«كلب آلي» لمساعدة المكفوفين

أحد المتطوعين يقوم بتجربة كلب التوجيه الآلي (جامعة كاليفورنيا)
أحد المتطوعين يقوم بتجربة كلب التوجيه الآلي (جامعة كاليفورنيا)
TT

«كلب آلي» لمساعدة المكفوفين

أحد المتطوعين يقوم بتجربة كلب التوجيه الآلي (جامعة كاليفورنيا)
أحد المتطوعين يقوم بتجربة كلب التوجيه الآلي (جامعة كاليفورنيا)

لعبت كلاب الإرشاد، وهي كلاب تم تدريبها لمساعدة البشر على التحرك في بيئاتهم، دوراً مهماً في المجتمع لعقود كثيرة. وفي الواقع، أثبتت هذه الحيوانات المدربة تدريباً عالياً أنها مساعِدة قيمة للأفراد ضعاف البصر، مما يسمح لهم بالتنقل بأمان في البيئات الداخلية والخارجية.
وابتكر باحثون في «مجموعة الروبوتات الهجينة» التابعة لجامعة كاليفورنيا الأميركية مؤخراً روبوتاً رباعي الأرجل مزوداً بمقود يمكن أن يلعب دور كلب إرشادي، ويمكن لهذا الروبوت المقدم على موقع ما قبل نشر الأبحاث «arXiv» أن يساعد البشر على التنقل بأمان في البيئات الداخلية دون الاصطدام بالأشياء والجدران والعقبات الأخرى.
يقول زونجيو لي، الباحث في «مجموعة الروبوتات الهجينة» التابع لجامعة كاليفورنيا في بيركلي، الذي أجرى الدراسة، في تقرير نشره موقع «تيك إكسبلور» يوم 27 أبريل (نيسان) الحالي: «عادة ما يحتاج الكلب الإرشادي حسن التصرف إلى أن يتم اختياره وتدريبه بشكل فردي. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن نقل المهارات من كلب إلى آخر، وهذا يجعل تدريب الكلاب المرشدة يستغرق وقتاً طويلاً، ويحتاج إلى عمالة كثيفة، كما أن العملية ليست قابلة للتطوير بسهولة. وعلى العكس من ذلك، يمكن أن تكون الخوارزميات التي تم تطويرها في كلب توجيه آلي واحد سهلة النشر في روبوت آخر».
وأصبحت الروبوتات الرباعية الأرجل أكثر تعقيداً خلال السنوات القليلة الماضية، وأصبح كثير من هذه الروبوتات أيضاً أكثر سهولة من حيث تصنيعها على نطاق واسع.
ونظراً لأن الروبوتات الرباعية الأرجل تشبه الكلاب من حيث الشكل والحجم، فقد تكون بدائل مثالية للكلاب الإرشادية، وقد يكون من الأسهل على البشر قبولها في المجتمع أكثر من الأنظمة الروبوتية الأخرى.
يقول لي: «قررنا متابعة استخدام الروبوتات الرباعية الأرجل، بصفتها كلاباً إرشادية للأشخاص المعاقين بصرياً، ويعتمد كلب التوجيه الخاص بنا على روبوت رباعي الأرجل يسمى (ميني شيتا) مجهز بأداة لاستشعار البيئة، وكاميرا لتتبع وضع الإنسان الذي يقوده، ومقود لتوجيه الناس».
وتعتمد معظم الأنظمة المطورة سابقاً لتوجيه الأفراد المكفوفين على أذرع روبوتية صلبة تكتشف العقبات، وتساعد البشر على التحايل عليها.
ومن ناحية أخرى، فإن كلب التوجيه الآلي الذي ابتكره لي وزملاؤه مرتبط بمقود مرن يمكن أن يكون إما مشدوداً (أي مشدوداً بإحكام) أو مرتخياً (أي فضفاضاً).
ويتيح استخدام المقود بدلاً من الهيكل الصلب مزيداً من المرونة في الحركات والمواقف المشتركة لـ«فريق» الإنسان الآلي في أثناء التنقل في بيئة معينة.
وبالإضافة إلى إنشاء كلب التوجيه الآلي الجديد، طور لي وزملاؤه نموذجاً هجيناً للتفاعل الجسدي بين الإنسان والروبوت يصف العلاقات الديناميكية بين الكلب الآلي والمستخدم البشري في أثناء العملية.
وباستخدام هذا النموذج، طور الباحثون بعد ذلك مخططاً تفاعلياً يمكنه التبديل بين أوضاع المقود المشدود والركود لتوجيه المستخدمين البشريين بشكل أكثر فاعلية في الأماكن الضيقة.
وأوضح لي: «على سبيل المثال، عندما يدخل النظام البشري الذي يقود الإنسان الآلي في مساحة ضيقة، مثل زاوية ممر، يمكن للروبوت أن يترك المقود يتراخى، وهذا يمكن الروبوت من تغيير وضعيته وإعادة توجيه نفسه دون التأثير بشكل مباشر على وضع الإنسان. وبعد ذلك، يمكن للروبوت أن يترك المقود مشدوداً لقيادة الإنسان عبر هذه المنطقة المحصورة».
وقام لي وزملاؤه بتقييم النظام الذي طوروه في سلسلة من التجارب الواقعية، حيث كان على كلب التوجيه الآلي أن يوجه شخصاً معصوب العينين إلى موقع معين، مع تجنب الحوادث والاصطدامات مع العوائق القريبة.
وكانت نتائج هذه الاختبارات واعدة للغاية، حيث نجح الروبوت في توجيه المشاركين إلى الموقع المطلوب دون أي اصطدامات، ويمكن أن يساعد كلب التوجيه الآلي، وهو الذي يأتي أيضاً مع مجموعة أجهزة استشعار متكاملة وخوارزميات تخطيط المسار، في نهاية المطاف الأفراد المكفوفين على التنقل بأمان في البيئات الداخلية المزدحمة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.