{الجنائية الدولية} توجّه 31 تهمة ضد زعيم «الجنجويد» في دارفور

«كوشيب» متهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وضد الإنسانية

كوشيب خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية في لاهاي أمس (المحكمة الجنائية)
كوشيب خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية في لاهاي أمس (المحكمة الجنائية)
TT

{الجنائية الدولية} توجّه 31 تهمة ضد زعيم «الجنجويد» في دارفور

كوشيب خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية في لاهاي أمس (المحكمة الجنائية)
كوشيب خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية في لاهاي أمس (المحكمة الجنائية)

اعتمدت المحكمة الجنائية الدولية، أمس، 31 تهمة ضد أحد قادة ميليشيا «الجنجويد» في دارفور علي محمد علي عبد الرحمن الشهير بـــ«كوشيب». وتشمل التهم جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية حدثت إبان الحرب في إقليم دارفور بين عامي 2003 – 2004، وهي ذات التهم المدونة في مذكرات الاعتقال بحق الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، واثنين من كبار معاونيه، هما عبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون، والمنتظر مثولهم أمام المحكمة.
ونسبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، في الجلسة التي عقدت بمقر المحكمة بلاهاي، أمس، 31 تهمة ضد كوشيب.
وتتعلق التهم من 1 إلى 11، حسب الادعاء، بجرائم ارتكبت في هجمات على منطقتي «كتم» و«بنديسي» ومناطق محيطة بهما بشمال دارفور يومي 15 و16 من أغسطس (آب) 2003. وعدت المحكمة الهجمات المتعمدة في تلك المناطق بمثابة جرائم قتل وحرب وضد الإنسانية، راح ضحيتها 100 شخص من قبيلة الفور على أيدي أفراد من ميليشيا «الجنجويد».
وأشارت إلى أن كوشيب ارتكب وفقاً لتلك الأحداث في مناطق شمال دارفور النهب والسلب للمنازل والمحال التجارية الخاصة بمدنيين. كما أدت الهجمات إلى تدمير المنازل والمساجد وكتب إسلامية تابعة لقبيلة الفور، وهي واحدة من أكبر المجموعات السكانية المنتشرة في الإقليم.
وأشارت إلى أن تلك الأفعال ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، إذ تعرض 100 شخص من المدنيين إلى الاعتداء والضرب واغتصاب النساء، كما تم إلقاء طفل في الهواء على مرأى الضحايا.
وذكر تقرير الادعاء أن 17 فتاة تعرضن للاغتصاب في تلك المناطق، إذ تعد جريمة الاغتصاب بنظر المحكمة من الجرائم ضد الإنسانية. كما تم القيام بتهجير قسري لأشخاص من الفور.
وتشمل التهم أيضاً الاضطهاد على أساس العرق (الإثنية) والجندر والتعذيب باعتبارها جرائم ضد الإنسانية تمت في حق مدنيين من قبيلة الفور بزعم دعمهم ومساندتهم للحركات المتمردة.
وذكرت قاضية المحكمة أن المادة 66 من ميثاق روما الأساسي الذي أُنشئت المحكمة الجنائية على أساسه، ينص على أن عبء الإثبات ملقى على عاتق الادعاء، وعليه تقديم الأدلة الكافية لإثبات التهم المنسوبة إلى كوشيب بالقدر المعياري، ويحق للدفاع التمتع بكافة الحقوق المنصوص عليها في المادة 61 من نظام روما.
وكان فريق من محققي المحكمة الجنائية الدولية زار العام الماضي إقليم دارفور لجمع المزيد من الأدلة ومقابلة الشهود في الدعوى المرفوعة ضد المتهم كوشيب.
وتستمر جلسات المحاكمة التي بدأت أمس حتى 27 من مايو (أيار) الحالي، حيث يقدم خلالها المدعي العام والدفاع ومكتب المحامي العام للضحايا والممثلون القانونيون المشتركون للضحايا مرافعات شفهية أمام القضاة لتقديم حججهم بشأن الأسس الموضوعية.
وسلم كوشيب نفسه للمحكمة الجنائية الدولية بعد أن فر من البلاد إلى أفريقيا الوسطى، وجرى نقله في 9 يونيو (حزيران) 2020 إلى لاهاي.
وكانت الحكومة السودانية قد وافقت على مثول الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم محمد حسين ومساعده، أحمد هارون، أمام المحكمة الجنائية، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية في إقليم دارفور.
ولم يتوصل الطرفان بعد إلى صيغة تعاون لمثول المطلوبين، من بين ثلاثة مقترحات: المثول بمقر المحكمة بلاهاي، أو تشكيل محكمة هجين بالخرطوم، أو عقد محاكمة في دولة ثالثة. وينتظر أن توقع الحكومة السودانية مذكرة تفاهم مع المحكمة الجنائية الدولية، بغرض توضيح شكل التعاون بين الجانبين، لتحقيق العدالة لضحايا الحرب في دارفور.
وزارت المدعية العامة للجنائية، فاتو بنسودة، السودان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وناقشت مع كبار المسؤولين في السلطة الانتقالية آليات مثول المطلوبين للمحكمة، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير.
وتحتجز السلطات السودانية البشير وعبد الرحيم وهارون بسجن كوبر المركزي بالخرطوم بحري، حيث تجري محاكمتهم في قضية تدبير وتنفيذ انقلاب الجبهة الإسلامية عام 1989.
وتحدث البشير في أحد خطاباته الشهيرة عن أن أعداد القتلى في المعارك التي دارت بين الحكومة والمتمردين في دارفور لا يتجاوز 9 آلاف قتيل، مضيفاً أن القتل تم لأسباب تافهة.
ومنذ عام 2009 تلاحق الجنائية الدولية الرئيس المعزول بتهم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ارتكبت في دارفور إبان فترة حكمه، وسقط فيها 300 ألف قتيل ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح خارج السودان وداخله بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وكان مجلس الأمن الدولي تبنى في عام 2005 القرار رقم 1593 القاضي بإحالة قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وقضى القرار بملاحقة مسؤولين في الحكومة والجيش وقادة ميليشيات قبلية عن عمليات قتل وتهجير واغتصاب جرت في دارفور.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.