مصادر سياسية عراقية تكشف خفايا جديدة عن النفوذ الإيراني

عزت غياب بغداد عن مؤتمر واشنطن للتطرف إلى عدم دعوة طهران

مصادر سياسية عراقية تكشف خفايا جديدة عن النفوذ الإيراني
TT
20

مصادر سياسية عراقية تكشف خفايا جديدة عن النفوذ الإيراني

مصادر سياسية عراقية تكشف خفايا جديدة عن النفوذ الإيراني

كشفت مصادر سياسية عراقية في واشنطن الأسباب الحقيقية التي حالت دون مشاركة العراق في المؤتمر الخاص بالتطرف العنيف الذي عقد في العاصمة الأميركية واشنطن أخيرا، وحضره وزراء خارجية عدد كبير من الدول العربية والإسلامية التي تعاني بلدانها من التطرف العنيف والإرهاب، بالإضافة إلى الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
وبينت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «دولتين عربيتين كانتا مدعوتين للمؤتمر ولم تحضرا، وهما العراق ولبنان»، مشيرة إلى أن «السبب الحقيقي الذي حال دون حضورهما هو عدم توجيه دعوة إلى كل من سوريا وإيران». وأوضحت هذه المصادر أن «قيادات سياسية عراقية عبرت عن انزعاجها من عدم مشاركة العراق لأسباب واهية جدا من حيث الظاهر من بينها عدم تفرغ وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، في حينها، بينما كان ينبغي أن يمثل العراق بوزير آخر أو حتى بسفيره في واشنطن أو الأمم المتحدة حتى لا تكون لعدم الحضور تفسيرات أخرى، منها كون العراق، وبسبب عدم دعوة إيران وسوريا، أصبح جزءا من المحور الإيراني - السوري - اللبناني (ممثلا بـ«حزب الله»)». وأضاف: «السبب الظاهر الذي أعطي كتبرير لعدم المشاركة هو حضور إسرائيل فيه في قت شارك العراق في مؤتمرات دولية تشارك فيها إسرائيل، وهي كل مؤتمرات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مؤتمر دافوس وغيرها».
ومضت المصادر المطلعة إلى ما هو أبعد من ذلك حين أفادت أنه «لدى الاستفسار من وزير الخارجية الجعفري عن سبب عدم مشاركته أشار إلى أن جواز سفره كان مفقودا أثناء انعقاد المؤتمر».
وأكدت المصادر ذاتها أن عدم مشاركة العراق في المؤتمر المذكور وزيارة نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إلى العراق قبل أسبوع وزيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف إليه، أول من أمس، كل هذه التطورات «توحي بأن العراق أصبح ضمن المحور الإيراني». وأشارت هذه المصادر إلى أن «الهدف من هذه الزيارات هو إعطاء إشارات للأميركيين بأن العراق بات جزءا من محيط السياسية الإيرانية وقدرتها على التأثير في كل الملفات المطروحة بما فيها ملف (داعش)، وبالتالي فإنه يتعين على الولايات المتحدة الأميركية مراجعة المباحثات النووية مع إيران في ضوء خطر (داعش) وإن إيران هي اللاعب الأهم في مواجهة التنظيم».
بدوره، قال مثال الآلوسي، زعيم حزب الأمة ورئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من أربيل، إن «إيران مندفعة في العراق وفقا لكل الآليات المقبولة وغير المقبولة، وبالتالي هناك أجندة إيرانية واضحة في العراق بخلاف الدول الأخرى المهتمة بالتدخل في الشأن العراقي؛ حيث إن تدخلها لو صح لا يرتبط بأجندة محسوبة». ويضيف الآلوسي أنه «بات من الواضح أن هناك توافقا إيرانيا - أميركيا يلوح في الأفق بحيث يعطي مساحة لإيران في العراق ضمن صفقة في إطار مباحثات (5 +1)». ويوضح الآلوسي أن «الأمور لا لبس فيها؛ حيث إن إيران وبشكل سافر تقول نحن موجودون وكأنه لا وجود لدولة اسمها العراق، وهي تعلن بشكل واضح أن لديها خلايا نائمة في العراق والكثير من دول المنطقة تستطيع بموجبها أن تشوش على الآخرين، كما أنها بدأت توحي بأنها هي التي تواجه (القاعدة) و(داعش)».
ويشكل الدعم الإيراني للعراق ضد «داعش» مثالا واضحا لحجم نفوذ طهران في العراق. فالمسلحون الشيعة الذين تدعمهم طهران أصبحوا القوة الرئيسية التي تتصدى لـ«داعش» منذ أن هرب جنود الجيش العراقي من الخدمة بأعداد كبيرة في الصيف الماضي. واتحدت عشرات من الجماعات شبه العسكرية في كيان تكتنفه السرية تابع للحكومة العراقية تحت اسم لجنة الحشد الشعبي.
وحتى الآن لم يعرف الكثير عن هذه اللجنة. ولكن في سلسلة من المقابلات مع وكالة رويترز تحدثت شخصيات عراقية بارزة من اللجنة بالتفصيل عن سبل تعاون الفصائل شبه العسكرية وبغداد وإيران والدور الذي يلعبه مستشارون إيرانيون داخل هذه اللجنة وعلى خطوط المواجهة.
وقال هادي العامري زعيم منظمة بدر إن أغلبية أعضاء المنظمة «الكثير منا يعتقد أن السيد خامنئي متوفرة به شروط القيادة الإسلامية. ولذلك هو قائد ليس للإيرانيين وإنما قائد للأمة الإسلامية. أنا معتقد ذلك وأفتخر بهذا الاعتقاد». وأصر على أنه ليس هناك تضارب بين دوره كزعيم سياسي عراقي وقائد عسكري وولائه الديني لخامنئي، مضيفا أن خامنئي «يضع مصلحة العراق كعراقي مقدمة على كل شيء».
ويرأس هيئة الحشد الشعبي جمال جعفر محمد الملقب بأبي مهدي المهندس وهو قائد سابق في منظمة بدر. ويقول مسؤولون عراقيون إن المهندس هو الذراع الأيمن لقاسم سليماني قائد فيلق القدس وهو جزء من الحرس الثوري الإيراني. وقال معين الكاظمي أحد قادة منظمة بدر في غرب بغداد إن الصداقة التي تربط بين المهندس وسليماني والعامري منذ 20 عاما «ساعدت بشكل كبير في تنظيم صفوف الحشد الشعبي وإنشاء قوة عملت على تحقيق نصر عجز عن تحقيقه 250 ألف جندي عراقي و600 ألف شرطي من وزارة الداخلية». وأضاف أن فريق القيادة الرئيسي يتشاور عادة لمدة 3 أو 4 أسابيع قبل أي حملات عسكرية كبيرة. وتابع أن سليماني «يشارك في مركز قيادة العمليات من وقت ابتداء المعركة وحتى انتهائها وآخر شيء يفعله هو زيارة جرحى المعارك في المستشفى».
وأرسل الإيرانيون أيضا قوات. وقال مسؤولون أكراد إنه عندما اقترب مقاتلو «داعش» من الحدود مع إيران الصيف الماضي أرسلت طهران وحدات مدفعية لقتالهم. وقال فريد اسرسد، المسؤول الكبير في إقليم كردستان العراق، إن القوات الإيرانية كثيرا ما تعمل مع القوات العراقية مضيفا أن جنود البيشمركة الأكراد في شمال العراق تعاملوا «مع الأمور الفنية مثل التعرف على الأهداف في المعركة ولكن الإيرانيين كانوا يتولون أمر إطلاق الصواريخ ونيران المدفعية».
بدوره، قال الكاظمي إن المستشارين الإيرانيين في العراق ساعدوا في كل شيء من التكتيكات إلى تزويد الفصائل شبه العسكرية بقدرات خاصة مثل الطائرات بلا طيار والاتصالات بما في ذلك المراقبة الإلكترونية والاتصالات اللاسلكية، مضيفا أن «الأميركيين كانوا موجودين طيلة هذه السنين مع الجيش العراقي ولم يعلموهم مطلقا كيفية استخدام الطائرات المسيرة أو كيفية استعمال وتشغيل شبكة متطورة من الاتصالات أو كيفية اعتراض اتصالات العدو».
من بين الفصائل الشيعية التي تظهر نفوذ إيران في العراق «سرايا الخراساني» التي تشكلت عام 2013 استجابة لدعوة خامنئي للقتال في سوريا ثم بعد ذلك في العراق. ويقع مقر سرايا الخراساني في شرق بغداد داخل مجمع حكومي يضم مكاتب وزراء وأعضاء في البرلمان. ويصف قائدها علي الياسري الجماعة ومنظمة بدر وجماعات أخرى بـ«روح» لجنة الحشد الشعبي العراقية.
لكن لا يتفق الجميع معه في الرأي. فقد انتقد مسؤول شيعي كبير في الحكومة العراقية سرايا الخراساني وجماعات أخرى قائلا إنها ليست سوى أدوات في يد طهران. وأضاف: «إنها جماعة إيرانية الصنع (..) وهي فعالة للغاية بسبب علاقاتها الوثيقة بالإيرانيين من أجل الحصول على أسلحة وذخيرة».



الجيش الأميركي يؤكد «تدمير» ميناء رأس عيسى... والحوثيون يعلنون ارتفاع حصيلة القتلى

أرشيفية لقصف إسرائيلي سابق على ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة
أرشيفية لقصف إسرائيلي سابق على ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة
TT
20

الجيش الأميركي يؤكد «تدمير» ميناء رأس عيسى... والحوثيون يعلنون ارتفاع حصيلة القتلى

أرشيفية لقصف إسرائيلي سابق على ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة
أرشيفية لقصف إسرائيلي سابق على ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة

أعلن الحوثيون في اليمن الجمعة ارتفاع حصيلة الضربة الأميركية على ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر إلى 38 قتيلاً وأكثر من مائة جريح، مما يجعله من أكثر الأيام تسجيلاً للقتلى منذ بدأت الولايات المتحدة هجماتها على الجماعة المتحالفة مع إيران. وأفادت قناة المسيرة التابعة للحوثيين نقلاً عن مكتب الصحة في الحديدة بغرب اليمن عن «استشهاد 38 عاملاً وموظفاً وإصابة 102 آخرين في حصيلة غير نهائية لجريمة العدوان الأميركي على منشأة رأس عيسى النفطية».

مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وفي لقطات بثتها قناة المسيرة التابعة للحوثيين فجر الجمعة وقدمتها على أنها «أولى صور العدوان الأميركي» على الميناء النفطي، أضاءت كرة من النار المنطقة التي توجد فيها سفن، بينما ارتفعت أعمدة كثيفة من الدخان فوق ما يبدو أنه حريق. وأعلن الحوثيون عن مظاهرات الجمعة ضد الضربات الأميركية ولنصرة الفلسطينيين في غزة.

وفي المقابل، أعلن الجيش الأميركي أن قواته دمّرت الخميس ميناء رأس عيسى النفطي في اليمن، وذلك في إطار قطع الإمداد والتمويل عن الحوثيين. وجاء في بيان للقيادة العسكرية المركزية الأميركية على منصة «إكس» أن «قوات أميركية تحرّكت للقضاء على هذا (المرفق الذي يشكل) مصدر وقود للإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران وحرمانهم من إيرادات غير مشروعة تموّل جهودهم لإرهاب المنطقة بأسرها منذ أكثر من عشر سنوات».

وتتعرض مناطق الحوثيين في اليمن لغارات شبه يومية يحملون الولايات المتحدة مسؤوليتها، منذ أن أعلنت واشنطن في 15 مارس (آذار) إطلاق عملية عسكرية ضدهم لوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

أحد أتباع الجماعة الحوثية يعاين آثار ضربة أميركية استهدفت موقعاً في صنعاء (إ.ب.أ)
أحد أتباع الجماعة الحوثية يعاين آثار ضربة أميركية استهدفت موقعاً في صنعاء (إ.ب.أ)

وجاءت الحملة الجوية الأميركية عقب تهديد الحوثيين باستئناف هجماتهم ضد الملاحة الدولية بعدما قطعت إسرائيل كل الإمدادات عن غزة واستأنفت هجومها على القطاع الفلسطيني في 18 مارس، منهية بذلك هدنة استمرت شهرين. ومنذ 15 مارس، استأنف الحوثيون أيضاً هجماتهم على السفن العسكرية الأميركية وإسرائيل، قائلين إن ذلك يأتي تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة. منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة إثر هجوم الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّ الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية ضدّ الدولة العبرية وضدّ سفن في البحر الأحمر يقولون إنها على ارتباط بها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مرة جديدة صباح الجمعة اعتراض صاروخ أطلق من اليمن. وتوعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحوثيين بالقضاء عليهم، محذّراً طهران من مواصلة دعمهم. وأعلنت الولايات المتحدة الخميس فرض عقوبات على مصرف يمني تشمل كبار مسؤوليه، مشيرة إلى دعم المؤسسة للحوثيين.

المقر الرئيسي لبنك اليمن الدولي في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)
المقر الرئيسي لبنك اليمن الدولي في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن فرض العقوبات على «بنك اليمن الدولي» يشكّل استكمالاً للجهود الحكومية الرامية إلى «وقف هجمات الحوثيين المدعومين من إيران ضد السفن التجارية في البحر الأحمر». وأعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو مساء الخميس أن «فرقاطة فرنسية دمرت طائرة دون طيار أطلقت من اليمن». وأضاف عبر منصة «إكس»: «جيوشنا تواصل التزامها لضمان حرية الحركة البحرية».