«الجنائية الدولية» تبدأ محاكمة «كوشيب» اليوم

TT

«الجنائية الدولية» تبدأ محاكمة «كوشيب» اليوم

تنظر المحكمة الجنائية الدولية في التهم الموجهة لأحد المطلوبين الماثلين أمامها، لاتخاذ قرار بشأن اعتماد تهم موجهة له بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور قبل نحو عقدين من الزمان، وهو السوداني علي عبد الرحمن الشهير بـ«كوشيب» الذي سلّم نفسه «طوعاً» للمحكمة.
ويمثل «كوشيب» اليوم أمام قضاة المحكمة في لاهاي بهولندا. وتهدف الجلسة التي ستستمر حتى الخميس المقبل، لإقرار التهم الموجهة ضد الرجل الذي يعد أحد خمسة متهمين بينهم الرئيس السابق عمر البشير واثنان من مساعديه.
وقال الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبد الله في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا»، أمس، إن قضاة المحكمة سينظرون في اعتماد التهم الموجهة لكوشيب، وما إذا كان ملف المدعي العام يحتوي أدلة كافية لعقد محاكمة أم لا، وإن المحكمة حال توصلها لقرار بعدم كفاية الأدلة لمواصلة المحاكمة قد تطلق سراحه.
وفي يونيو (حزيران) 2020، سلم «كوشيب» نفسه للمحكمة في أفريقيا الوسطى، ونقل إلى مقر المحكمة في لاهاي، ووضع قيد التوقيف لمواجهة تهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي وجهت له من قبل المدعي العام إبان الحرب في إقليم دارفور السوداني، وصدرت بحقه مذكرة توقيف على إثرها.
ونفى العبد الله ما يتردد من قبل جماعات حقوقية سودانية بأن هناك 51 متهماً من أنصار نظام البشير، وقال إن المطلوبين لدى المحكمة خمسة أشخاص، هم «كوشيب»، والبشير، ووزير الدولة في الداخلية السابق أحمد محمد هارون، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين، إضافة إلى المتمردة عبد الله بندة.
ولم يستبعد العبد الله احتمال إضافة آخرين إلى الخمسة، استناداً إلى الاعترافات المتوقع أن يتقدم بها «كوشيب»، بقوله: «المدعية العامة تأخذ هذه الأدلة والاعترافات وتدقق فيها، وبعد ذلك إذا رأت أنها أدلة كافية، تطلب من قضاة المحكمة الدولية إصدار أوامر بالقبض، أو بحضور هؤلاء الأشخاص الجدد».
ومنذ سقوط النظام في السودان، يقبع البشير وهارون وحسين في السجن ويواجهون اتهامات محلية تصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام، في وقت تضاربت الآراء بشأن تسليمهم إلى الجنائية الدولية، أو محاكمتهم محلياً، وفق القوانين السودانية أو القانون الجنائي الدولي.
وقال العبد الله إن من تحتجزهم الحكومة السودانية يواجهون خياري تسليمهم للمحكمة الجنائية أو محاكمتهم محلياً على نفس الأفعال الجرمية التي تلاحقهم في لاهاي. وتابع «إذا قررت الحكومة السودانية أنها ستحاكمهم بنفسها، فعندها يجوز أن تطلب من المحكمة الجنائية الدولية، أن توقف القضايا أمامها. عندها يقرر قضاة المحكمة الجنائية الدولية، هل يقبلون هذا الطلب ويوقفون القضايا ويتركونها للقضاء الوطني السوداني، أو يرفضونه ويستمرون في السعي لتسليمهم للمحكمة الدولية».
ويواجه «كوشيب» الذي يوصف بأنه زعيم ميليشيا الجنجويد سيئة الصيت أكثر من خمسين اتهاماً، تتضمن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من بينها جرائم قتل واغتصاب ونهب وتعذيب، ارتكبت في إقليم دارفور أثناء القتال بين القوات الحكومية والمتمردين السابقين، وأدت إلى مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد الملايين، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
وفي أبريل (نيسان) 2007، أصدر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق هارون وقائد ميليشيا الجنجويد «علي كوشيب»، بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وألحقت بها في مارس (آذار) 2009 مذكرة ضد البشير، على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وألحقت بها مذكرة قبض ثانية بالإبادة الجماعية في مايو (أيار) 2010، وفي مارس، أصدرت مذكرة توقيف ضد حسين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».