نيشان: الثقة بيني وبين ضيوفي تثري اللقاءات

يطلّ مع محمد عبده وراشد الماجد وماجد المهندس وجورج وسوف

نيشان مع محمد عبده أيقونة الغناء الخليجي
نيشان مع محمد عبده أيقونة الغناء الخليجي
TT

نيشان: الثقة بيني وبين ضيوفي تثري اللقاءات

نيشان مع محمد عبده أيقونة الغناء الخليجي
نيشان مع محمد عبده أيقونة الغناء الخليجي

قريبا يستمتع المشاهد العربي بمتابعة أربعة لقاءات مميزة أجراها الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان مع أربعة فنانين عرب من الطراز الأول. فكما محمد عبده وجورج وسوف وماجد المهندس، يحاور أيضاً راشد الماجد. وهذا الأخير يغيب عن الإطلالات الإعلامية منذ نحو 21 عاماً، ومعروف عنه رفضه إجراء أحاديث من هذا النوع.
عندما اتصل زياد حمزة المسؤول عن قطاع الموسيقى وبانوراما إف إم، في مجموعة «إم بي سي»، بنيشان لم يتوقع هذا الأخير، أن يسأله إمكانية إجراء حوارات مع عمالقة من الفن العربي. فكان أن عدّد له أسماء الفنانين النجوم الذين يرغب في أن تستضيفهم شاشة «إم بي سي» ومنصة «شاهد» ضمن لقاءات خاصة. وقال له حمزة: «بعضهم لديه تحفظاته ولن يوافق على إجراء مقابلة تلفزيونية». من هنا ولد تحدٍ جديد لدى الإعلامي نيشان. فهو يعلم في قرارة نفسه أنّ مهمته هذه المرة فيها من الثراء والغنى ما يرصّع مسيرته، بمجموعة مجوهرات من نوع آخر.
ويعلق نيشان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان هناك نوع من التردد من قبل القيمين على الموضوع، لا بل كانوا مقتنعين بأنّ راشد الماجد لن يوافق على إجراء الحديث. ولكن أثناء تمريناته الغنائية للحفلة التي يقيمها في السعودية، اقتربت منه وحاولت معرفة رد فعله. فكان أن وافق شرط ألا تتعدى المقابلة الأسئلة الثلاثة وبدقائق قليلة. وانتهى بنا المطاف إلى حوار دسم استغرق نحو 55 دقيقة».
راشد الماجد هو من الفنانين الذين لديهم قناعة تامة، بأنّ صلة الوصل الحقيقية بينه وبين جمهوره تمثلها أغانيه فقط. لذلك فإنه لا يجد حاجة لإجراء لقاءات متلفزة وغيرها.
ولكن كيف حدث أن وافق على إجراء الحديث؟ يرد نيشان: «ليتم اللقاء هناك حافز أساسي، وهو الثقة التي يوليها الفنان لمحاوره. هذه الثقة تتغذى وتتبلور مع الوقت. وهي ليست مجرد فرص بل تراكم مواقف تبنيها حجرا حجرا. لقد استطعت أن أبني هذه الثقة مع المشاهد وضيوفي معاً، على اختلاف جنسياتهم».
يفتخر نيشان بالتحدي الجديد الذي واجهه، بعد مسيرة إعلامية تجاوز عمرها 25 عاما. ويعلق في سياق حديثه: «سعادتي الكبيرة تكمن في الثقة التي توليني إياها مؤسسات تلفزيونية رائدة كـ(إم بي سي) ومنصة (شاهد). وهنا لا بد لي من الإشارة إلى من يقف وراء هذه الحفلات واللقاءات مع النجوم الـ4. فهي جاءت بتوجيهات من تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه في السعودية، وبتعاون مثمر بين شركتي (روتانا) بإدارة سالم الهندي ومجموعة (إم بي سي) برئاسة وليد الإبراهيم. هذه الحفلات واللقاءات وقّعها المخرج أحمد الدوغجي، فكان الإتقان يواكب التقنيات وعمليتي التحضير والتنفيذ لها. وأعتقد أنّ اسم مجموعة (إم بي سي) والإطلالة عبر شاشتها يكفيان لإغراء أي شخص يمتهن الإعلام. فكنت أفتقد شاشة (إم بي سي) سيما أنّ الإطلالة عبرها لها مذاق مختلف. ومع أسماء الفنانين الذين طلب مني محاورتهم كان بديهيا أن أوافق، وأقوم بمهمتي على أكمل وجه».
يروي نيشان بعض ما دار من موضوعات بينه وبين ضيوفه الأربعة ويقول: «كنت حريصا مع راشد الماجد على أن أحافظ على صورته التي يرسمها لنفسه. احترمت أسباب ندرة إطلالاته. لأول مرة تحدث عن الأب والأم وذكاء الفنان. كما أعطى رأيه بفنانين زملاء، فكان الكلام يحلو كلما توغلنا في الحديث، وهو ما سيستمتع به مشاهدو اللقاء». ويتابع: «أمّا الفنان محمد عبده الذي سبق وحاورته في برامجي فكانت هذه المرة الثالثة التي ألتقيه بها. وهو في حديثه يسلم محاوره مفاتيح موضوعات كثيرة. وهكذا تحدثنا معا عن طفولته وحياته كتلميذ، وعن معاني الحياة والموت. كما خصص جزءاً من كلامه للإشارة إلى الانفتاح الذي تعيشه المملكة العربية السعودية اليوم، ودورها الطليعي كمؤثر في الفن الخليجي».
ومع ماجد المهندس اتخذ اللقاء منحى آخر، ويوضح نيشان في سياق حديثه: «اعتاد أن يبوح بمكنوناته في لقاءاتي معه بسهولة. تطرقنا إلى موضوعات عدة بينها الأغنية اللبنانية وإتقانه لها. وكذلك تحدثنا عن طفولته ودور المملكة الحالي، كنموذج يحتذى به في نواح كثيرة، وبينها دورها على الساحة الفنية».
والحديث مع جورج وسوف الذي يلتقي به نيشان للمرة الرابعة، تطبعه الثقة المتبادلة كالحوارات الأخرى مع النجوم الثلاث، فحضرت فيها الانسيابية والراحة في تبادل الكلام. «مع جورج وسوف كانت هناك صعوبة إيجاد محتوى لم يسبق أن تحدثت فيه معه. فعلى مدى ثلاثة لقاءات سابقة، كنا قد تطرقنا إلى موضوعات جمة وشاملة. ولكن (أبو وديع) لديه خبرته وتاريخه الفني الطويل، عفويته تتحكم بطبيعة الحوار الذي يحمل الانسيابية والمتعة معا. أما طرافته الموصوف بها فقد أصابتي بنوبة ضحك استمرت نحو 50 ثانية. وتحدثنا معاً عن الكذب والوفاء والحقيقة والألقاب، وما إلى ذلك من موضوعات تتعلق بحياته الشخصية».
وعما طبع ذاكرته في اللقاءات الأربعة يقول: «لمست عن قرب أنّ الفنان محمد عبده عراب الأغنية الخليجية، فخر للمملكة وأيقونة لها. وهو إضافة لذلك يفيض بتواضع لافت قلّما نجده عند نجوم الفن. أمّا راشد الماجد فهو يدرك أنّ توهجه لا يتعلق بإطلالاته الإعلامية، فندرتها تصنع نجومية الفنان بشكل عام. ومع ماجد المهندس اكتشفت عصامية النجم التي تزيده تألقا. وتأكدت مع جورج وسوف مرة أخرى، أنّه أسطورة في الغناء، وأنّنا محظوظون لمعايشتها. فالنجومية بشكل عام يمكن أن تحصل لأي فنان، ولكنّ صعوبتها تكمن في الحفاظ عليها على مدى عقود طويلة. فهذا الذكاء العالي الذي يتمتع به هؤلاء، يتوجهم نجوماً من دون منازع».
ويختم نيشان لـ«الشرق الأوسط»: «من الجميل جداً أن تشكل هذه المحطة الرباعية ركنا من أركان مسيرتي الإعلامية. فالنجاح في رأيي هو عملية تراكمية، وإذا ما غابت الاستمرارية فيقل رصيد الإعلامي. وهذا النوع من اللقاءات مع نجوم يبحث عنهم المشاهد بشغف ليتعرف إليهم عن كثب، هو بمثابة مصرف دعم وثقة، يؤرشف مسيرتهم التاريخية، وهذا الأمر ينعكس علي سعادة كبيرة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».