مشاريع التنمية تنشّط القطاع العقاري السعودي بعد الجائحة

الرمز الشريطي {باركود} على عقارات الدولة لتعزيز حمايتها وسهولة الوصول إلى المعلومات

مجسمات هندسية تستعرض الكفاءة والجودة والاستغلال الأمثل لعقارات الدولة (الشرق الأوسط)
مجسمات هندسية تستعرض الكفاءة والجودة والاستغلال الأمثل لعقارات الدولة (الشرق الأوسط)
TT

مشاريع التنمية تنشّط القطاع العقاري السعودي بعد الجائحة

مجسمات هندسية تستعرض الكفاءة والجودة والاستغلال الأمثل لعقارات الدولة (الشرق الأوسط)
مجسمات هندسية تستعرض الكفاءة والجودة والاستغلال الأمثل لعقارات الدولة (الشرق الأوسط)

مع عودة الحركة الاقتصادية والتجارية تدريجياً بعد جائحة كورونا، يتلمس القطاع العقاري في السعودية طريق التعافي للخروج من تداعيات الأزمة التي أثرت على العاملين والمستثمرين، إذ وفقاً لمتعاملين في القطاع، يتوقع العودة لمسار النمو خلال الشهور الـ6 المقبلة. هذه العودة ربطها محللون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بعدة عوامل، منها عودة الحياة في مختلف القطاعات، إضافة إلى المشاريع التنموية والتطويرية التي تنفذها الحكومة السعودية في كثير من المدن والمناطق، منها العاصمة الرياض والمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، كذلك مشاريع وزارة الإسكان التي تزيد على 140 مشروعاً، تشمل قرابة 157.2 ألف وحدة سكنية متنوعة.
وبحسب التقارير الصادرة من الجهات المعنية، فإن السعودية على أعتاب زيادة كبيرة في الطلب على الوحدات السكنية الجديدة، مما يتطلب توفير 1.5 مليون وحدة سكنية شاملة مخطط انتهاؤها بحلول عام 2030، مع تجهيز أكثر من 5 آلاف مشروع رأسمالي بقيمة تزيد على 1.6 تريليون دولار في مرحلة ما قبل التنفيذ، كذلك تطوير نحو 1.2 مليار متر مربع من المساحات المبنية بحلول عام 2030.
عودة القطاع
يرى الدكتور لؤي بن بكر الطيار، المحلل الاقتصادي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك جملة من العوامل التي تقوم بها الحكومة السعودية لدفع عجلة الاقتصاد بعد فترة الركود، وأنه قدمت في ذلك كثير من المبادرات لتغيير مسارات القطاعات الاقتصادية كافة، بما في ذلك القطاع العقاري الذي تهتم به الحكومة، كونه عاملاً رئيسياً في تحقيق الرؤية.
وتقول وزارة العدل، في آخر إحصائية صدرت لها في مطلع مايو (أيار) الحالي، إن إجمالي عدد المستفيدين من خدمة الإفراغ العقاري منذ فبراير (شباط) 2020 بلغ أكثر من 65 ألف مستفيد، فيما بلغت قيمة الصفقات نحو 3 مليارات ريال (800 مليون دولار)، بينما جرت العمليات بشكل سريع عبر الموقع الإلكتروني للوزارة، من بيع ونقل للملكية العقارية بالكامل، دون الحاجة إلى زيارة كتابات العدل والبنوك لإصدار شيك مصدق بالمبايعة.
ويشير الطيار إلى أن عملية التسهيل تصب في الصالح العام، خاصة أن هناك شروطاً وضعتها وزارة العدل لإتمام الصفقات العقارية التي تشكل قيمة اقتصادية في تنمية القطاع الذي مر بمرحلة حرجة جراء جائحة كورونا، موضحاً أن وزارة العمل قدمت حلولاً سريعة وفق ضوابط في عمليات الإفراغ الإلكتروني من خلال عدة بنوك، وهذا خطوة مهمة لدفع القطاع للتحرك.
وأضاف أن القطاع العقاري يعول عليه في التنمية المستقبلية، وهو أحد أهم الروافد فيما تعيشه السعودية من طفرة ونقلة نوعية لتحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030»، لذلك من المهم أن يعاود القطاع حيويته واستقراره، مع ضرورة ضبط الارتفاعات المبالغ فيها من الجهات المعنية، معولين في ذلك على دور الهيئة العامة للعقار التي سيكون لها دور بارز في المرحلة المقبلة لتنشيط وتفعيل أدوات القطاع العقاري.
مشاريع تنمية
تنفذ عدد من المدن السعودية جملة من المشاريع التنموية، وفي مقدمتها العاصمة الرياض التي تحتضن جملة من المشاريع الحيوية في البنية التحتية والمواصلات، إضافة إلى كثير من المواقع السياحية القادرة على جذب السياح من مختلف دول العالم. كما تشهد المدنية المنورة تنفيذ حزمة من مشاريع الجسور والأنفاق في عدد من المواقع، بينما تتابع هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة عدداً من المشاريع التنموية والتطويرية العملاقة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
وفي هذا الجانب، يؤكد شاكر حمود، رجل الأعمال المختص في الشأن العقاري، لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع ضمن القطاعات التي مرت بمرحلة صعبة جراء جائحة كورونا، وتسببت في إشكالية كبير للعاملين والمستثمرين فيه كافة، وكان هناك عزوف وعدم رغبة للاستثمار في هذا القطاع بشكل لافت.
وتابع شاكر أن هناك مؤشرات إيجابية نتلمسها في السوق، ومن خلالها نرسم الصورة التي سيكون عليها قطاع العقار في المرحلة المقبلة، ومنها وجود مشاريع كبيرة ضخمة في عدد من المدن، منها مكة المكرمة والمدينة المنورة، موضحاً أن هناك مخططات في مكة المكرمة هوت فيها القيمة السوقية، والآن مع عودة المشاريع والحياة الاقتصادية عادت بشكل جيد نسبياً، وتحركت الأسعار عما كانت عليه إبان الجائحة.
عودة المسار
مع توفر المعطيات والقراءة الجيدة للسوق، وتوجه الحكومة السعودية للتنمية والتطوير، توقع شاكر أن يتغير الحال للأفضل خلال الأشهر الستة المقبلة التي سيتحرك فيها القطاع بشكل أفضل عما كان عليه قبل الجائحة، وهي فترة مرتبطة بتنامي المشاريع، وعودة الحياة الطبيعية في المسارات كافة.
وقال إن الوضع العقاري قبل جائحة كورونا كان جيداً مقبولاً في مختلف أنشطة العقار، ولم يكن هناك أي مؤشرات لوقوف القطاع، وفي أثناء الجائحة تحرك القطاع نسبياً مع توسع وزارة الإسكان في مشاريعها، وهذا كان عاملاً مهماً في مرحلة حرجة مر بها القطاع.
رمز شريطي
في إطار برنامج التحول الرقمي، أحد مستهدفات السعودية، تعتزم الهيئة العامة لعقارات الدولة، ضمن جهودها الرامية لتطوير قاعدة بياناتها، تركيب لوحة الرمز الشريطي «باركود» على جميع عقاراتها، مما يعزز آلية حمايتها، وإتاحة المعلومات بكل شفافية.
وتعنى الهيئة بتعظيم فاعلية منظومة عقارات الدولة، وتحقيق تنمية مستدامة، وتحمل رسالتها المتمثلة في الحفاظ على عقارات الحكومة، ورفع كفاءتها الإنتاجية والاقتصادية عبر حلول ابتكارية، وقد أنشئت في سياق التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة.
وبحسب المعلومات الصادرة عن الهيئة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، فإن وضع «الباركود» على عقارات الدولة هو لتمكين الجميع من مسح لوحة الرمز الشريطي، والاطلاع على بيانات المبنى، ضمن جهود الهيئة لتحقيق حوكمة موثقة لمنظومة العقارات المملوكة للحكومة من خلال التحول الرقمي وأتمتة الأعمال.
التحول للأتمتة
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد المرشد، نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض رئيس اللجنة العقارية رئيس اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرفة السعودية، أن أتمتة الخدمات الحكومية تتواءم مع تطلعات الدولة المستقبلة، المتمثلة في التحول الرقمي، مبيناً أن جهود الهيئة العامة لعقارات الدولة باتت ملموسة، عبر البرامج والمبادرات التي تطرحها مؤخراً لتعبر عن الرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة للقيادة الرشيدة، ولتوافي أهداف الرؤية 2030.
وأبان المرشد أن تطوير قاعدة البيانات، عبر تركيب لوحة الرمز الشريطي في عقارات الدولة، يعزز من الوصول إليها بكل سهولة، بالإضافة إلى وضع آلية محددة لحماية تلك العقارات، حيث بإمكان الجميع الحصول على المعلومات الكاملة بكل شفافية فيما يخص العقارات المملوكة للحكومة السعودية.
ووافق مجلس الوزراء السعودي على تنظيم الهيئة العامة لعقارات الدولة التي تعتمد ضمن استراتيجيتها الشاملة، وفق منهجية علمية، على 4 ركائز مدعمة بـ35 مؤشراً لقياس الأداء ترمي لتحقيق 4 أهداف استراتيجية تسهم جميعها في تحقيق رؤية ورسالة الهيئة، وتحديد الوظائف اللازمـة، وتوحيد الجهود المبذولة للحفاظ على المنتجات العقارية، وتوفير حلول ذات كفاءة وجودة، مع تحقيـق القيمـة الأمثل لتلك العقارات، وصولاً لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تتلخص في تحديد إطار تنظيمي متكامل شفاف، والاستخدام الأمثل، وترشيد نفقات الإيجار ونزع الملكية، مع تطبيق معايير كفاءة الطاقة، إضافة لتطبيق الحد الأدنى من المواصفات والمعايير.
إشغال الإيواء
من جانب آخر، توقعت شركة «كوليرز إنترناشيونال العالمية» ارتفاع نسب الإشغال في فنادق الرياض وجدة إلى 55 في المائة خلال عام 2021، موضحة في تقرير صدر عنها أخيراً حول فنادق الشرق الأوسط أنه من المتوقع أن تصل نسب الإشغال في الخبر (شرق المملكة) إلى 54 في المائة، فيما توقعت وصول معدلات الإشغال في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة إلى 39 و29 في المائة على التوالي.
ولفت التقرير إلى أن كثيراً من الأسواق بدأت في التعافي منذ الربع الرابع من عام 2020، مع مراقبة تطورات جائحة كورونا، وبدء تخفيف قيود السفر.


مقالات ذات صلة

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».