الدبيبة يرحب بمشاركة كل شركاء ليبيا في إعادة الإعمار

زيارة مفاجئة لوزير خارجية قطر... وتركيا تتمسك بوجودها العسكري واتفاق ترسيم الحدود

رئيس الحكومة الليبية خلال المحادثات مع وزير الخارجية القطري في طرابلس أمس (رويترز)
رئيس الحكومة الليبية خلال المحادثات مع وزير الخارجية القطري في طرابلس أمس (رويترز)
TT

الدبيبة يرحب بمشاركة كل شركاء ليبيا في إعادة الإعمار

رئيس الحكومة الليبية خلال المحادثات مع وزير الخارجية القطري في طرابلس أمس (رويترز)
رئيس الحكومة الليبية خلال المحادثات مع وزير الخارجية القطري في طرابلس أمس (رويترز)

دشن رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة ونظيره التونسي هشام المشيشي، أمس، فعاليات المنتدى والمعرض الاقتصادي الليبي - التونسي الذي يستمر 3 أيام على أرض معرض طرابلس الدولي بحضور عدد من وزراء البلدين، وبمشاركة أكثر من 170 شركة من مختلف القطاعات، إلى جانب 1200 رجل أعمال.
ودعا الدبيبة إلى تكثيف التواصل وعقد المنتديات الاقتصادية، بما يسهم في تحقيق التنمية والإعمار، ويفتح مجالات واسعة للتعاون في البلدين. وقال في كلمة لدى افتتاح أعمال المنتدى: «هذا الموقع كان بالأمس يتلقى صواريخ من السماء، واليوم نرى الليبيين محتفلين بإعادة هذا الشريان الحيوي». وبعدما رحّب بكل شركاء ليبيا في البناء والتنمية والإعمار، أضاف: «لا نريد الدمار بعد اليوم. نريد الإعمار وليصبح عنوان ليبيا الأمن والاستقرار».
من جهته، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إن اجتماعه برئيس الحكومة التونسي والوفد المرافق له، تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتأكيد على أهمية تعميق التشاور السياسي والاقتصادي بين البلدين.
وعلى هامش زيارة المشيشي، ناقشت جلسة مباحثات أمنية ليبية - تونسية، في طرابلس، أمس، تسهيل حركة عبور المسافرين بين البلدين عبر المنافذ الجوية والبرية، وإمكانية فتح مسارات جديدة بالمنافذ البرية للحد من الازدحامات بهذه المعابر، وتسهيل حركة تنقل البضائع التجارية بين البلدين.
كما ناقشا ملف تبادل المعلومات حول المطلوبين والموقوفين في كلا البلدين، بالإضافة إلى التطرق إلى قضايا التهريب وتداعياتها على أمن البلدين.
بدوره، وصل نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى طرابلس، أمس، في زيارة مفاجئة لم يسبق التنويه عنها؛ حيث التقى الدبيبة ووزيرة خارجية حكومة الوحدة نجلاء المنقوش. وقال الدبيبة إن الاجتماع الذي حضره عدد من الوزراء، بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يحقق تطلعات الشعبين.
ودافع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، عن الوجود العسكري لتركيا على الأراضي الليبية، وادعى في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن وجود قوات عسكرية تركية في البلاد هو «أمر شرعي يستند إلى اتفاقيات موقعة مع الحكومة السابقة». ودعا إلى التفريق بين ما وصفه بـ«وجود عسكري شرعي» وبين «وجود آخر غير شرعي، دخل البلاد بلا اتفاق، ولا يمكن إخراجه إلا بالقوة».
وكرر المشري اعتراضه على مطالبة وزيرة الخارجية بانسحاب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، وزعم أنها «تساوى بذلك بين الجميع». وتزامنت هذه التصريحات مع محادثات أجراها، مساء أول من أمس، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا يان كوبيش مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
واختتم كوبيش، أمس، زيارة لتركيا تلبية لدعوة من جاويش أوغلو، وأجريا مباحثات في أنطاليا (جنوب تركيا) تناولت «الخطوات التي يمكن أن يتخذها المجتمع الدولي من أجل دعم حكومة الوحدة الوطنية وعملية التسوية السياسية في ليبيا». وقال جاويش أوغلو عبر «تويتر»: «بحثنا آخر المستجدات في ليبيا».
وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن «جاويش أوغلو جدّد دعم تركيا لحكومة الوحدة الوطنية الليبية وتمسكها في الوقت ذاته بالتفاهمات الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة برئاسة فائز السراج، وفي مقدمتها مذكرتا التفاهم في مجالي التعاون العسكري والأمني وترسيم الحدود البحرية الموقعتان في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019».
وسبق أن أكدت تركيا أن وجودها العسكري في ليبيا «يهدف إلى تأمين الاستقرار وتدريب القوات الليبية»، وأنها لن تسحب مستشاريها العسكريين من طرابلس وتتمسك بالتفاهمات الموقعة مع حكومة السراج وتنفيذها.
ودفعت تركيا في إطار مذكرة التفاهم في مجال التعاون العسكري والأمني بقوات تابعة لها، فضلاً عن نحو 20 ألفاً من المرتزقة من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها في شمال سوريا، لدعم قوات حكومة الوفاق، وقامت بعد ضغوط دولية بسحب جانب من المرتزقة، إلا أنها لا تزال تحتفظ بنحو 11 ألفاً منهم هناك، فضلاً عن مركز للتنسيق العسكري التركي - الليبي في طرابلس والسيطرة على قاعدتي الوطية الجوية ومصراته البحرية. وطالبت حكومة الوحدة الوطنية تركيا والمجتمع الدولي بدعمها في عمليات سحب القوات والمقاتلين الأجانب المرتزقة. إلا أن تركيا تتمسك بوجودها العسكري.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم