بوادر أزمة بين لندن وبروكسل حول بروتوكول آيرلندا الشمالية

فرنسا حذرت بريطانيا من «التلاعب»... والتجار ينتقدون التعقيدات الإدارية

TT

بوادر أزمة بين لندن وبروكسل حول بروتوكول آيرلندا الشمالية

حذّر وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمان بون، بريطانيا من التلاعب بالقواعد التجارية ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في بروتوكول آيرلندا الشمالية، مع تزايد المخاوف من العنف هذا الصيف.
وقال بون في لاهاي، السبت، أمام مجموعة صغيرة من وسائل الإعلام في ختام محادثات مع وزير الخارجية الهولندي إن على لندن أن تظهر أنها «مسؤولة» بخصوص هذا النص، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف «لا يمكننا قبول وجود لعبة سياسية في قضية بمثل هذه الحساسية»، قائلاً: «إنه جزء أساسي من الاستقرار الأوروبي، لا يمكننا التلاعب بهذا الأمر. لن نتلاعب به أبداً. لكن لا يمكننا قبول أن يتم التعامل مع البروتوكول باستخفاف من قبل أي طرف كان». وأضاف «لذلك أقول فقط، وبالطبع نحن نناقش هذا الأمر مع الجانب البريطاني، لا تتلاعبوا بالبروتوكول».
أدخل بروتوكول آيرلندا الشمالية الذي كان موضع مفاوضات شائكة بين لندن وبروكسل عام 2019، منذ بداية العام ضوابط جمركية على البضائع التي تصل إلى آيرلندا الشمالية من بريطانيا. وهو ضمن معاهدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى تجنب عودة حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي من شأنه أن يضعف اتفاق السلام الذي أنهى عام 1998 ثلاثة عقود من الصراع الدموي بين الوحدويين المتمسكين بالبقاء ضمن العرش البريطاني والجمهوريين المؤيدين لإعادة توحيد الجزيرة. لكن الوحدويين نددوا بإدخال حدود بحكم الأمر الواقع في بحر آيرلندا. أسهم البروتوكول في إثارة أعمال شغب في مطلع أبريل (نيسان) في أحياء وحدوية، مع إصابة 88 شرطياً بجروح، ودفع رئيسة الوزراء أرلين فوستر إلى الاستقالة بسبب مشكلة داخل تنظيمها السياسي الحزب الوحدوي.
ودعا وزير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ديفيد فروست الاثنين الاتحاد الأوروبي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الصعوبات التي يفرضها البروتوكول قبل 12 يوليو (تموز)، الموعد الذي تحيي فيه مسيرات ذكرى هيمنة الحكم البروتستانتي على المقاطعة، وقال: «نعلم جميعاً أن نهاية الربيع والصيف في آيرلندا الشمالية يمكن أن تكون مضطربة أحياناً». في المقابل، رأى بون أن «البروتوكول ليس مشكلة. البروتوكول هو حل لمشاكل الحدود التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
وكان وزير الخارجية الآيرلندي سيمون كوفني استقبل الخميس في دبلن، بون ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ما شكل فرصة لباريس ودبلن لدعوة لندن إلى احترام تعهداتها بشأن آيرلندا الشمالية.
وإلى جانب التحديات السياسية، يطرح البروتوكول عراقيل أمام التجارة بين بريطانيا وآيرلندا الشمالية. فبعد خمسة أشهر من بدء تطبيق اتفاق بريكست، لا يزال روبن ميرسر صاحب سلسلة متاجر متخصصة في مستلزمات الحدائق في آيرلندا الشمالية، غاضباً من القواعد الجديدة التي تنظم التجارة مع المقاطعة البريطانية.
ويقول صاحب متاجر «هيلماونت غاردن سنتر» لوكالة الصحافة الفرنسية: «عادة كنا نحتاج لبضعة أيام لجلب عبوة حبوب من بريطانيا إلى آيرلندا الشمالية. الآن يستلزم الأمر أربعة أسابيع بسبب المعاملات الإدارية».
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد وعد بمبادلات تجارية بدون قيود بين آيرلندا الشمالية وبريطانيا، لكن روبن ميرسر الذي يوظف 70 شخصاً، يؤكد أنه وعد لم يحترم، فالإجراءات الإدارية الجديدة مكلفة من ناحية الوقت والمال فضلاً عن التوتر. ويوضح قائلاً: «تأمين مخزون تحول إلى كابوس حقيقي. لم نتمكن من جلب شتلة واحدة من بريطانيا». ويضيف «لم تبد أي شركة نقل استعداداً لإجراء كل هذه المعاملات. في الواقع بدأنا نشتري شتلات من أوروبا». وهذه المتاجر ليست وحدها التي تعاني من عواقب هذا البروتوكول الخاص بآيرلندا الشمالية التي هي أصلاً المنطقة الأكثر فقراً في المملكة المتحدة. وقدرت جامعة ألستر أن الاقتصاد المحلي انكمش بنسبة 9.6 في المائة في 2020 بسبب جائحة «كورونا».
في الأسابيع الأولى من العام، أدت القواعد الجديدة إلى صعوبات في الإمداد لدرجة فرغت معها رفوف في السوبرماركت. وتحت الضغط، قررت لندن من جانب واحد تأجيل فرض الضوابط الجمركية على البضائع من المملكة المتحدة حتى أكتوبر (تشرين الأول)، وهو قرار دفع الاتحاد الأوروبي لرفع دعوى قضائية. يثير دخول القواعد الجديدة حيز التنفيذ قلق روبن ميرسر، الذي قال: «في نهاية العام سيبدأون بتطبيقها أكثر».



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.