مدينة غوما تنجو من حمم بركان ثائر... والآلاف يلجأون إلى رواندا المجاورة

ألسنة لهب انفجرت دون إنذار وأرعبت السكان

سكان يغادرون منازلهم في غوما بعد انفجار بركان أمس (أ.ف.ب)
سكان يغادرون منازلهم في غوما بعد انفجار بركان أمس (أ.ف.ب)
TT

مدينة غوما تنجو من حمم بركان ثائر... والآلاف يلجأون إلى رواندا المجاورة

سكان يغادرون منازلهم في غوما بعد انفجار بركان أمس (أ.ف.ب)
سكان يغادرون منازلهم في غوما بعد انفجار بركان أمس (أ.ف.ب)

أعلنت سلطات الكونغو الديمقراطية، صباح أمس (الأحد)، أن مدينة غوما الواقعة في شرق البلاد «نجت» من الحمم التي أطلقها البركان نيراغونغو بعد انفجاره مساء السبت، وتوقفت في ضواحي المدينة، بينما يشعر السكان بالخوف من ثوران البركان مجدداً.
وقال الحاكم العسكري للمنطقة، الجنرال كونستان نديما، في تسجيل صوتي قصير موجّه إلى السكان عبر وسائل الإعلام العامة إن «الحمم توقفت عند بوهيني على مشارف غوما»، مؤكداً أن «المدينة نجت»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. تشكل بوهيني حدود المدينة مع أرض نيراغونغو المجاورة التي جرفت الحمم الكثير من المنازل في عدد من قراها. وقال الجنرال إن «الحمم دمرت منازل» في بوهيني من دون أن يذكر تقديرات لحجم هذا الدمار.
وأضاف الجنرال نديما الذي يقود إقليم شمال كيفو منذ إعلان حالة الحصار في المنطقة في السادس من مايو (أيار) لمكافحة المجموعات المسلحة أن «الحصيلة غير النهائية للضحايا هي خمسة قتلى في حوادث خلال نزوح السكان». وأوضح أنه «سُجلت سرقات من المحلات التجارية ومحاولة لهروب سجناء» في سجن المدينة، لكن «الوضع تحت السيطرة». وأضاف أن «أكثر من سبعة آلاف شخص عبروا الحدود إلى رواندا. وقد بدأوا بالعودة إلى المدينة» منذ صباح أمس. وأضاف أن السكان الذين فروا باتجاه الجنوب الغربي باتجاه ساكي في منطقة ماسيسي «بدأوا أيضا بالعودة إلى وسط المدينة». وأوضح أن اجتماع أزمة كبيراً عُقد بحضور بعثة الأمم المتحدة في البلاد والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية ولجنة الأمن الإقليمية ومجلس المدينة، بهدف «تقييم الوضع».
وشعر سكان غوما فجر أمس بعدد من الزلازل. وقال أحد السكان إن «بعض الأشخاص بدأوا يعودون إلى بيوتهم والوضع أقرب إلى الهدوء الآن». وتدارك: «لكن السكان ما زالوا خائفين ومربكين لأن السلطات لم تُصدر أي بيان أمس».
وكان وصول سيل من الحمم البركانية إلى تخوم غوما بعد انفجار بركان نيراغونغو، الذي يشرف على المدينة، من دون إنذار مسبق أدى إلى هرب السكان بالآلاف وسط حالة من الهلع، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال مسؤول في محمية فيرونغا، حيث يقع البركان ليل السبت إلى الأحد إن الحمم «وصلت إلى مطار غوما الذي يقع في الضاحية الشمالية الشرقية للمدينة التي تمتد بين الحدود الرواندية وشواطئ البحيرة».
وكان آخر ثوران كبير لبركان نيراغونغو قد حدث في 17 يناير (كانون الثاني) 2002، وقد تسبب حينذاك بمقتل أكثر من مائة شخص وغطّت الحمم خلاله الجزء الشرقي من غوما بأكمله، بما في ذلك نصف مدرج المطار. وتدفقت الحمم بعد ذلك ببطء نحو المدينة التي قسمتها لتكمل مسارها إلى بحيرة كيفو.
وانفجر البركان من دون أي إنذار مسبق. وبدأ لهب أحمر يخرج من فوهته وانتشرت رائحة الكبريت في غوما الواقعة على السفح الجنوبي للبركان على ضفاف بحيرة كيفو. وأثار هذا النشاط البركاني المفاجئ على الفور قلق السكان المعتادين على ثوران البركان وإن لم يروا أي تدفق للحمم أو يشعروا بزلزال. وصرح أحد السكان لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «السماء أصبحت حمراء»، وتحدث عن «شعلات لهب هائلة تخرج من الجبل».
وأعلن الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي أنه «قرر قطع إقامته في أوروبا للعودة إلى البلاد من أجل الإشراف على تنسيق المساعدات للسكان في المناطق المهددة» بانفجار البركان. وقُطع التيار الكهربائي عن جزء كبير من المدينة وتوجه آلاف السكان معظمهم في عائلات إلى الحدود الرواندية القريبة في حالة من الفوضى، وسيراً على الأقدام أو بدراجات نارية وسيارات.
وعلى مر الساعات ومع تزايد خطورة الوضع، تضخم حشد الفارين وقد حملوا فرشهم على رؤوسهم وطروداً وأطفالاً بأذرعهم، بينما تطلق السيارات أبواقها. وتوجه السكان إلى المركز الحدودي مع رواندا في الجزء الجنوبي من المدينة أو غرباً إلى ساكي باتجاه منطقة ماسيسي الكونغولية. وتقع غوما بجوار الحدود و«الحاجز الكبير»، أي المعبر الحدودي الرئيسي بين البلدين في جنوب المدينة.
وقال ساكن اصطحب عائلته في سيارته على طريق ماسيسي متوجهاً إلى ساكي: «هناك عدد كبير من الناس على الطريق وكثير من السيارات. إنه هروب». وأضاف أن «السير يجري ببطء على ثلاثة أو أربعة صفوف. السيارات محمّلة بالأمتعة الشخصية وتحمل الفرش في صناديقها أو على أسطحها». وتابع: «هناك أطفال ونساء وشيوخ على الأقدام والأمطار تهطل»، مؤكداً أن «الوضع معقد».
ولجأ آلاف الأشخاص ليل السبت إلى الأحد إلى مدينة روبافو الحدودية (غيسيني سابقاً) في رواندا. وتجري العمليات بشكل منظم، إذ يتم إيواء القادمين في الملعب الرياضي وفي المدارس. وينام كثيرون على الأرض في ضواحي المدينة. وقال السفير الرواندي في الكونغو الديمقراطية، فنسنت كاريغا، في تغريدة على «تويتر» إن «الحدود الرواندية مفتوحة واستقبال جيراننا يجري بهدوء».
ويبلغ عدد سكان مدينة غوما نحو 600 ألف نسمة. وهي عاصمة إقليم شمال كيفو الذي يشهد اضطرابات ناجمة عن انتشار مجموعات مسلحة عديدة. ولدى انفجار البركان في 2002، كان معظم الضحايا من المرضى أو المسنين أو العاجزين الذين تُركوا في الأحياء الشمالية للمدينة. كما حدثت أعمال نهب.
وتتمركز في غوما وحدة كبيرة من قوة حفظ السلام وكثير من موظفي بعثة الأمم المتحدة في البلاد. وهي قاعدة لعدد من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. وقال مصدر في منظمة للعمل الإنساني إن كثيراً من الطواقم تلقت أوامر بالتجمع في مقراها أو «دور الضيافة». وقال مصدر بالمطار إن طائرات عدة متمركزة في المطار وتابعة لبعثة الأمم المتحدة أو لشركات خاصة أقلعت مساءً لإخلائه.
وغوما المجاورة لأوغندا هي منطقة نشاط بركاني مكثف. وهي تضم ستة براكين بينها نيراغونغو ونياموراجيرا التي تقع قمتهما على ارتفاع 3470 متراً و3058 متراً على التوالي. وحدث أسوأ ثوران لنيراغونغو في 1977 وأسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص.


مقالات ذات صلة

ثوران بركان يلغي رحلات جوية في نيوزيلندا

يوميات الشرق الدخان يتصاعد من بركان جزيرة وايت في نيوزيلندا (أ.ف.ب)

ثوران بركان يلغي رحلات جوية في نيوزيلندا

تسبب ثوران بركان في نيوزيلندا في إلغاء عدد من الرحلات الجوية، اليوم (الخميس)، في حين حذر علماء من احتمال استمرار الثوران «لأسابيع أو أشهر» مقبلة.

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
آسيا في هذه الصورة المنشورة التي التقطتها الوكالة الجيولوجية ونشرتها في 6 يونيو 2024 يلمع البرق أثناء ثوران الحمم البركانية من فوهة جبل إيبو (أ.ف.ب)

إندونيسيا... بركان جبل إيبو يثور مرتين ويقذف بالحمم (صور)

أعلن مركز علم البراكين والتخفيف من آثار الكوارث الجيولوجية بإندونيسيا أن بركان جبل إيبو ثار مجدداً اليوم (الخميس) وقذف بحمم وصخور، بحسب «رويترز».

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
آسيا بركان جبل إيبو في إندونيسيا ينفث دخاناً (رويترز)

بركان جبل إيبو في إندونيسيا يثور... وتحذير من فيضانات وحمم

ثار بركان جبل إيبو في إندونيسيا وحذرت الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث من احتمال حدوث فيضانات مفاجئة وتدفق حمم...

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا المناطق المتضررة من الفيضانات والحمم الباردة في غرب سومطرة (إ.ب.أ)

الحمم البركانية الباردة والفيضانات تخلف 41 قتيلاً في سومطرة بإندونيسيا

قال مسؤول كبير في وكالة إدارة الكوارث المحلية إن حصيلة الفيضانات وتدفقات الحمم الباردة في جزيرة سومطرة بغرب إندونيسيا ارتفعت إلى 41 متوفّى و17 مفقوداً

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا بركان روانف ينفث رماداً (رويترز)

روانغ الإندونيسية جزيرة أشباح عقب ثوران بركاني

من المقرر أن تنقل إندونيسيا بشكل دائم سكان جزيرة في إقليم سولاوسي الشمالي بسبب ثوران بركان يهدد سلامتهم.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

أكثر من 20 قتيلاً بقصف مُسيَّرات شمال مالي

عناصر من الجيش المالي في حالة استنفار (متداولة)
عناصر من الجيش المالي في حالة استنفار (متداولة)
TT

أكثر من 20 قتيلاً بقصف مُسيَّرات شمال مالي

عناصر من الجيش المالي في حالة استنفار (متداولة)
عناصر من الجيش المالي في حالة استنفار (متداولة)

أعلن الجيش المالي أنه نفَّذَ طلعات جوية وقصفاً لمنطقة في أقصى شمال شرقي البلاد، على الحدود مع الجزائر، أسفرت عن مقتل نحو 20 ممن وصفهم بأنهم «مسلحون إرهابيون»، بينما قالت الحركات المتمردة إن القصف استهدف المدنيين، وسقط فيه 26 من الأطفال والنساء الفارين من المعارك.

ووقع القصف يوم الأحد في محيط قرية تينزواتين، المحاذية للحدود المالية– الجزائرية، وهي التي وقعت فيها معارك نهاية يوليو (تموز) الماضي، بين المتمردين الطوارق والعرب من جهة، والجيش المالي و«فاغنر» من جهة أخرى، وانتهت بالقضاء على وحدة كاملة من الجيش المالي، ومقتل عشرات من مقاتلي «فاغنر».

ومع نهاية تلك المعارك، أعلن الجيش المالي أنه انسحب تكتيكياً، ولكنه لن يتوقف عن محاولة السيطرة على القرية التي تعد من آخر معاقل المتمردين الطوارق والعرب المتحالفين في «الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي»، وهي حركات تسعى لاستقلال إقليم أزواد في شمال مالي.

صور نشرها متمردون لأطفال قالوا إنهم قُتلوا في قصف مُسيَّرات تابعة للجيش المالي (المصدر: متمردون)

واستأنف الجيش المالي أعماله العسكرية ضد المتمردين بضربات جوية خاطفة، شنها يوم الأحد الماضي، وقال في بيان صادر أمس (الاثنين) إنه ضرب «أهدافاً إرهابية» وأردى «نحو عشرين مسلحاً».

وأوضح الجيش المالي في بيان صحافي، أن «مهمة استطلاع هجومية أتاحت رصد وتحديد هوية شاحنات صغيرة محملة بالعتاد الحربي، ومتمركزة بعناية في باحة عقار بتينزواتين»؛ مشيراً إلى أنه «بعد مراقبة دقيقة، تمكنت سلسلة ضربات من تدمير هذه الأهداف الإرهابية، وتحييد نحو 20 مسلحاً».

وأصدر الجيش المالي بياناً آخر قال فيه إن دورية تابعة له كانت تتحرك في المنطقة نفسها، وتحديداً في الطريق الرابط بين آنفيس وتساليت، عثرت على سيارتين عابرتين للصحراء، محملتين بالأسلحة والذخيرة.

وأضاف الجيش أن السيارتين تتبعان واحدة من «الجماعات الإرهابية»؛ مشيراً إلى أنه بعد مراقبة دقيقة للسيارتين، صدرت أوامر بتدخل سلاح الجو من أجل تدمير السيارتين والعتاد والأسلحة، وهو ما أكد الجيش أنه «تم بدقة عالية».

الرواية الأخرى

على صعيد آخر، قالت مصادر محلية إن القصف الأخير نفَّذته طائرات مُسيَّرة، وتجاوز عدد ضحاياه العشرين شخصاً، كان من بينهم أطفال، على حد تعبير ناشطين في الحركات المتمردة، ومسؤول محلي، ومسؤول في منظمة غير حكومية محلية، متحدثين إلى «وكالة الصحافة الفرنسية».

في غضون ذلك، قال الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي، إن حصيلة مؤقتة تشير إلى أن غارات الجيش أسفرت عن مقتل 21 شخصاً، بينهم 11 طفلاً. ودان الإطار الاستراتيجي الغارات بشدة، واصفاً ما حدث بأنه «إرهاب الدولة في مواجهة المدنيين العزل».

قوات «إيكواس» خلال تأديتها مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية- رويترز)

وقال الإطار الاستراتيجي الذي يمثلُ المتمردين على الحكومة المركزية في باماكو، إن الغارة الأولى استهدفت مبنى صيدلية وعيادة متواضعة، قُتل خلالها صاحب العيادة، قبل أن تعود المُسيَّرة لتقصف التجمع حول القصف الأول، وكان أغلب الحاضرين من الأطفال.

وحسب رواية المتمردين، فإن الضحايا كان من بينهم أجانب ينحدرون من دول المنطقة، وخصوصاً من تشاد، هذا بالإضافة إلى عدد من الجرحى، بينما لم تصدر أي حصيلة رسمية ونهائية للقصف، وسط تضارب واسع في الروايات.

وطلب الإطار الاستراتيجي من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ودول الجوار «إدانة هذا العمل، وتقديم الجناة لمحكمة العدل الدولية»، وفق تعبيره.

ووقع القصف في قرية صغيرة تدعى إخربان، وهي عبارة عن مركز للتبادل التجاري وسط الصحراء، غير بعيد من الحدود بين مالي والجزائر، وهي المنطقة نفسها التي تعيش منذ أشهر حالة حرب مفتوحة بين الحركات المسلحة المتمردة من جهة، والجيش المالي المدعوم بـ«فاغنر» من جهة أخرى.