حقه أن يسكن في أي منطقة».
ولفت الحوثي إلى أن القوى التي تستند على الخارج مفلسة، وقال: «لو كانت تستند على مشروع وطني لما احتاجت هذا الاستدعاء المفضوح والعاري للخارج». وهاجم كلا من السعودية وأميركا، وقال إنهما «تعتبران اليمن ولاية أميركية أو سعودية»، مشيرا إلى أن «هناك من يروج لأن اليمن في ظل غياب سعودي أميركي سوف يفلس وسوف يسقط وينهار الاقتصاد ولن يكون لنا دولة». وفي موقف يظهر تخبط الحوثي وارتباكه جراء ما تسبب فيه لليمن من فوضى وعزلة، اتهم الحوثي السعودية بشكل خاص بأنها «تمول المشاريع الهدامة في اليمن، وأن اليمن لم يكن في نعيم ولا استقرار في ظل وجود الرئيس المنبطح للسعودية وأميركا وحكومة خاضعة لهم». وتابع: «هناك بدائل فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية الاقتصادية أفضل من أميركا والسعودية، سواء في العالم الإسلامي أو العالم ككل، من قبل دول تحترم نفسها وتحترم هذا الشعب ولا تطلب مقابلا من استقلالنا وعزتنا بل نتعامل معها بندية»، مشيرا إلى أن «البعض وخاصة السعودية يريدون أن يفرضوا النموذج الليبي من خلال دعم هادي في عدن ونقل السفارات إلى عدن من أجل خلق الفتنة والنزاعات». وقال: «السعودية وقطر صنعتا ذلك الواقع والصراعات والتناحر في ليبيا، ومن يتعاون معها من الداخل سيكون خاسرا».
في غضون ذلك، استولت جماعة الحوثي المسلحة على معسكر قوات الدفاع الساحلي في منطقة كيلو 7 بمحافظة الحديدة، غرب اليمن، وبذلك يكمل الحوثيون هدفهم في السيطرة على المعسكرات التي تحتوي على مخازن الأسلحة التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر عسكري أن «استيلاء الحوثيين على المعسكر كان باتفاق مع قائد المعسكر العميد الركن أبو بكر حسين سالم، وأن الهجوم أسفر عن مقتل جنديين وإصابة 10 آخرين وسقوط قتلى وجرحى من صفوف الحوثيين، بالإضافة إلى نهب الأسلحة التي كانت بحوزة الضباط والأفراد الذين حاولوا الخروج بها، إلا أن جماعة الحوثي استولت على المعسكر وجميع الأسلحة الموجودة فيه، وأسلحة الأفراد الذين حاولوا الخروج بأسلحتهم».
وقال أحد ضباط المعسكر، رفض الكشف عن هويته، في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن «الحوثيين يبررون هجومهم على المعسكر والاستيلاء عليه بأن هناك عددا من الضباط والجنود التابعين يحاولون نهب الأسلحة وتهريبها إلى الجنوب ليستخدموها في لجانهم الشعبية، وهي المبررات التي يستخدمها الحوثيون لتبرير نهبهم للمعسكر».
وأضاف المصدر العسكري: «حاولت جماعة الحوثي المسلحة دخول المعسكر منذ سيطرتها على محافظة الحديدة بشكل عام وعلى الميناء والمطار وقيادة القوات البحرية بالحديدة، بغرض الحماية كما يفعلون في جميع المنشآت والمعسكرات، إلا أن قائد المعسكر رفض الأمر وجميع الأفراد أيضا، غير أنه وفي الأسبوع الأخير حاولوا جاهدين الدخول، وبعد اختلاف قائد المعسكر مع بعض أفراده الذين كانوا يتصرفون ببعض الأراضي الواقعة على حرم المعسكر ويقومون ببيعها، بحسب قوله، اتفق القائد العميد الركن أبو بكر حسين سالم مع الحوثيين لدخولهم المعسكر بعد هروبه إلى بلده وخروجه من الحديدة»، مؤكدا أن دخول جماعة الحوثي المسلحة كان باتفاق مع قائد المعسكر، وأن ضباط المعسكر وأفراده يرفضون وجود أي ميليشيات بينهم كانت بغرض الحماية أو غير ذلك، حيث إن المسلحين الحوثيين استخدموا في هجومهم الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وتمكنوا من السيطرة على معظم الأسلحة، بما فيها المدرعات والدبابات.
وتأتي سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على معسكر قوات الدفاع الساحلي في منطقة كيلو 7 بمحافظة الحديدة بعد محاولة سيطرتهم على معسكر القوات الخاصة (النخبة) في منطقة الصباحة، غرب صنعاء. ويُعد معسكر الدفاع الساحلي من أكبر المعسكرات تسليحا ويحتوي على الكثير من الأسلحة الثقيلة والمدرعات، ويقوم بدور حيوي وفعال في حماية الشريط الساحلي الغربي لليمن.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.