أطفال الحرب اليمنيون

قصص حقيقية عن اختطافهم من قبل الحوثيين

أطفال الحرب اليمنيون
TT

أطفال الحرب اليمنيون

أطفال الحرب اليمنيون

بعد أن كان يحلم بأن يصبح طبيباً يعالج أبناء بلده، وجد الطفل عبد السلام نفسه مع ثلاثة من زملائه يحملون السلاح، ويسيرون وسط الظلام الحالك في أحد الجبال الحدودية بين اليمن والسعودية في رحلة نحو الموت. هذه هي الثيمة الرئيسية في رواية «عبد السلام... من حمل الكتب إلى حمل السلاح» الصادرة حديثاً للكاتب السعودي خالد السعد، التي تسلط الضوء على عملية تجنيد جماعة الحوثي للأطفال في اليمن عبر اختطافهم وتدريبهم، ثم إرسالهم لخطوط الموت الأمامية.
عبد السلام هو الطفل الذي اختطفته الميليشيات الحوثية من مدرسته بالقوة في العاصمة اليمنية صنعاء مع مجموعة من زملائه، واقتيادهم إلى أحد معسكرات التدريب في ضواحي المدينة، دون علم عائلاتهم.
يذكر المؤلف السعد بأن الفكرة جاءته بناء على قصص حقيقية وقف عليها شخصياً، ورأى معاناة الأطفال المغرر بهم كيف يواجهون مصيراً محتوماً إما بالموت أو الأسر.
ويقول في لقاء لنا معه: «وقفت على عشرات القصص لأطفال تم اختطافهم من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، والزج بهم في الخطوط الأمامية دون علمهم أو علم عائلاتهم، ومحاولة أدلجتهم بأفكار طائفية وخرافات لا يمكن تصديقها».
ومن قصة عبد السلام، تنتقل الرواية لتصف لنا معاناة العائلات في البحث عن أبنائها، ومحاولاتهم إقناع جماعة الحوثي بإعادتهم، إلا أن الرد كان دائماً: «لقد حسم الأمر سيتم إرسال أبنائكم للقتال وسنضمن لهم الجنة».
كما تصف الرواية كيفية تدريب الأطفال (عبد السلام وزملاءه) في أحد المعسكرات بالقرب من صنعاء على حمل السلاح، واستخدام القنابل وجهاز اللاسلكي عبر مدرب إيراني، فيما يقوم مشرف حوثي بإخضاعهم لدورات فكرية لإقناعهم بالقتال في صفوف الجماعة.
وفيما توفي أحد الأطفال في المعسكر بعد إهمال حالته الصحية، حسب الرواية، تعرض طفل آخر للموت هو الآخر بعد محاولته الهرب وانفجار أحد الألغام الذي حوله إلى أشلاء.
وتؤكد تقارير رسمية يمنية ودولية قيام جماعة الحوثيين بتجنيد أكثر من 30 ألف طفل وقاصر منذ بداية الحرب.
في «الذهاب إلى الجحيم»، وهو الفصل التالي من الرواية، نتعرف على كيفية إرسال الأطفال، بعد تدريبهم وتجهيزهم بالأسلحة والقنابل وأجهزة الإرسال للخطوط الأمامية المحاذية للمملكة العربية السعودية، في عملية معقدة تتم عبر طرق وعرة وسط ظلام الليل خشية اكتشاف أمرهم.
وفي آخر نقطة قبل الخطوط الأمامية، يرسم المشرف الحوثي أبو حسين، للأطفال خطوط سيرهم نحو النقاط المحددة لهم، مقسماً إياهم إلى مجموعات، طالباً منهم الالتزام بهذه الخطوط وإلا فإن الموت مصيرهم.
لكن عبد السلام وزميليه قرروا بعد مغادرتهم تغيير خط سيرهم أملاً في تجنب مواجهة الموت، وبعد ساعات من السير ليلاً، استطاعوا الوصول بالقرب من نقطة مراقبة سعودية. وتصف الرواية اللحظات الحرجة التي تلت اقتراب عبد السلام من نقطة المراقبة، حيث أعطيت الأوامر بعدم إطلاق النار على الطفل حتى لو بادر هو بذلك، وهو ما فعله حتى نفد منه الرصاص، قبل أن يحاول رمي قنبلة يدوية لكنه تعثر وانفجرت بالقرب منه.
استفاق عبد السلام بعدها في أحد المستشفيات السعودية، حيث تم استخراج الشظايا، وزراعة قوقعة لأذنه بعد أن فقد السمع بسبب قوة الانفجار، ثم تولى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إعادة تأهليه ومواصلة دراسته. وتنتهي الرواية بمفاجأة سارة للطفل عبد السلام بعد لم شمله بعائلته التي استقدمت من اليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي
TT

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

عن مؤسسة أبجد للنشر والترجمة والتوزيع صدر حديثاً كتاب «أقلمة سرد الحيوان» للدكتورة نادية هناوي ويأتي استكمالاً لمشروعها في «الأقلمة السردية»، وكانت قد بدأته بكتابها «أقلمة المرويات التراثية» وأتبعته بكتابين هما «الأقلمة السردية من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر» و«الأقلمة السردية: مخابرها الغربية - مناشئها الشرقية».

ويدور كتاب «أقلمة سرد الحيوان» في إطار النظرية السردية وما يجري في العالم من تطور في مجال دراسات الأقلمة، بغية الإفادة منها في دراسة تراث السرد العربي بكل ما فيه من نظم وتقاليد وأساليب وتقنيات، ترسيخاً لدوره التأصيلي في السرد الحديث والمعاصر، وتدليلاً على عالميته التي ترى المؤلفة أنها قد «حجبت بستر التبعية، بكل ما في الاتباع من تقريع الذات ودفن قابلياتها والتشكيك في قدراتها».

ويدخل هذا النوع من الدراسات في إطار نزعة ما بعد الإنسان التي ساهم بعض المفكرين والنقاد في تعزيزها. وممن تناولهم الكتاب بالدراسة الفيلسوف جاك دريدا بمقالته «الحيوان الذي أكون» وفيها رأى أن الحيوان يملك وجوداً متجانساً ومتناغماً مثلنا، وأن الملايين من الكائنات الأخرى تتطلب منا أن نبدأ في التعامل معها بجدية. واستعاد دريدا ما قاله ميشال دي مونتيني (1533 - 1592) حين كتب اعتذاراً إلى ريموند سيبوند، متسائلاً عن علاقته بقطته. فالقطة كيان حقيقي وتحديقها فيه تأمل وله معنى. أما جان فرنسوا ليوتار فطرح أسئلة كثيرة حول علم الأجناس وما هو غير إنساني وتساءل: «ماذا لو كان البشر بذاك الإدراك الحسي الإنساني في عملية إكراهية لتحويلهم إلى غير البشر؟ ماذا لو كان ما نعرف أنه مناسب للبشر قد أصبح ملائماً لغير البشر؟». ومن جهته افترض فرانسيس فوكوياما في كتابه «مستقبلنا ما بعد البشري» أن الإنسان في أصل تكوينه حيوان ثقافي، ومن المستحيل أن نتحدث عن حقوق الإنسان، وبالتالي عن العدالة والسياسة والفضيلة بصورة أكثر عمومية من دون أن يكون لدينا مفهوم ما عن ماهية البشر كنوع حي. فالبشر أحرار في صوغ سلوكياتهم الخاصة لأنهم حيوانات ثقافية قادرة على تعديل الذات، ومثلما أن الحيوانات تتصارع من أجل البقاء والاعتراف بالغلبة فكذلك البشر يتصارعون.

وتؤكد المؤلفة أن تبني المدرسة الأنجلوأميركية لنزعة ما بعد الإنسان، هو الذي وسّع مدارات علوم السرد ما بعد الكلاسيكية باتجاهات بشرية وغير بشرية، ويعد علم سرد الحيوان واحداً من تلك العلوم المستجدة وميداناً بحثياً يُختبر فيه كل ما هو نظري وإجرائي له صلة بعلاقة الإنسان بالحيوان من جهة ويتقارب أو يتداخل من جهة أخرى مع ميادين علمية أخرى، لعل أهمها علم البيئة من ناحية ما للإنسان من دور رئيس في دمار الطبيعة وتهديد نظامها الإحيائي النباتي والحيواني. ويساهم في ذلك كله ظهور جمعيات ومنظمات تدافع عن البيئة وتدعو إلى الرفق بالحيوان.

في السياق نفسه، صدر حديثاً عن المؤسسة نفسها كتاب آخر للدكتورة نادية هناوي بعنوان «العبور الأجناسي: الأشكال - الأنواع - القضايا»، ويعد الكتاب السادس فيما بحثته المؤلفة في هذه النظرية من قضايا وتفريعات بعد كتبها «نحو نظرية عابرة للأجناس» 2019 و«الطائر المكدود في البحث عن اليقين المفقود لعبد الرحمن طهمازي» 2021 و«غاليانو صياد الكلام والعبور الأجناسي» 2022 و«قصيدة النثر العابرة في مطولات الشاعر منصف الوهايبي» 2024 و«السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر» 2023.